صنعاءنيوز ا/ أسماء حيدر البزاز -
الزفاف من اللحظات جميلة إلى أحلام مؤجلة ...
كالعادة من كل عام يقبل موسم الأعراس والزفاف
الذي كان يعد له العدة ويقدم له الغالي والنفيس في
سبيل إتمامه ونجاحه فهو كما يقال ....
(فرحة العمر التي لن تعوض )
ولكنه هذه المرة أتى على غير عادته ومخالف
لكل توقعاته .... فالأحداث الأخيرة حالت دون ذلك
و التخوف والقلق
قد بدأ على وجوه الكثيرين ... إذ أن كل المقومات التي كانت تلبي نجاح هذه المناسبة في السابق قد باتت اليوم شبه
معدومة في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها بلادنا
وأصبح مجرد التفكير بهذه المناسبة مؤرقة لدى الكثيرين , وفي الحقيقة تعددت الأراء واختلفت الرؤى حول الموضوع
الذي له أهمية كبيرة خاصة في أوساط الشباب
إذ أنه يحمل هذه المرة تطورات سريعة وأحداث مختلفة عن كل الأعوام السابقة..
بداية تقول الأخت نوال – إحدى الأخوات المقبلات على الزواج : في الحقيقة أشادت
تعتريني مشاعر القلق والخوف ,إزاء الأحداث الأخيرة ومطالبنا محددة بالأمان وليس
شيئا غيره .. الأمان لنا ولبلدنا الذي دمرته الحروب وأهلكته النزاعات وفرقته الصراعات .. أدعوا الله لي ولكل المقبلات على الزواج من أمثالي أن يتم الله فرحتنا على خير وسرور وبهجة ويجنبنا وبلادنا كل مصائب وفتن ,
... والان وبعد حجز قاعة لإقامة مراسيم الزفاف أخشى أن الغياب سيكون سيد الموقف , وأن معظم المدعوين لن يحظروا بسبب المواصلات وتخوفهم مما قد يحدث , هذا في الواقع ما سبق وتعرضت له إحدى صديقاتي . وتضيف نوال أنها قررت أن تلغي العقد مع القاعة وتغير العنوان إلى بيت أحد الأقرباء كونها أأمن في اعتقادي وهذا ما يأمله كل المدعوين الأمان ومن ثم الفرح والاحتفال .
التأجيل هو الحل
وترى الأخت سمية .. أن التأجيل هو الحل الأمثل للأفراح وتنصح الاخريات بتأجيل هذه المناسبة لأوقات أخرى أفضل من الوقت الحاضر
حتى يكون الوضع أكثر هدوءا وأمنا .
ولمعرفة أراء الشباب الذين يجمعون على أن رأس الأسباب في تأجيل موعد الزفاف يعود
إلى الارتفاع المفاجئ لأسعار الذهب إذ وصل سعر الجرام
الواحد إلى ما يقارب احدى عشر ألف بالإضافة إلى ارتفاع المهر وهذه تعد معوقات الإرتباط في نظر الشباب ,,
يقول الأخ أمين – صاحب إحدى محلات الوجبات السريعة – كنت قد اتفقت مع والد خطيبتي بشأن المهر سالفا ولكنني تفاجئت حاليا بطلبهم الضعف بحجة ارتفاع أسعار الذهب ,, فوجدت نفسي عاجزا عن إتيان ذلك حتى اضطررت إلى فسخ الخطوبة ,, ويتفق معه الأخ إدريس – سائق تاكسي – مضيفا بأن هذا الموسم ليس ملائما لإقامة الأفراح أو الأعراس ..
