صنعاءنيوز / م/ يحيى محمد القحطاني -
يمثل الشباب في كل أمة عمودها الفقري، وقلبها النابض، ونصف الحاضر وكل المستقبل، ويدها القوية التي تبني وتحمي، وهم أحد أهم مصادر الطاقة المتجددة التي لا تنضب، ورأس المال المنتج للشعوب، وهم الأداة والوسيلة والهدف، لكل عمليات التغيير والتطوير، وهم همزة الوصل، التي تربط بين الحاضر والمستقبل، ومن هنا يجب العناية بهم، والحرص على حسن تربيتهم، التربية المرنة، التي تعلمهم كيف يتعلمون لا ماذا يتعلمون؟ نربيهم كيف يتعاملون مع التكنولوجيا الحديثة، وكيف يضعون بصمتهم، على الدنيا فيضيفون ويبدعون، بدل أن يكونوا عالة، على اﻷمم المتطورة، من دول الشرق والغرب.
وما تشاهده دول العالم المتطور، منذ بداية القرن الواحد والعشرون، من تطورونهضة وتغييرات متسارعة، في كل مجالات الحياة، كالثورة المعلوماتية، والتطورالاقتصادي، وفي نظم الاتصالات وفضائيات الإعلام، إﻵ ﻷنهم جعلوا الشباب، وقوداً لحركات التغيير، لما يتمتعون به من حماسة وذكاء، والتطلع دائماً إلى كل جديد، ومن هنا تبرز أهمية، تشغيل وتنميةالشباب كقضية وطنية، ﻻبد أن تحتل موقع الصدارة، في سلم أولويات التنمية، لدى الدولة والمجتمع، نظراً للأهمية التي يمثلها، قطاع الشباب في اليمن، وفي كل المجتمعات اﻹنسانية المتطورة وغير المتطورة.
لكن واقع حال معظم الشباب اليمني، أنهم كانوا وما زالوا يعيشون، في يمن غير سعيد، فقراء ومعذبين ومنهوبين، وفي صراعات وحروب طائفية ومذهبية دائمة، ومنذ أكثر من عامين ونصف تقوم، السعودية مع 17 دولة، إضافة إلى اﻹرهابيين من القاعدة وداعش، والمرتزقة والعمﻻء من الداخل والخارج، بحرب إجرامية قذرة، استخدموا فيها جميع أنواع اﻷسلحة، بمافي ذلك اﻷسلحة المحرمة دوليا، هدموا جميع مشاريع البنية التحتية، حتى بيوت الله لم تسلم منهم، قتلوا وجرحوا عشرات الأﻻف من اﻷطفال والشباب والنساء.
فرضوا حصارإقتصادي وعﻻجي على اليمن، من البر والبحر والجو، قطعوا رواتب الموظفين، منذ مايزيد عن إحدى عشر شهرا وأكثر، وتوقفت جميع اﻷعمال في مصانع ومعامل وشركات، القطاع العام والخاص كليا، بسبب تهديمها من قبل العدوان، ومنذ نكبة 2011، لم يتم توظيف الشباب المتخرجين من مهندسين، وأطباء، ومدرسين، وغيرهم من التخصصات اﻷخرى، مما أدى إلى إرتفاع البطالة في أوساط الشباب اليمني إلى 100%، بحسب تقرير صادر من الأمم المتحدة، والتي لم تقوم بواجبها اﻹنساني تجاه اليمنيين، في توقيف الحرب ورفع الحصار، بل أكتفي أمين عام اﻷمم المتحدة السابق والحالي، بالقلق والخوف ليس إﻻ.
كل ذلك أنعكس سلبا، على وضع الشباب اليمني، الذين أصبحوا ضايعين وتائهين، فتم إستقطاب معظمهم من قبل جماعة الحوثي، ومن قبل السلفيين، وحزب اﻹصﻻح، والبعض تم إستقطابهم، من قبل الجماعات اﻹرهابية القاعدة وداعش، كل هذه الجماعات لهم عقائد منحرفة ومتطرفه، تؤثر على تفكيرالشباب، وتجعلهم يقومون بإرتكاب، جرائم وخيمة ﻻيحمد عقباها، وهناك من بقي من أصحاب المؤهلات العلمية العلياء، تقدموا بطلب اللجوا أوالهجره، إلى أوروبا وكندا وأمريكا، أو الهجرة إلى الدول المجاورة، مع أن اللجوء أو الهجرة، ﻷصحاب الشهادات العليا، يعتبر من أخطر أنواع الهجرات وتضر باليمن.
ومع ذلك فإن جميع أمراء الحرب، سواء الموجودين في الرياض وإسطنبول وأبوظبي، أو في صنعاء، يهمهم بقاء الحرب أكثر من توقف الحرب، وكانوا وﻻيزالون يعملون ليل ونهار، على إطالة أمد الحرب في اليمن، وإستمرار الحصار اﻹقتصادي، بغرض حصولهم على المزيد من مﻻيين الرياﻻت والدراهم السعودية والقطرية واﻹماراتية، وعلى مليارات الرياﻻت اليمنية من إيرادات النفط، والغاز، والموانئ، والمنافذ البرية والمطارات، والضرائب، والجمارك، كل ذلك على حساب دماء وأرواح ابناء اليمن، من شباب وأطفال ونساء.
