صنعاء نيوز/ حمدي دوبلة -
تتوالى الأحداث وتتعاظم مشاهد المعاناة في ظل الأزمة الراهنة التي تعصف بالوطن وأبنائه وكل ما يجيده الساسة داخل الأحزاب وخارجها إزاء ذلك هو القول بأنها مؤامرات يحيكها النظام.
هاجم عناصر تنظيم القاعدة محافظة أبين فسارعوا إلى الحديث عن مؤامرة بطلها النظام كالعادة الذي لم يتردد حسب قولهم في تسليم هذه المحافظة على طبق من ذهب إلى الإرهابيين.. تلا ذلك معارك ما تزال دائرة إلى اليوم بين الجيش وتلك المجاميع المتطرفة سالت على اثرها الكثير من الدماء وتشرد الآلاف من منازلهم وما زال صدى "المؤامرة" المزعومة مجلجلاً باعتبار أن الحكاية كما يزعم هؤلاء ليست أكثر من مواجهات "صورية" يخوضها مقاتلون موالون للنظام ضد عناصر أخرى مقربة من نافذين.
فجر المخربون أنابيب النفط وقطعوا الطرقات وهاجموا أبراج الكهرباء وحالوا دون وصول احتياجات الناس من المواد الغذائية ومشتقات النفط وعطلوا الحياة وأصابوها في مقتل ومع ذلك ظلوا يؤكدون أن كل ذلك ليس إلا مؤامرة من ألاعيب النظام.
فر سجناء من عناصر تنظيم القاعدة من أحد السجون وقتلوا الحراس قبل أن تحدث ملاحقات دامية بينهم وبين رجال الأمن ولم يكن ذلك وفقاً للسياسيين إياهم إلا جزء من مؤامرة نفذها النظام.
استهدف الرئيس وكبار رجالات الدولة وسقطوا مضرجين بالدماء واستشهد ضباط وجنود في اعتداء ارهابي شنيع على بيت من بيوت الله قلما يحدث في التاريخ وسرعان ما جاءت تحليلات جهابذة السياسة في هذه البلاد بأن ما جرى لم يكن غير مؤامرة حاك خيوطها رأس النظام لخلط الأوراق والالتفاف على "ثورة الشباب" حتى وإن كان الضحية هو نفسه!!.
كل ما جرى ويجري ما هو إذن إلا من صنع النظام الذي ما فتئ يحيك المؤامرات المتتالية دون توقف كما يردد هؤلاء ويكررونه في أحاديثهم وحتى بعد أن أصيب الرئيس وكاد يدفع حياته بمعية أبرز قيادات الدولة لم تختف "نظرية المؤامرة" من عقول وتفكير البعض ممن لا زالوا حتى اليوم يكذبون ويتحرون الكذب حتى وإن كان بعض ذلك الكذب من النوع الذي لا يقبله عقل ولا يستقيم مع منطق.
لقد عشعشت "نظرية المؤامرة" في عقول هؤلاء واستوطنت نفوسهم وظلت على وتيرتها ولم تتوقف يوماً على الرغم من ظهور المؤشرات واحدة تلو الأخرى عن تورط مراكز قوى حزبية في هذه الأحداث التي رأت فيها أسلوباً سهلاً للضغط على النظام والقفز إلى السلطة بعد أن وضعوا أنفسهم بديلاً للنظام القائم.
لم تتوقف هذه النظرية فحسب بل واستفحلت مؤخراً مع ما يشهده الوطن من أحداث ووصل مداها إلى درجة بدأت تنطلي على بعض الأطراف الدولية والإقليمية والتي ذهبت في بعض مراحل هذه الأزمة إلى ترديد شيء من تلك الأقاويل والمزاعم المنطلقة من نظرية المؤامرة.
ولعل من لطف الله عز وجل وحكمته أن أتى الاعتداء الإرهابي على جامع دار الرئاسة واستهداف الرئيس ورموز البلد ليكشف العديد من الحقائق ويزيل الكثير من الأطروحات غير المنطقية حول الأحداث التي شهدتها وتشهدها البلاد وفي ضوء ما كشفت عنه هذه الحادثة الأليمة فقد أعادت بلدان عديدة النظر في مواقفها من أطراف اللعبة السياسية في الساحة وهي المواقف التي لم تعجب بعض قوى المعارضة فراحت تتباكى على السيادة وتدفع باتجاه ما تسميه رفض الوصاية الخارجية متناسية أنها كانت حتى الأمس القريب تتغنى غزلاً واعجاباً بما يقوله بعض الأطراف الخارجية والتي تدعو إلى ضرورة نقل السلطة في اليمن فكانت المعارضة تشيد ليلاً ونهاراً بذلك الطرح وبنزاهة أصحابه فيما اليوم تناصبهم العداء بوضوح يثير الضحك.
وها نحن اليوم وبعد مرور نحو 6 أشهر منذ بداية الأزمة الخانقة المفتعلة وما زلنا نراوح في المربع الأول مع اتساع الآثار المدمرة لهذه الأزمة على حياة المواطن ومع ذلك يظل أولئك السياسيون ورموز العمل الحزبي لا يعيرون أوضاع الناس وبؤسهم أي اهتمام بل أنهم يقابلون تلك المعاناة بمواقف يغلب عليها طابع العبث والهزيمة، ولم يكن ما ورد على لسان الكثير من هؤلاء السياسيين مؤخراً بشأن رغبتهم في إيجاد تشكيل يحل محل النظام سوى صورة مصغرة لذلك الهزل الممجوج المضحك المبكي في آن واحد ومع كل ما يعانيه الناس من معاناة تبقى نظرية المؤامرة سارية المفعول تستفز مشاعرنا حتى إشعار آخر.