صنعاءنيوز / بقلم مجدى حسين -
شهدت بريطانيا صراعات مذهبية حادة للانفكاك من المذهب الكاثوليكى وسيطرة بابا كنيسة روما . فى عام 1531 قام الملك هنرى الثامن بتأسيس كنيسة بروتستانتية ، والاستيلاء على أموال الكنيسة الكاثوليكية وكانت ضخمة . وكنا قد تناولنا سابقا ظروف وأسباب نشأة المذهب البروتستانتى فى ألمانيا وانتشاره بعد ذلك فى شمال أوروبا وانجلترا ثم أمريكا . وقام أعوان الملك برئاسة توماس كرومويل ، وهو غير كرومويل قائد الثورة فيما بعد ، قاموا بتحطيم الصور والتماثيل والنوافذ الزجاجية . وضاعت الأموال التى كانت تعطى للفقراء ، وأغلقت الملاجىء وتم فرض ضرائب جديدة . وفى عام 1535 قامت ثورات فى شمال انجلترا هددت الملك هنرى وتم قمع الثورة ولكن عاد الملك للسماح بممارسة الكاثوليكية .
The strategies of war –Robert green
A joo st elffers proavction – penguin books – 2006
وفى عام 1558 تولت إليزابيث الأولى العرش وكانت البلاد قد ضربت بالحرب الأهلية والأوضاع المالية السيئة ، وكانت انجلترا فى حرب مع أسبانيا وفرنسا الكاثوليكيتين . اسبانيا كان يحكمها فيليب الثانى وكان كاثوليكيا عقائديا يحارب توسع البروتستانت . وهولنده وبلجيكا كانت تحت سيطرة أسبانيا وكانتا تعانيان من تمرد بروتستانتى فحاربهما فيليب وكان يحلم أيضا باستعادة الكاثوليكية فى انجلترا . وأعد خطة لاغتيال الملكة اليزابيث وتنصيب أختها الكاثوليكية من اسكوتلنده . ومن ناحيتها أرسلت اليزابيث قوة صغيرة لمناصرة البروتستانت حتى تمكنت بريطانيا من تدمير أسطول الأرمادا الأسبانى : 128 سفينة عام 1588 .
ونشير بشكل مجمع عام إلى حرب المائة عام بين انجلترا وفرنسا بين 1337 – 1453 أى 116 عاما ، والتى فشلت فيها انجلترا فى احتلال فرنسا .
وفى القرن الثامن عشر تجددت الحرب لسبع سنوات بين انجلترا وفرنسا فى شمال أوروبا وامتدت إلى غرب افريقيا والهند والعالم الجديد : أمريكا ، وكان شعار الصراع : من يحكم العالم انجلترا البروتستانتية أم فرنسا الكاثوليكية ، وقد انتصرت انجلترا كما هو معروف .
حرب الثلاثين
وهكذا فإن الحروب كانت هكذا بالسبع سنوات والثلاثين والسبعين والمائة . حرب الثلاثين كانت حربا دينية صرفة فى القرن السابع عشر حيث كانت التصفيات الجماعية متبادلة بين البروتستانت والكاثوليك ، وصور الوحشية فيها لا حدود لها . كانت هناك عقوبة الرمى من النوافذ العالية للمخالفين فى المذهب وكان مركز الحرب فى ألمانيا . هذه الحرب سقط فيها سبعة ملايين ونصف مليون قتيل من إجمالى عدد السكان وكان 20 مليون ، وهبط أعداد الذكور بنسبة 50 % مما دعا القساوسة للموافقة على تعدد الزوجات . فى هذه الحرب تم تدمير مدن وقرى بأكملها ، واغتصاب القساوسة فى الكنائس وبقر بطون النساء بالصلبان ! وحرق الأحياء أو إغراقهم فى أقفاص حديدية وبتر الأصابع وقطع الأيدى . لاحظ كيف يتحدثون عن تاريخ الاستبداد فى الشرق الاسلامى الذى لم يعرف كل هذه الفظائع .
كانت هذه الحرب بين 1618 – 1648 ويقول بعض المؤرخين إن القتلى كانوا أكثر فى صفوف البروتستانت خاصة فرق الأناباتيست والهوجونت والجزويت .
حرب البوير
سمعنا كثيرا عن حرب البوير باعتبارها أعنف معركة حربية خاضها الانجليز فى افريقيا ، ولكن عندما قرأت حول هذه الحرب أكتشفت فعلا أنها كانت أصعب حرب لانجلترا فى افريقيا ولكن ضد الهولنديين !!!
كانت بين 1899 و 1901 فقد سبق الهولنديون الانجليز واستعمروا بشكل استيطانى أحد أجزاء جنوب افريقيا . فقد الانجليز عشرات الآلاف فى هذه الحرب ولكن لاحظ أن الهولنديين كانوا بروتستانت أيضا ، فالطمع لا يعرف وحدة المذهب كما أن البروتستانت مذاهب شتى وهناك خلافات فقهية بينهم !! ولكن أفكار الهولنديين ليست غريبة عن أفكار البيوريتان الانجليز الذين هاجروا لأمريكا ولعبوا دورا محوريا فى تأسيس الولايات المتحدة . ولكن الهولنديين آمنوا أنهم شعب الله المختار وأن أرض جنوب افريقيا هى أرض الميعاد وأن لهم حق الهى فى استعباد الأفارقة ، ولم لا فقد كانوا يسيطرون على أراض تذخر بالذهب والألماس ، إنهم يجيدون الدمج بين الذهب والعقيدة ، بين الذهب والمذهب !! كما ورد فى القرآن الكريم بالنص :
إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم . التوبة 34
كانوا يروجون أن الشعوب الافريقية نصف شيطانية ونصف طفولية وانها شعوب من الهمج المتوحشين ، رغم أنه لم يمارس التوحش أكثر من المسيحيين الأوربيين وحتى ضد بعضهم بعضا . وقد انتهت حرب البوير باعتراف بريطانيا بجيب هولندى فى بحرالاستيطان الانجليزى .
وهكذا نرى هذه الحالة المستمرة من العداوة والبغضاء حتى بين أصحاب المذهب الواحد . |