صنعاءنيوز / د.محمد الموسوي -
نعم هذه قاعدة يجب اللجوء إلى استخدامها على الدوام عندما يتعلق الأمر بالأنظمة القمعية كنظام الملالي وهي قاعدة (من أمِنَ العقاب أساء الأدب) والكثير من ممارسات هذا النظام تستوجب استخدام هذه القاعدة النقدية؛ فنظام الملالي المارق على القوانين والأعراف الدولية وحتى القيم والشرع الإسلامي يعلم أنه مُحصن من العقوبات الدولية والمواقف الدولية الحقيقية التي من شأنها أن تردعه وبالنهاية تؤدي إلى زواله.. أما المثل القائل (عادت حليمة لعادتها القديمة فهو مثل ينطبق دورية الإرشاد التي قالوا أنها تابت لكن على ما يبدو أن ثوب التوبة لا يليق بها وأن ما أُعلِن بشأن حلها كان خديعة كسابقاتها من الخدع، ويُقال أن هذا المثل قيل في حق إمرأتين إحداهما كانت بغيا في إحدى المدن العربية تدعى حليمة الزنارية فتابت وكسرت أدوات الفجور وتفرغت للعبادة ثم عاد بها طبعها على كبر إلى ما كانت عليه فبدأت تتزين وتعود إلى مجالس اللهو والسمر فقالت الناس عادت حليمة لعادتها القديمة، والأخرى قِيل أنها كانت زوجة كريم العرب حاتم الطائي واسمها حليمة أيضا وقد كانت بخيلة تقلل من إيدام الطعام وأقنعها حاتم الطائي بأنها كلما زادت من إيدام الطعام أُطيلً لها في عمرها وأصبحت كريمة تزيد في مواد الطعام رغبة في طول العمر فلما مات ابنها الوحيد كرهت الحياة بعده وعادت إلى طبعها تُنقص من إيدام وكُلفة الطعام كي ينقص عمرها وتموت فقالت الناس عادت حليمة لعادتها القديمة.
لا نذكر كم مضى على خطاب وزير خارجية الملالي أمام مجلس حقوق الإنسان في ذاك اليوم الذي أساء للقيم الإنسانية عندما يجلس ممثلو تيار الإسترضاء يستمعون لخطابه مظهرين القبول به وكل منهم يغني على ليلاه وكل منهم يعلم بداخله أن أحدهم لا يقبل بالآخر من حيث المبدأ ولكنها المنافع؛ إذ وقف يومها وزير خارجية نظام الملالي يتغنى بجمال وإنسانية نظامه وانضباطه بحقوق الإنسان وأن سلطانه سيحل دورية الإرشاد وهناك مراجعات وتحقيقات وما إلى ذلك من الكلمات التي يريد بها تحسين سوءة نظامه مختتما كلامه ملوحا بما مفاده أنه يجب أن تكون المؤسسات الدولية مؤسسات لحفظ وضمان المصالح وليس لمعاقبة بعضنا البعض البعض ويقصد بعضنا البعض في نادي الكبار الذي يرى الملالي أنهم باتوا جزءاً منه بعد البرامج النووية والصاروخية وغربان الموت المسيرة؛ وبعودة دورية الإرشاد تكون حليمة النظام قد عادت لعادتها القديمة بعد تراجعها عن تكتيكاتها، وحليمة الملالي لا تُشبهها حليمة فهل سيخجلون من عودتها أم أن الطبع سيغلب التطبع.
لا نعلم ما إذا كانت دورية الإرشاد التابعة لشرطة الآداب منزوعة الصفة قد تابت في حينها كما أعلنت الملالي عن توبتها لا بل أعلنوا عن حلها بعد أن افتضحت جرائمها وكشفت عن أنياب السلطة الحاكمة في إيران إذ انتشرت مقاطع فيديو عديدة تظهر دورية الإرشاد التابعة لشرطة الآداب (منزوعة الصفة) وهي تقمع فتيات صغيرات مراهقات وشابات ونساء وفي بعض المواضع تعري أجسادهن بدلا من سترها وقد تحدثت البعض من وسائل الإعلام ومسؤولي النظام منتقدين ذلك بعد أن تم فضحهم على الملأ وانتشرت مقاطع الفيديو، وتمادت شرطة الآداب ودورياتها في قلة أدبها حتى حد الإغتصاب في سيارات الدوريات، والقتل للعديد من النساء والفتيات ومنهن قتل جينا أميني (مهسا أميني) التي لم تكن سافرة بل محجبة وقد تدلى حجابها عن رأسها فاستوجب ذلك التنكيل بها ثم قتلها وفق نهج نظام الملالي، ولقد كان في مقتلها مشيئة ربانية لفضح نظام ولاية الفقيه فما تعرضت له من قمع وهي خارجة مع أخيها من محطة المترو أثار الرأي العام الإيراني الذي تفاعل مع قضية قمعها واضطهادها وتابع اعتقالها حتى الإعلان عن مقتلها الشنيع في حينه ما دعي المقاومة زعيمة المقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي إلى إعلان الحداد العام والدعوة إلى الإضراب العام والنزول إلى أرضية الشوارع والتضامن مع النساء اللائي يتعرضن للقمع والظلم، وتنويه للبعض ممن يصطادون في الماء العكر لم تكن جينا أميني من أنصار منظمة مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية لكنها مواطنة إيرانية شأنها شأن الآخرين لها كامل وكل الحقوق على كافة القوى الوطنية الأصيلة وكل القوى الحرة وكل الأحرار داخل إيران وخارجها، وتأججت ثورة الشعب الإيراني مع مقتلها لأجلها ولأجل ما يقع عليه من حيف وقهر وبغي لا يكفر عنه إلا نزول بعير الملالي بكامل حمله من على التل إلى حيث لا رجعة، فنهج وسلوك دوريات الإرشاد هو نهج النظام برمته وما هي إلا إحدى أدواته القمعية خاصة في مواجهة النساء إذ يشعر النظام بأن نهايته تقترب على يد النساء الثائرات، وبعد فشل كل محاولاته في قمع المرأة الإيرانية من قتل تحت مسمى الإعدامات ووسجن وتعذيب وحرمان وتسميم للطالبات المرهقات ها هو النظام يعيد دوريات الإرشاد التي نفضت ثوب العفة وعادت من جديد إلى عادتها القديمة وكما يقول المثل عادت حليمة لعادتها القديمة.
لقد عادت دوريات الإرشاد والقمع للظهور بشكل فج في الشوارع لممارسة أفعالها المشينة ولا تقتصر هذه الأفعال على دوريات الإرشاد بل هذا هو سلوك النظام بأكمله بل هناك ما هو أبشع من ممارسات دوريات الإرشاد لكنها تجري وتدور في الخفاء وإن ظهرت تهاون معها النظام العالمي الذي أبقى نظام ولاية الفقيه إلى اليوم وجعله في في مأمن من العقاب وتشارك بتهاونه هذا مع النظام في جرائمه.. ونسي الجميع أن للشعوب كلمة تُقال مهما طال الأمد وسيُسقِط الشعب النظام ويُصبح هذا النظام من الماضي لكن عار جرائمه واسترضاء البعض له سيبقى مُخلدا أبد الدهر وستحرص الأجيال على تداوله.
ويقولون تُضرب الأمثال ولا تُقاس.. لا بل تُضرب وتُقاس ما دامت هناك أنظمة وبشرية على شاكلة نظام ولاية الفقيه وقطعانه.
وتبقى حليمة هي حليمة مع كل الإجلال والتقدير لكل حليمة كريمة جليلة.
د.محمد الموسوي / كاتب عراقي
|