صنعاء نيوز/لطفي فؤاد أحمد نعمان -
أطل على المواطنين فخامة رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح بما وصفه مستشاره السياسي د.عبدالكريم الإرياني "حضور ذهني قوي" اتضح بخطابيه الصوتي إثر محاولة اغتياله والتلفزيوني بعد انتهاء العمليات الجراحية، ومع ذلك أنكروا شخصه!
وليس يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهارُ إلى دليلِ
ثم قضى -أو أنه يقضي حتى يُقرر عودته- في المملكة العربية السعودية "إجازة صحية" تخللتها تفاعلات سياسية ظل الرئيس صالح عافاه الله عنصرها ومحورها الرئيسي.. بغيابه تجمدت وبإطلالته تحركت، بالشائعة المغرضة عن الموت أو الانتهاء السياسي، وبالنبأ اليقين عن الحياة والاستمرار السياسي.
سُرّ بتعافيه، وإصابته أيضاً، كثيرٌ من شانئيه ومناصريه.
وغُصّ بتعافيه، وإصابته أيضاً،كثيرٌ من مبغضيه وموديه.
ولم يخفِ الشامتون سرورهم وتشفيهم، كما لم يدارِ المحبون حزنهم وألمهم.
وقابل القائلَ: "إنه نال جزاءه عما اقترف وصار عبرة إذ اسودّ وجهه".. قائلٌ: "لقد تحمل المتورطون عنه سيئاته وأضافوا إلى حسناته وبرأوا ساحته بما اقترفوه وقد اسودت قلوبهم".
وهكذا حال الرجال دوماً "بين مبغضٍ قال وبين محبٍ غال".. يهوّن من يهون ويهوّل من يهول في أمره.. ولا يقبل، من يعقل، التشدد والشطط والجموح في الحكم وتقدير الوضع، غير أن العقلاء الواقعيين مغيبون عن المشاركة غير غائبين عن المشاهدة في خضم هذا الجنون الحاضر!
ويحضر الجنون بمجازفة التقدير أو مبالغة التشخيص والفتوى ممن ليس لهم علم، عن الحالة الصحية لرئيس الدولة، مثلاً، بمثل ما شُخّص الوضع السياسي والقانوني بانتفاء صفته رئيساً، مع أنه ما يزال، لم يسقطه الاصطفاف المعارض، أو الاعتصام "الساحاتي"، أو رغبة الضغط عليه في لحظات غير مناسبة، أو التقييم غير الموضوعي لتجربة حكم دامت ثلاثة عقود ونيف بكل ما فيها من خطأ وصواب، أو التفخيخ والانفجار الذي كاد يودي بحياته، لولا لطف الله وتوفيقه.
ومن الجائز القول بأن تلك الأقوال والأفعال المضادة، إضافة على تمنيات غيابه ورحيله عن السلطة والقناعة بانتفاء صفته الرئاسية وإنكار شرعيتها، كرست شرعية وجوده وبقاءه، وزادته نفعاً لا ضراً، فمطالبتهم إياه بنقل السلطة أو التخلي أو التنحي عنها وتوقيع مبادرات حل الأزمة السياسية "المختلطة"، تتوجه إليه بصفته رئيس البلد بما فيه من معتصمين ومعارضين ومتشددين ومتحدثين بجانب مناصرين ومؤيدين ووسطيين وصامتين!
ولتمتعه بشرعيته، رغماً عن الانتقاص منها.
وقوته، رغماً عن استضعافه.
وعافيته، رغماً عن جراحه.
وتسامحه، رغماً عن التشفي فيه.
وتكتيكاته الموضوعة في تحديث مستمر، رغماً عن ترويج نفاد طاقته.. المتجددة.
وحقيقة استمرار حياته كاملةً سياسةً وصحةً، رغماً عن شائعات نهايته تماماً سياسةً وصحةً.
وحضور ذهنه، رغماً عن توقعات فقدانه ذاكرته.
ويؤكد هذه المعطيات، توجيهاته للأقربين في السلّم السياسي والعسكري بوقف إطلاق النار، قبل كلمته المسجلة إثر محاولة اغتياله يوم الجمعة 3 يونيو، والتي فيها فصل بوعي وإدراك تام بين دوافع ما أصابه وبين شباب الساحات، وإن ابتهج بعضهم بما أصابه وعدّها نصراً، مغايراً بذلك ما جعل الرئيس صالح يميز بينهم وبين غيرهم دون أن يجرمه شنآن أي قوم.
بل وتجاوزت كلمته التلفزيونية يوم الخميس 7 يوليو، عن ذكر شباب الساحات تماماً، لكونهم عماد المرحلة المقبلة، بعيداً عن الصراع القائم متى وعوا أنهم ليسوا خصوماً، وتخففوا من الانفعال الحاد إزاء ما قاله عن تحديات مختلفة ليس الشباب من بينها بكل تأكيد- سيواجهها بالتحدي، كتحدي الإعاقة والمرض والخراب والحقد إنما بالعفو والتعافي وصلابة المقاومة وقوة التسامح وجدية الخطو -بعد الحوار- نحو مستقبل أفضل يفترض أن يبنيه جميع اليمنيين بدون استثناء أو استعداء أو استغباء لأحد أو استغناء عن أحد!