صنعاء نيوز فهمي شراب -
ســفير وجد مِن فاعلي الخير مَن يغطي رسوم أولاده في أرقى المدارس الخاصة ، ويريد في نفس ذات الوقت أن يحصل على تغطية من الرئاسة والمبلغ 25 ألف دولار ( خمسة وعشرون ألف دولار أمريكي)، فيكون بذلك علم أولاده مجانا ويكون بذلك حصل على تغطية بقيمة الرسوم الدراسية، أي يُعَلِم أولاده بالمجان، ويحصل على مال وفير من الموازنة الفلسطينية التي ندوخ ونتوسل الدول المانحة و الاتحاد الأوربي بشروطه المهينة، من اجل دفع رواتب الموظفين وغيرهم، وعندما علمت المؤسسة بغرض السفير من وراء طلبه ورقة إثبات بتكاليف الرسوم ، رفضت ، فثار واخذ يزمجر ويرعد ويزبد، وهجم على المؤسسة وسب كل من فيها وقال لهم أنا ابن غزة وابن شوارع ولا يغرنكم أني سفير !!.. إنها فضيحة التغطية الوهمية و فضيحة أخلاقية .
وعلق بالأمس عدة كتاب على جمود وخمول وغرابة في تصرف السفراء المريب الذين حضروا الاجتماع في استانبول مع الرئيس أبو مازن حيث لم يتفاعلوا مع خطاب اردوغان وقد قال الكثير من العبارات الرائعة منها؛ "أود أن أقبل عيون الأمهات الدامعة في فلسطين" فلم تتحرك يد من هؤلاء العواجيز حتى لتصفق خجلا أو ديكورا في الجلسة .خطب اوردوغان وكان فلسطيني أكثر من الفلسطينيين، وأثار بكلماته المتعاطفة التي تبكي العيون وتدمي القلوب من اجل فلسطين والقضية،، حتى أن الرئيس شعر بالإحراج للصمت الرهيب المطبق الذي تسبب به السفراء.
فلماذا يصفق بعض الفلسطينيين لرؤساء إسرائيل في كثير من المحافل ولا يصفقون لاردوغان الأكثر عروبة من العرب؟؟ إنها فضيحة صمت القبور ..فعذرا أيها الطيب اردوغان عما فعله العرب منذ لورانس العرب ملك العرب الغير متوج حتى مؤتمر سفرائنا الأخير... فحقا نحن لا نستحقك، وأنت كثير علينا.
وأريد هنا أن استغل هذه الفرصة لأعلن توبتي إلى الله، حيث كنت قد أخطأت في الماضي القريب ولجأت إلى الشكوى لغير الله، ولم اسمع لمن قال لا تشكو للناس جرحا أنت صاحبه.. لا يؤلم الجرح إلا من به الم. وقد أكون قد أسمعت لو ناديت حيا، ولكن لا حياة لمن تنادي.. يبدو أن الوقت قد تأخر، وقد شربت مؤسساتنا في الداخل والخارج سم الفساد القاتل رغم مناشداتنا دائما بان لا تشرب هذا الدواء.. الزجاجة فيها سم قاتل ولكن يبدو لي أن عماد حمدي الفلسطيني قد شرب الزجاجة كاملة.
للأسف سفاراتنا قد ضلت الطريق، وتنكبت سواء السبيل، وتبدلت أحوالها ومهامها الأساسية وأداروا القائمين عليها للناس ظهر المجن، فبدل أن يقدموا خدمات للرعايا الفلسطينيين، أصبح أفراد الرعايا والجالية الفلسطينية هم من يعملوا ويسهروا على راحة وخدمة سفاراتنا الفلسطينية ، وذلك بعدم الذهاب لمقر السفارة أساسا، أو التفكير ألف مرة قبل الذهاب بسبب ما يجدونه من سوء معاملة وقسوة ولامبالاة وتقصير تام تجاههم. وقد جعلوا من السفارات - القصور الفخمة - ثكنات منعزلة عن الجمهور الفلسطيني ، يمارس رجال المخابرات الذين يقبعون فيها أبشع الطرق للتحقيق مع الرعايا أو الطلاب الفلسطينيين.. وقد أصبحت السفارة بيتا للرعب.. إن لم تعرف طريقها سلمت.. وان تاهت بك السبل واضطررت إلى طرق بابها ضعت.
***
من بين شروط الالتحاق بالسلك الدبلوماسي التمتع بــ السمعة الحسنة ، وللأسف هناك عدد غير قليل من ممثلينا في الخارج ملأت فضائحهم جرائد وصحف الدول المضيفة فضلا عن الصحف والأخبار الفلسطينية ولدينا كثير من هذه الأوراق والأخبار..