وفي عهد أمراء الحرب اليمنيين، أنتشرالفساد المالي(واﻹداري السﻻالي في الشمال، والمناطقي في الجنوب)، فحكومة فنادق الرياض وإسطنبول، يقومون بتعيين أوﻻدهم، ونسائهم، وأقاربهم، وأنسابهم، مسؤوليين في السفارات والوزارات، وقيادات عسكرية وامنية، ومحافظين ووكﻻء محافظين، ووكﻻء وزارات، ومدراء عموم، ويقومون بإدخال أوﻻدهم وأقاربهم في الجامعات على حساب الدولة، وإرسال البعض منهم في منح دراسيةإلى الخارج.
وفي المقابل قام الحوثيون، خﻻل الثﻻثة اﻷعوام السابقة، وﻻزالوا بإصدار ألاف القرارات، ﻷتباعهم الهاشميين دون غيرهم، في كل مرافق الدولة مدنية وعسكرية، وكان الحوثي يمسي مدرس في مدرسة، أوطبيبا في مستشفى، ويصبح عميد أو لواء في الجيش أو اﻷمن، أو وكيل وزارة، أو رئيس جامعة، أو مدير مستشفى، أو مشرف في اللجنة الثورية بقيادة محمد علي الحوثي، أو مدراء عموم، ويقومون بإدخال اوﻻدهم، ومليشياتهم في الجامعات الحكومية، على حساب الدولة، أو إرسالهم إلى الخارج في منح دراسية، بينما أوﻻدنا يدرسون في النظام الموازي على حسابنا الخاص، رغم فقرنا المدقع، بسبب غﻻء المعيشة، وانقطاع الرواتب حقنا.
ومما سبق يتضح لنا، أن جميع القوى السياسية اليمنية، إﻵ من رحم ربي، لم يستفيدوا من تجارب الماضي، ولم يخضعوا أنفسهم للتقيم والمراجعة، ولم يقرؤون حركة التاريخ اليمني، القديم والحديث قراءة صحيحة، فقد حدثت عبرتاريخ اليمن الطويل، حروب وصراعات، وأزمات سياسية، زعزعت كل شئ، في حياة الانسان اليمني، ومع ذلك ها نحن اليوم، نكرر نفس اﻷخطاء ونفس السلبيات، وخير دليل على ذلك، ما يجري في اليمن منذ عامين ونصف، من حرب وصراع على السلطة، فكل حزب او جماعة تتأمر على اﻷخرى، فحزب اﻹصﻻح من وقت ﻵخر، يدخل في مواجهات وإغتياﻻت، مع حلفائة من السلفيين والناصريين واﻹشتراكيين، وهذه اﻷيام نشاهد الحوثيين، قد قامت قيامتهم، لمجرد أن حليفهم المؤتمر الشعبي العام، قرر أن يحتفل في ميدان السبعين، بمناسبة الذكرى ال 35 لتأسيسه، هددوا، شتموا، خونوا، وأنكروا جهود وتضحيات المؤتمر، رغم أن الحوثيين يحتفلون في كل عام بأكثر من 50 مناسبة تبداء بمناسبة مولد مؤسس الحركة حسين الحوثي وتنتهي بإسبوع كامل خاص بالصرخة، لكن الحوثيين حلفاء المؤتمر يعملون بالمثل القائل(حقهم حق وحق الناس مرق).
فحزب اﻹصﻻح له نظرية تقول من لم يكن معي فهواء ضدي، وجماعة الحوثي تقول انها الحق والحق معها، وأنهم القرأن الناطق، وأن شعارهم الصرخة، ركن من أركان اﻹسﻻم، وركن من اركان اﻹيمان، ومن لم يؤمن بذلك فهو غير مسلم، هؤﻻء الحزب والجماعة لﻷسف الشديد، ليس لديهم أي مشروع، لبناء دولة مدنية حديثة، فاﻹخوان عندهم أن الحاكمية لله، عن طريق أهل الحل والعقد، والحوثيين يقولون أن لهم الحق اﻹلهي في الحكم إلى يوم الدين، وجعلوا شبابنا ضحايا لحروبهم وصراعاتهم، وأصبح حالنا معهم( إذا اتفقوا نهبونا وسرقونا، وإذا أختلفوا قتلونا)، وبوجهة نظري فإننا في اليمن أصبحنا أمام مفترق طرق، إما ان نختار طريق التعايش والحوار والقبول بالاخر، وإما أن نختار طريق الشحن الطائفي والقتل والدمار، وبهذا نكون كتبنا نهايه محزنه للوطن والإنسان اليمني معا.
وفي اﻷخير فأننا جميعا على يقين، بأن اليمنيين لم يصنعوا حضارتهم القديمة، إلا في ظل الاستقرار والأمن والسلام، ولم تتحقق لهم الوحدة عام 1990، إلا في ظل نظام حكم ديمقراطي، يقوم على التعددية السياسية، والعدالة اﻹجتماعية والمشاركة الشعبية، وإن التعصب الأعمى لا يثمر إلا الشر، وأن محاولات أية فئة متعصبة للقضاء على الآخرين، أو إخضاعهم بالقوة والتهديد والتحدي، قد فشلت عبر تاريخ اليمن كله، وأن الاستقرار الجزئي أوالشامل لليمن، في ظل حكم يتسلط بالقوة، ويتسلط بالدجل والخديعة لايدوم طويلاً، وغالباً ماينتهي بكارثة، بعد أن كان نفسه كارثة على الشعب، وأن الحوار الواعي هو الوسيلة الوحيدة، لتحقيق السﻻم واﻷمن وحياة أفضل للجميع، وعلى جميع كل القوى السياسية اليمنية، أن تؤمن بأن كل اليمنيين شركاء في الوطن، وﻻ يمكن ﻷحد إقصاء أو إلغاء أحد، والله من وراء القصد والسبيل. |