ولمعرفة أراء تجار الذهب الذين رفعوا الأسعار بصورة جنونية نلتقي بعدد منهم .. التقينا أحد العاملين في منطقة شعوب - أمانة العاصمة - حيث نفى الأخ عصام بأن تكون الأزمة المحلية سبب في ارتفاع سعر الذهب كون أسعاره عالمية والارتفاع أيضا عالمي
وفي محل أخر لبيع الذهب يؤكد العاملون فيه أن محلهم تحول إلى محل شراء بدلا من البيع تخوفا من التعرض للنهب والسرقة !! موضحين أن الكثير من الشباب أجلو فكرة الزواج حتى تهدأ الأوضاع ,,,
الوضع المتدهور
أكد خبراء تنمية واقتصاد بأن التنمية في حقيقتها عمليه حضاريه لأي بلد لكونها تشمل مختلف أوجه النشاط في المجتمع بما يحقق رفاهية الإنسان
وكرامته وهي أيضا بناء للإنسان وتحرير له
وتطوير لكفاءته وإطلاق لقدراته ...كما أنها اكتشاف لموارد المجتمع وتنميتها وحسن تسخيرها ,,,,,وحين يهمل هذا الجانب أو يتعرض لمحتلف الإعتداءت وأساليب عدوانية مختلفة فأنها تشكل حكرا كبيرا أمام النهوض بنشاط أي مجتمع
وأي دولة مما ينعكس سلبيا ويشكل مباشرة على حياة الفرد ونشاطاته المتعددة...يشكل حاله من الجمود والرضوخ البدني والجسمي ,فتسيطر الأفكار المتخوفة من مستقبل مجهول عكسه الواقع في تأجيل الفرد للكثير من مهامه وأشغاله حتى تتوفر له الفرص لأقامتها,إذ أن الزواج لا تتم سعادته ولا تكتمل أفراحه
إلا بمناخ ملائم بعيدا عن الهمجية العشوائية والفوضى الخلاقة
التي تعكسها الأحداث المتراكمة هنا وهناك ...فكان لابد
من توافر الوسائل والطقوس المناسبة لإقامته ..فشكل الوضع المتدهور اقتصاديا والمهزوز تنمية في إقصاء
حالات الزواج المعهود حدوثها زمنيا في هذه الأوقات إذ أنها لا تضاهي المبالغ المالية الطائلة والهائلة التي غدت في يومنا هذا عبئا ثقيلا على الشباب من الصعب تحملها والوفاء بها !!
الزواج سنة الله في الكون
حيث أتفق العلماء على أن الإنسان في نظر الإسلام هو أسمى من في الوجود, والإسلام جاء لتأكيد هذه المكانه له ,ولهذا فهو ينظر إلى الحياة من زاوية أوسع من الزاوية التي تنتظر منها المناهج الوضعية . فلإنسان في نظر الإسلام لم يخلق ليكون حيوانا همه من الحياة الأكل والشرب والمتعة .بل هو إنسان يحتاج لتوفير
أشياء كثيرة في حياته ,مادية ومعنوية وهي الحاجيات
التي حرص الإسلام توفيرها على الفرد ومن ضمنها الزواج
الذي يعتبر الركن الأساسي والرباط المتين
لبناء مجتمع عظيم القيم والأخلاق بعيدا كل البعد
عن وسائل التشويه القيمي والمعرفي ...حيث نصت على ضرورته وأهميته كل الأديان وحثت عليه كل الشرائع (وجعلنا لكم من أنفسكم أزواجا)فهو منهاج وحياة وطريقا سويا للنهوض بشباب الإسلام على هدى سنة رسولنا محمد
صلى الله عليه واله وسلم
ليحميهم من الغزو الأخلاقي والديني الذي فتكت خطورته على الكثير من عقول شبابنا وبناتنا
وأثرت فيه أيما تأثير في معظم أخلاقياتهم تأثيرا لا يعرف منتهاه
لتطمس ما في قلوبهم من أي معنى للكرامة الإنسانية ...
فكم هي تلك الأيات القرأنية التي تدعو الشباب إلى التعفف والتحصن .. وتعدهم بالحب والمودة والاستقرار النفسي الذي ينتظرهم إذ هم ساروا على هذا النهج
من السنة وفي ذلك يقول المولى عز وجل (وجعل بينكم مودة ورحمة)
حالات استثنائية
جميعنا يتذكر تلك الحروب الطاحنة في منطقة الحصبة التي أدت إلى تدمير العديد من المنشأت الحكومية ومنازل المواطنين والإضرار بمصالحهم وما كان لها من تداعيات كبيرة لا يحمد عقباها ..
جعلت الناس وفي هذا الموسم بالذات لا يترنمون على أهازيج الأفراح وأنغام الألحان بل على أصوات الرشاشات وضرب المدافع ,
وبحالة استثنائية أقيمت احدى الأعراس ولكنه هذه المرة لم تحجز له القاعات ولم يباركه الأخرون
بحضورهم وتهانيهم ..
