صنعاء نيوز/أديب المنيفي - -
تحارب جماعة الحوثي على أكثر من جبهة وبمستويات متعددة تلتقي كلها على كونها تأتي في مواجهة تيار هو الآخر يصدر عن مرجعية دينية سلفية، ولكن سنية، فيما الحوثيون على صلة بالشيعة من خلال أحد أبرز مذاهبها وهو المذهب الزيدي.
وعلى الرغم من تقادم تجربة جماعة "الإخوان المسلمون" في اليمن التي تسبق اتخاذهم "التجمع اليمني للإصلاح" حزبا سياسيا مطلع تسعينيات القرن المنصرم إلا أن جماعة الحوثي الحديثة عهد بالواقع المدني والسياسي استطاعت على مدى أشهر من عمر الاعتصامات في عديد محافظات يمنية أن توجد لها موطئ قدم، يرى الإخوان المسلمون أن ذلك يأتي على حسابهم، ويحد من قوة حضورهم.
الساحة الجنوبية
وفيما تعدى التنافس المحموم بين الجماعتين ساحات الاعتصامات -وبالذات الساحة المركزية في صنعاء- الى ميادين المواجهة المسلحة كما في محافظة الجوف، فإن جبهة ثالثة انفتحت أمام الحوثيين، على طريقة الاستقطاب، وهي الساحة الجنوبية التي تسعى جماعة الحوثي الى خلق اصطفاف واسع بينها وعديد مكونات في الحراك الجنوبي وتيارات شبابية وحزبية أخرى، تقوي من خلالها وجودها السياسي والميداني قبالة خصمها التقليدي الإصلاحي.
ويأتي انفتاح جماعة الحوثي على الساحة الجنوبية في ظل سيطرة مواقف تكونت على مدى عقدين من الزمن صبغت النظرة الجنوبية الى حزب الإصلاح بلون عدائي يستحضر تاريخ الحزب المثقل بتركة حرب صيف 94 ودور قياداته الدينية والقبلية فيها.
على أنه فيما يركن حزب الإصلاح الى وجود استطاع توسعته في الجنوب على حساب الحزب الاشتراكي اليمني على وجه الخصوص إلا أن ظهور مكونات وكيانات جنوبية خارج عباءة الحزب الاشتراكي، لاسيما في الحراك الجنوبي عمل على تعميق الفجوة بين تيارات جنوبية عديدة من جهة وحزب الإصلاح من جهة أخرى، باعتبار أن تلك التيارات غير معنية بشراكة هذا الأخير والحزب الاشتراكي، بقدر ما يمثل حزب الإصلاح في وعي الشارع الجنوبي عامل إقصاء على صلة بالمشكلة الجنوبية.
تعاطف مقابل نفور
وبقدر النفور من "التجمع اليمني للإصلاح" لدى فصائل عديدة في الحراك الجنوبي وتيارات شبابية ومدنية وحزبية هناك لا يخلو المشهد الجنوبي من تعاطف مع الحوثيين ليس أبرز تجلياته حالة الربط التي طالما وردت على ألسنة عديد سياسيين جنوبيين بين ضرورة حل القضية الجنوبية وتبعات حروب صعدة.
وعدا عن ذلك فقد شهدت الشهور الفائتة -لاسيما منذ اندلاع الاحتجاجات في فبراير من العام الجاري- حالة تقارب بين جماعة الحوثي وفصائل من الجنوب، على مستوى الداخل في الحراك وأحزاب سياسية، ومعارضة الخارج، وبالذات على مستوى الرموز التاريخيين سواء الذين لم يزالوا مع خيار الوحدة مثل العطاس والرئيس علي ناصر محمد، أو حتى علي سالم البيض الذي يزداد تمسكا بخيار فك الارتباط مع الشمال.
وبدا أن الحوثي يقدم نفسه في سياق معالجة القضية الجنوبية ضمن خيار الوحدة ولكن على أساس فيدرالية بين إقليمين شمالي وجنوبي، يجاري فيها المعلن من مواقف قيادات جنوبية في معارضة الخارج وبعض مكونات في الحراك، بالإضافة الى ناشطين مدنيين وعن مكونات شبابية أفرزتها موجة الاحتجاجات الأخيرة.
في عدن
الاثنين قبل الماضي كان ممثلا عن الجماعة يتحدث باسم عبدالملك الحوثي في عدن أمام فعاليات سياسية ومدنية وشبابية جنوبية مؤكدا تبني الحوثيين لمشروع الفيدرالية بإقليمين على أساس شمال وجنوب.
وخلال الاجتماع التأسيسي لرابطة الشباب الديمقراطي (رشد) وفي حفل الإشهار الذي أوفد إليه الحوثي ممثلين عنه دعا متحدث باسمه ناشطي عدن والجنوب عموما والكيانات السياسية والمدنية الجنوبية الى زيارة "صعدة" لإقامة شراكة بينهم والحوثيين على أساس "وثيقة أخوة" يتم الاتفاق عليها.
وكانت مصادر محلية على صلة بجماعة الحوثي كشفت لـ"اليمن" عن اتصالات لسياسيين جنوبيين وناشطين مدنيين مع زعيم الجماعة بغرض التوافق على رؤية موحدة حيال القضية الجنوبية، وأن حق "تقرير المصير" ضمن أبرز الخيارات التي تم نقاشها باستفاضة، وقالت المصادر إنه فيما لم يقتنع الحوثي بخيار "تقرير المصير" باعتبار أنه قد يفضي الى انفصال الجنوب عن الشمال طمأنته شخصيات جنوبية بأن الجنوبيين سيختارون الوحدة بأغلبية، إلا أنه خرج معهم أخيرا بالتوافق على خيار الفيدرالية، على أن تكون جماعة الحوثي الى جانب هذا الخيار سياسيا وإعلاميا.
باعوم في صعدة
ونهاية الأسبوع الماضي حلّ ضيفا على الحوثيين في صعدة فادي حسن باعوم رئيس الحركة الشبابية والطلابية التي تعد أحد مكونات المجلس الأعلى للحراك السلمي الجنوبي.
ومع أن هذه الخطوة تأتي بعد دعوة عبدالملك الحوثي خلال إشهار ملتقى (رشد) في عدن المشار إليه للفعاليات الجنوبية لزيارة صعدة، إلا أن مراقبين جنوبيين يقولون بأن زيارة باعوم لا تأتي في سياق الرد على حضور موفدي الحوثي للملتقى سالف الذكر وإنما في سياق أجندة خاصة بالمجلس الأعلى للحراك الجنوبي لوحده.
وألمح المراقبون الى أن إيفاد الحوثي ممثلين عنه الى حفل إشهار رابطة (رشد) ذات الصلة بحزب الرابطة قد يفهم على أنه إحياء للتقارب على أساس هاشمي باعتبار أن قيادات الرابطة (الحزب) كما الحوثي يجمعهم ذات النسب، ومن ثم فإن البعد السلالي في التكتلات القادمة ربما يحضر بقوة!!
نبأنيوز
|