صنعاءنيوز / م/ يحيى القحطاني -
سوف أستشهد بمقولة ابن خلدون المشهورة، (الأمير إذا مارس التجارة فإنه يفسد السوق)، فمنذ منتصف الثمانينات وحتى تاريخه، والذي أرتبط بالأسلوب الانفرادي لإدارة الدولة، والقرارات كانت ولا زالت تتمركز في يد الحاكم الفرد، فتحكم الفساد بكل مفاصل الدولة اليمنية، بما في ذلك القرارات التي تخص قطاعات و مرافق ذات طبيعة فنية وإنتاجية، وظلت مقولة(الأمير إذا مارس التجارة فإنه يفسد السوق)، مستمرة في عمق الاقتصاد اليمني، والجمع بين الثروة والسلطة، هو الصبغة الطاغية على الوضع الاقتصادي اليمني، خاصة على مستوى المسؤوليات العليا في الدولة مدنيين وعسكريين .
والذين لم يستطيعوا أن يفرقوا بأنهم في هذه المواقع،مسئولون وموظفون، يحملون أمانة العمل التي تحتم عليهم، التجرد كلياً من كل العلاقات ومن كل المصالح الشخصية أو الأسرية أوالحزبية والقبلية والتجارية، أثناء تأديتهم مسؤولياتهم الوظيفية و يفترض عليهم ومنهم، المحافظة على (حماية) المصلحة العامة، وعملا بالقول المأثور (من أمِنَ العقوبة أساء الأدب)، بل استمرأ الإساءة، لذلك فلا زلنا نرى معظم المسئولين في الدولة، يسخرون وظائفهم وأعمالهم الرسمية وسلطاتهم، وإمكانات الوظيفة الرسمية المادية والبشرية، لتسيير أعمالهم التجارية الخاصة، سواء تم ذلك خلال الدوام الرسمي أو ما بعد نهاية الدوام الرسمي، وسواء أكان ذلك بطرق مباشرة أم غير مباشرة، وسواء أكانت تلك الأعمال التجارية الخاصة تمثل،؛في شركات تجارية، أم في الجامعات والمستشفيات، أوالوكالات .
ونادرا ما لا تجد مسئولا يمنيا لا يجمع بين المسؤولية السياسية، وبين الأنشطة التجارية أو الزراعية أو الصناعية، فهناك من استغل إمكانات الوظيفة المادية، وهناك من استغل الإمكانات البشرية، وهناك من استغل الصلاحيات الوظيفية، وهناك من استغل موقع وظيفته ومرتبته ومكانتها، وهناك من استغل الزي الرسمي الذي يلبسه لدعم مشاريعه، أو أعماله الخاصة بطرق مباشرة أو غير مباشرة، وهناك من المسئولين صغيرهم وكبيرهم، من نجح في تحويل أعماله بأسماء احد أفراد الأسرة، أو الأقارب أو الأصدقاء المقربين منه، في محاولة ناجحة للتهرب، من (المعرفة)الاجتماعية أوالرسمية، أو من أجل الهروب من المساءلة النظامية إن وجدت .
والجمع بين الثروة والسلطة، هما سمة البلدان الاستبدادية، التي لا تميز بين ممارسة السلطة، والنأي بالنفس عن الأنشطة المالية، لدرجة أنها أصبحت اليوم ظاهرة غير خافية، وتتم بمجاهرة داخل بيئة العمل الحكومي، هذا الاستغلال الواضح للمسؤولية وللمنصب والسلطة، هوا أحد وأهم العوامل التي قدمت لنا، بعض المشاريع المشوهة والمشاريع المعطلة، أو مشاريع سريعة الذوبان، حيث أن أصحاب المصالح يفسدون الإدارة، كما أن رجال المصالح في بحث دائم عن مصالحهم، بدعوى أنها هي الأصل ومقدمة على مصالح المجتمع، ھﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ﯾﻜﺸﻒ ﻣﻘﺪار اﻟﻔﺴﺎد اﻟﺬي وﺻﻠﺖ إﻟﯿه اليمن، رﻏﻢ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت العديدة اﻟﺘﻲ أﻧﺸﺌﺖ لمكافحته، واﻟﺘﻲ أصبحت رافدا ﻟﻠﻔﺴﺎد، ﺣﯿﺚ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺳﺎرق ألبيضة وﺗﺘﺮك ﺳﺎرق اﻟﺠﻤﻞ، والله من وراء القصد ..!! |