صنعاءنيوز / احمد الشاوش -
الأربعاء, 29-مارس-2023
بقلم/ احمد الشاوش
عندما تتحول الدولة الى مجرد كاميرا اعلامية تلتقط عدداً من الصور لبعض جنود البلدية والموظفين المتهمين بالابتزاز والتسلط وسوء أستخدام السلطة للتعبير عن الضبط والربط والايحاء بالدولة العادلة فأن ذلك في نظر العاقل والحكيم مجرد حالة من الاستعراض والتسويق بصورة قد تأتي بعكس الرسالة السياسية والاعلامية المراد ايصالها الى المواطن ، وتنعكس سلباً على الرئيس ومؤسسات الدولة التي يجب ان تجعل القضاء هو الفيصل في كل شاردة وواردة وان تمارس اختصاصاتها وفقاً للقانون.
واذاكان الرئيس مهدي المشاط بحكم مسؤلياته القانونية والاخلاقية والانسانية قد تأثر كأي مواطن يمني شاهد بالصوت والصورة ، مشهداً رهيباً تجلى في قيام جندي تابع لبلدية صنعاء بضرب الطفل " ايهم" سعيد محمد صالح الزايدي وطرحه على الارض بصورة بشعة أثارة الرأي العام اليمني ، تحت مبررات وحجج واهية الهدف الرئيس منها هو اخذ الاتاوات بالقوة من اصحاب بسطات الخضرة والفواكة الباحثين عن الرزق الشريف بين حرارة الشمس والرياح والامطار ، فإن ذلك الاهتمام الرئاسي يُعد خطوة جيدة وفي الصميم الغاية منه انصاف الضحية وزجر الموظف وتأديب الجندي البلطجي الذي مثل قمة البشاعة والانتهازية ورد الاعتبار للطفل أيهم ووالده وتهدئة الرأي العام اليمني الذي حول الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الى شعلة من الغضب والاستنكار والكراهية لحكومة الانقاذ في صنعاء وانصار الله ، بسبب التصرفات الغوغائية لبعض الموظفين اللصوص والمبتزين الذين نراهم ليل نهار تحت يافطة وصميل الدولة أمام كل بسطة ودكان ومحل وبقالة وسوبر ماركت حولت الاسواق الى حالة من الرعب والباعة البسطاء اشبه بالمجانين والمفلسين.
لكن الحقيقة ان البُعد الآخر للصورة والمشهد الدرامي الرهيب الذي ظهر فيه الرئيس مهدي المشاط داخل مكتبه بقصر الرئاسة والذي تم فيه احضار المتهمين الاربعة من موظفي بلدية صنعاء بواسطة جن سليمان مكبيلين بالقيود والاغلال يمثل قمة الاهانة والاذلال أياً كانت جريمتهم ، مايدعو لطرح أكثر من علامة تعجب واستفهام.
كما ان رؤية ومنظر المتهم الرئيسي مقيد اليدين وجالساً على الارض أمام الرئيس مهدي المشاط والطفل المجني عليه ، والبلطجي يستجدي الرئيس ويقدم اعتذاره للطفل بتلك الصورة الصادمة والمهينة لايليق برئيس دولة أن يقوم بذلك التصرف وليس من اختصاصة طالما الجميع يؤمن بدولة المؤسسات إلا اذا لم يكن للقضاء وجود في البلد ، لان تلك الجريمة من أختصاص السلطة القضائية وهي القول الفصل في أي قضية والمكان الحقيقي الذي يحفظ كرامة الجاني والمجني عليه وتحقيق العدالة وترسيخ هيبة القضاء والدولة لامثال أولئك المتهمين الوقحين ، حتى لا يتبادر الى ذهن الرأي العام ان الغرض من ذلك هو الترهيب أو الاستعراض امام الشعب
وحسناً عندما خاطب الرئيس مهدي المشاط المواطنين بالقول : أطلب من المواطنين أن يكونو عوناً للدولة من خلال توثيق أي تصرفات غير لائقة لأي موظف وهم محميون ومشكورون .. لكننا كمواطنين وصحفيون وكل مظلوم نأمل ان تأخذ الدولة كل تلك البلاغات بعين الاعتبار وان يكون سلطان القضاء هو الفيصل.
لقد تكرر المشهد مسبقاً في مكتب الرئيس مهدي المشاط في الانتصاف لمواطن آخر مظلوم من قبل أحد المسؤولين ، ولكننا نأمل الا يتحول الرئيس ومكتبه الى وكيل نيابه او قاضي أمور مستعجلة وان يترك الخبز لخبازة وان يوجه الرئيس أي قضية او جريمة الى السلطات المختصة ، لانه لو فتح باب مكتبه الرئاسي لتحول الى وكيل شريعة وهناك من القضايا والجرائم الخطيرة التي تؤرق المجتمع والامن القومي اليمني هي الاولى بالنظر والفصل فيها.
والملاحظ ايضاً ان الكثير من الوزراء والرموز السياسية ورجال المال والاعمال والمنظمات الخيرية والاغاثية والاجتماعية والانسانية أصبحت تتخذ من وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي بما تنشره وتبثه من صور وفيديوهات مأساوية للفقراء أثناء توزيع بعض المواد الغذائية والزيوت وسيلة للظهور بصور تتنافى مع الرسالة الانسانية و تحط من كرامة المحتاجين التي تسببت الحرب في خراب بيوتهم ودمار ارزاقهم ، آملين ان يكون العمل الخيري والانساني بعيد عن المزايدة والاستعراض بالصور على حساب كرامة اليمنيين.
والرسالة الثالثة لعضو المجلس السياسي الاعلى محمد علي الحوثي ، انت اليوم رجل دولة وانسان ذكي ومتواضع ولديك من المرافقين والقوات الخاصة والسيارات والمصورين الكثير ، ولو اردت ان تطير ببساط الريح الى منصة الاحتفال لتحقق لك ذلك قبل ان يرتد اليك طرفك ، فليس من الضروري ركوب الدراجة النارية ومخالفة قوانين السير والطرق كونك القدوة ، كما ان المواطن اليمني بحاجة ماسة الى ضبط ملاك الدراجات النارية البلاطجة والمحببين واللصوص والقتلة واجبارهم على الالتزام بالنظام وقوانين السير ، فكم من قتلى وجرحى ومعاقين قد تسبب اصحاب الدراجات النارية في الاستعجال بحياتهم الى المستشفيات والمقابر واخراجهم عن الخدمة دون رحمة ودون عقاب رادع من الجهات المختصة ، حتى الارصفة أصبحت طريقاً لاصحاب الدراجات النارية والمواطن يهرب الى طريق السيارات خوفاً على حياته دون اي وازع ديني اوخلاقي.
أخيراً.. تفعيل الدستور والقانون واللوائح والانظمة ومؤسسات الدولة والسلطة القضائية التي يخضع أمامها الوزير والغفير والشيخ والمشرف ورجل الامن والمواطن هي الضمانه الحقيقية لاقامة دولة العدل وقبل كل ذلك اجتثاث الفاسدين في القضاء والمؤسسات والاجهزة الامنية ومتهبشي الاراضي والاسواق لكي يلمس المواطن العدالة والامن والاستقرار. |