اذ انه أقيم في (بدروم )متواضع لم يأتي له الا أصحابه وعددا قليلا من أهل العروس لايتجاوزن عدد الأصابع ..حتى أن العروس لم تعتبره الا أشبه بمأتم ..اذ أن الخوف والذعر وأصوات الرصاص المتضاربة هنا وهناك كانت المسيطرة على الوضع
ولم تكن هناك زفه بل خرجت العروس متخفية في اليوم التالي مع أهلها إلى بيت عريسها
في شكل أشبه بالنازحين !!!
وأخرى اتفقت مع عريسها على عدم إقامة أي حفل زفاف في ظل هذه الظروف وعوضا عنه قررا الذهاب إلى مصر لقضاء شهر العسل بعيدا عن التوترات والمخاوف الحاصلة.
الأزمة حطمت أمال الكثيرين وشردت أحلامهم قبل أجسادهم ليعيشوا على خط الذعر وصعوبة سبل الحياة.....
وفي مشهد غريب من نوعه ..أوصت أحدى المقبلات على الزواج عريسها إذا حدث لها أي مكروه في ظل تلك الحروب فأنه يتزوج أحدى قريباتها فهي أكثر أدبا وارفع خلقا ولن تطمئن على حال زوجها بعد وفاتها الا معها ..والغريب في الأمر أن الزوج حال سماعه
بتلك الأوصاف سارع إلى خطبتها في خفية من أمره!!!!
ولم تدري العروس بأمر زوجها إلا بعد وقتا ليس بطويل ...فأغمي عليها فور سماعها ذلك ؟ّ!!
المسؤولية
حيث أشاد الأخ محمد رضوان – محاضر ديني على أن الأحداث المتتابعة والأزمات المتكررة التي تمر بها بلادنا لا تنطوي مسؤولية الوقوف أمامها في سبيل صدها أو ردعها على جماعه معينة أو على فئات متخصصة بل هي مسئولية الجميع من أقصى الوطن إلى أقصاه للوقوف بشكل حاسم وصلب أمام المتأمرين والحاقدين على خيرات الوطن ومؤسساته
ومنشاته .
وأضاف بقوله اذا كانت معضلة الزواج هذه الفترة هي إحدى تداعيات هذه الظروف الخطيرة والسلبية التي يمر بها شبابنا..
فكم هي تلك الصفعات التي تلقتها اليمن إزاء ما يحدث فما أحوجنا الان إلى قدرة شبابية دافعه وقوه متفاعلة
ومشاركة وسياسة واعية وموجهة وإرادة إدارية ذات كفائة عالية لتكون عاملا ايجابيا ناهضا وحافزا للعطاء والبناء وإعادة إعمار ما بطشت به التطورات الأخيرة..
فإن كنا قد غفلنا عن قضايا وهموم الشباب فقد تناسينا قضايا وهموم الوطن ...
إستنكار
ان من كانوا سببا في حدوث الأزمة الخانقة لكل فئات الشعب لن يفلتوا من العقاب أجلا أم عاجلا ..ولهذا استنكر العديد من الشباب ما تقوم به بعض العناصر التخريبية في افتعال الفوضى الخلاقة والأحداث الخطيرة و المتطورة يوم عن أخر وتدمير كل ماله صله في الحياة والإنشاء والتعمير...إذ من شأنها سببت في تعطيل مصالح المواطنين وعرقلة حياتهم وجرهم إلى حال أشد تعقيدا وأسوا توقعا.
إذ كانت لهم رؤى وبرامج واحتفالات وأعراس عزف الكثير من الشباب عن القيام بها إزاء هذا الوضع التي لا يبشر واقعه بخير
قال تعالى :(إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا ,أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض)
فهذه الجرائم التي تستهدف الاعتداء على هذه الحقوق الطبيعية للإنسان قد هيئت المناخ المناسب لانتشار الرعب والذعر بين أوساط المجتمع فلا يأمن الإنسان على نفسه ودينه وماله وعرضه ,بل يعيش حالة الترقب بين خوف مميت أو حال مخيف !!
في الحقيقة تعددت أسباب الشباب عن الزواج هذه الفترة , ولكنها اتفقت بكون هذه الأوضاع المتأزمة هي من صنعت الاختلالات والمخاوف للعزوف والتأجيل .... فانعدام البترول والبنزين والإنطفاءات المتكررة للكهرباء والارتفاع المفاجئ للأسعار وانقطاع الطرقات والأوضاع المتردية , أسباب كلها أدت إلى افتقار العديد من الشباب للمقومات الأساسية لإقامة الأعراس ...
|