صنعاء نيوزأحمد عبدالله الشاوش - ،، المراقب للواقع السياسي للأزمة اليمنية الراهنة منذ البدايات الأولى لنزول الكثير من شباب اليمن الصالح إلى بعض الساحات للتعبير عن مطالبهم التي كانت تحمل أهدافاً نبيلة وغايات سامية، ومطالب مشروعة تمثلت في إجراء بعض الإصلاحات، كالقضاء على الفساد ورموزه، أينما وجد، وتوظيف الشباب وتحقيق العدالة الاجتماعية وإحداث نقلة نوعية نحو الدولة المدنية الحديثة، كانت مطالب واقعية تعاملت معها الدولة بكل شفافية وجدية، ومما شجع الشباب على الخروج إلى الساحات هو وجود مناخ ديمقراطي يحترم حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور اليمني خلافاً لأي دولة من دول المنطقة ويتوق إليها الكثير من شعوبها، وزاد من حماسة الشباب تلك الثورة الإعلامية الطاغية التي تجول في سمائها كل المتناقضات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، المدغدغة لعواطف الشباب المفعم بالحيوية، حلوها ومرها.
ومما زاد الطين بلة دخول الأحزاب وبعض المشائخ والقادة واستغلالها أسوأ استغلال مما دفع بالكثير من الشباب الشرفاء إلى مغادرة الساحات، وتعبئة تلك البسطات بكوادر وقيادات هرمة لتلك الأحزاب التي لا تؤمن بالديمقراطية إطلاقاً، وإنما ترفعها كيافطات وديكورات زائفة أمام كاميرات الفضائيات وأبواب السفارات والمنظمات للوصول إلى الاستحواذ على السلطة بالقوة حتى لو تمزق الوطن اليمني وضحت بالكثير من كوادرها والمتعاطفين المغرر بهم كقرابين في سبيل مصالح قادتها الشخصية.
لقد حول هؤلاء مطالب الشباب المشروعة بعد تركهم الساحات إلى مصطلح الثورة الوهمية، وافترشت كوادر هذه الأحزاب رجاله ونسائه وأطفاله ساحات التغيير تحت تأثير الوهم الثوري والذي تم من خلاله تعبئة الكثير من الشباب والنساء بالعدوانية والانتقام والفجور في الخصومة، وتدمير القيم النبيلة والحقد على كل ما هو جميل، فبدلاً من أن تقدم المعارضة الانموذج الأفضل وتكون الأقدر ريادياً في كشف الخلل والممارسات الخاطئة للسلطة والمعالجة الموضوعية دون حقد وحفاظاً على مصلحة الوطن باعتبارها دولة ظل يعول عليها إخراج اليمن من المأزق وفق برنامج منافس فإذا بها تمارس الانموذج الأسوأ والأقبح وذلك بالإيعاز لكوادرها وبعض المخربين بمهاجمة ونهب وحرق ممتلكات الشعب ومؤسسات الدولة والتشجيع على تفجير محطات الكهرباء وقطع الطرقات، والتقطع لقاطرات البترول والغاز وإخافة السبيل وإثارة الفتن والقلاقل، وبهذه الرؤية والنظرة السلبية فقدت تأييد السواد الأعظم من الشعب والمتعاطفين معها الذين كانوا على أمل ويراهنون على أن هذه الأحزاب هي البديل الأفضل والأقدر لإدارة البلاد لتجنيبه ويلات الحروب، فسقطت في الساحات قبل أن تصل إلى الحكم وأصبحت الساحات خالية إلا من الخيم طيلة الأسبوع، حيث لم تستفد هذه الأحزاب من النهج الديمقراطي الذي لو آمنت وعملت به لكسبت الرهان، مع العلم بأن المواطن أصبح لا يثق بها كبديل أو نظير للسطلة الحالية ولمساهمة قادة وكوادر هذه الأحزاب في تبني العنف وتسويقه ومشاركتها في تدهور الأمن والاستقرار وقطع أرزاق الناس وإيقاف عملية التنمية وإفراطها في الجنون السياسي.
أخيراً: من أجل مصلحة الوطن والمواطن ومصلحة تلك الأحزاب بكافة اتجاهاتها وميولاتها السياسية، الاحتكام إلى لغة العقل، وأن الحوار هو بداية الطريق للوصول إلى الوفاق الوطني والخروج من المأزق الرهيب، خصوصاً وأنه لا يمكن لأي اتجاه أو كائن من كان إقصاء الآخر مهما بلغت سطوته، والمثل يقول: «من طلب الجن ركضوه»، فهل نحتكم للعقل.. الأمل كبير بإذن الله تعالى. |