ومن بين بنود القانون الدبلوماسي المقر عام 2005 أن الدبلوماسي يجب أن لا يستمر في عمله في الخارج أكثر من عشرة سنوات،، ونحن نراهم يتملكون السفارات ويورثونها لأهلهم وأولادهم و وذويهم بعد إقامة هانئة تفوق الأربعة عقود على الأقل.
حق لنا أن نسأل أين الرقابة التي تسمح بدخول حارس السفير ومرافقه السلك الدبلوماسي ؟ وكيف يصبح رجل الأمن الذي لا يحمل أي شهادات من الذين مهمتهم كتابة التقارير سفيرا أو قنصلا ؟ وأي بند يسمح ويخول للسفير بان يعين زوجته سكرتيرة له؟ أو نائبة له بدرجة مستشار أو مستشار أول؟ وكيف لأولاده الذين يأتون بشهادات مزورة أو تقدير مقبول أن يرتقوا أعلى السلم الدبلوماسي؟
كانت تأتي دورات لبريطانيا وأمريكا والهند وباكستان وفرنسا وكندا في اللغة الانجليزية والفرنسية كمنحة لوزارة الخارجية الفلسطينية وموظفيها فلا تجد احد يذهب لأنه ضعيف وليس له أو عنده أي مستوى، فلذا لا احد يتقدم وتذهب الفرصة هباء !!!
أين الرقابة لترى كيفية إهدارهم للمقدرات الفلسطينية وتوزيعهم للمنح فقط حسب الولاء والمزاج والقرابة بغض النظر عن المعايير المتعارف عليها عند الدول المحترمة التي تتبنى مناهج ومعايير علمية حيادية.
حتى أبناء الشهداء لا يولونهم أدنى اعتبار ويحرمونهم من أدنى حقوقهم .وقد رأيت كيف تحرم أبناء الشهداء من المنح و تعطي سفارتنا في ماليزيا الضابط بدرجة رائد الأخ/ محمد رشدي عايش صيام منحة كاملة ( إعفاء من الرسوم ومبلغ يقدر ب 500 دولار شهري وتعطي الضابط المقرب من دحلان الأخ/ بهاء مطر أيضا منحة ومبلغ مالي مجزي يزيد عن 500 دولار شهري مدفوعا لهم جميعا ولغيرهم من الذين حصلوا على المنح وبمعدلاتهم المقبولة تذاكر سفر مكرمة ضمن المنحة، إضافة إلى أنهم يتلقون رواتبهم التي تفوق الأكثر من 1200 دولار شهري.!!
جاء في القانون الدبلوماسي بأنه يجوز أن يحمل الدبلوماسي جنسية أخرى شريطة أن لا تكون نفس جنسية الدولة المضيفة التي يعمل بها.. ووجدنا بان هناك العديد يحملون نفس الجنسية للدولة التي يعملون بها، لذا فهم يفقدون الولاء لفلسطين، ويصبحوا موظفين عند الدولة المضيفة وليس لدولة فلسطين.. وهذه خيانة وحنثا بالقسم الذي يؤديه الدبلوماسي الفلسطيني!!
السفارات لا تقوم بواجباتها تجاه القضية الفلسطينية ولا تعمل على وضع القضية في أي درجة ضمن سلم الأهميات والأولويات لدى الدول المضيفة، لذا ، نجد الموساد يتغلغل بسهولة في ساحة تلك الدول، وذلك بسبب الفراغ الذي يتركه دبلوماسيينا في تلك الدول بسبب انحراف بوصلتهم، وعدم وجود هيئة رقابية قوية تمارس وتضبط إيقاع عملهم.
***
دول كثيرة مثل اليونان كانت قلبا وقالبا معنا، وقد قيل إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982 والدمار الذي لحق بالشعب الفلسطيني بان اليونان هي الدولة العربية الوحيدة التي أدانت ورفضت العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ! وها نحن نفقدها الآن كما فقدنا وزننا وتأثيرنا في دول أسيا التي تزداد نموا وقوة، ومن المتوقع أن يكون لها تأثير كبير في المستقبل في ميزان العلاقات الدولية.
وقد كتبت أكثر من خمسة أجزاء أناقش فيها فساد السفارات وتوجيه النصح لهم بضرورة إجراء تغييرات داخل أروقة السفارات مع التزام منهج أخلاقي واضح ومضاعفة الجهود لخدمة أبناء فلسطين، ولم أتلق منهم إلا تهديدات بالقتل والتصفية الجسدية وذلك مثبت لدينا.
هل هكذا يرد على من يطلب إجراء تغيير وتلبية الحد الأدنى من مطالب الشعب الذي قاسي وعانى كثيرا؟ هل هذه أخلاق سفارات فلسطين؟ هل هذه الطريقة في الرد تتناسب وعام 2011؟
وعزائي أنني تلقيت أكثر من 1000 بريد الكتروني خلال أيام فقط من مناصرين لي ولما اكتب، يثبت تورط سفاراتنا بفضائح كثيرة وتعديات وتجاوزات وأعمال منافية للأخلاق.
لقد ضاع وتشتت جزء كبير من الشعب الفلسطيني أثناء الثورة المصرية في يناير من هذا العام عندما علق آلاف الفلسطينيين وتقطعت بهم السبل – وقد لجأ جزء منهم لمكاتب الهجرة وللعمل في الممنوع اضطرارا- ولم يجدوا سفارة توفر لهم أي نوع من الخدمات أو مسكن يؤووا إليه، اللهم إلا من بعض الاستثناءات التي- سمعنا عنها ونحن عالقون في ماليزيا - مثل السفارة الفلسطينية في القاهرة وطاقمها المتواضع! حيث وفرت أماكن آمنة لمبيت العالقين وأعطتهم بعض ما يسدون به رمقهم، و مثل توفير مستلزمات العيش للأسر النازحة من العراق من خلال سفارتنا في الهند قبل عدة أشهر وتدخل السفير بنفسه مؤخرا لإخراج من تم اعتقاله بشكل عشوائي من الفلسطينيين في أحداث مومباي الأخيرة. هناك نماذج مشرفة أخرى ولكنها للأسف لا تتعدى عدد أصابع اليد.
***
لقد طفح الكيل، وازكم فساد السفارات الفلسطينية الأنوف، فإسرائيل مؤخرا أوقفت و أحالت للتحقيق فورا احد دبلوماسييها الذي يعمل في السفارة الإسرائيلية في عمان عندما تورط في تزوير أوراق مالية، وهي إضافة أرقام في قيمة الفواتير لكي يأخذ الزيادة لصالحه.. فلماذا لا تتم محاسبة المتهمين عندنا وهم كثر بسرقة الأموال العامة؟ ولماذا يفلت من العقاب من ثبت بالدليل القاطع إدانته؟ لماذا يتم عندنا إدارة الأزمة وليس حل الأزمة؟ و لماذا يتم نقل السفير المتورط في سرقة أموال الدولة أو تحرش جنسي أو بيع المنح الدراسية أو بيع مقر السفارة نفسها كما حصل؟ أو المتعاون مع إسرائيل إلى دولة أخرى؟ لماذا نلجأ إلى الحلول الترقيعية التي لا تغير من الواقع شيئا؟
والله نحن نشفق على هؤلاء السفراء الذين ارتقوا مرتقا صعبا، حيث قابلوا دماء الشهداء بالتنكر لأبنائهم وحقوقهم، والجحود أمام معروف صبرهم وتحملهم شظف العيش في الداخل، فكانوا الوجه الآخر للاحتلال وجبروته وندرك بان نهايتهم ستكون وخيمة.
وللأسف الشديد كسبت سفاراتنا أسوأ سمعة بين جميع السفارات في البلدان المضيفة، فكل سفارات الدول الأخرى تجدد جواز سفر لأي من مواطنيها في نفس اليوم، بينما ترفض سفاراتنا تجديد الجوازات!
والخبر المحزن أن بعض سفاراتنا قد أصبحت مكروهة في البلدان المضيفة وعلى علاقة سيئة مع الجهات الرسمية لسوء تعامل موظفيها وتآمرهم مع بعض المنفلتين في البلدان المضيفة كما هو الحال مع سفارتنا في ماليزيا،، إضافة إلى انخراطهم في أعمال التجارة التي تلهي وتشغل الدبلوماسي عن القيام بعمله إضافة إلى التورط في أعمال مخالفة للقانون.
***
سفاراتنا في الخارج قوة وطاقة ضائعة لا يحسن استغلالها وهي عبارة عن مكان لراحة واستجمام موظفيها، والويل والثبور وعظائم الأمور لمن يأتي يطلب خدمة روتينية أو تصديق على ورقة أو حتى يطلب استفسار! أو حتى يهاتف احد أرقام السفارة. فقد تسمع ما لا يسعدك، أو تنتظر كثيرا على الخط بناء على طلب السكرتيرة التي ستحولك للرجل المعني، ولتغلق الخط بنفسك بعد طول انتظار وإهدار الوقت وإضاعة المال.
ولا يوجد خط طوارئ للاتصال في حالة وقوع أي لبس أو سوء تفاهم أو اعتقال بالخطأ في الدولة المضيفة، على عكس الدول المحترمة والتي تحترم مواطنيها..
وكثيرا من يقول بان السفارة مكان لاستقبال واستجمام الرئيس الفلسطيني فقط عندما يأتي لهذا البلد زائرا.
وختاما آمل أن أكون قد أوصلت الرسالة و أبرأت ذمتي أمام الله والجمهور الفلسطيني الشريف.
ملاحظة: تم إرسال نسخة من بعض الأوراق الهامة والثبوتيات التي لدي بهذا الشأن لعدة جهات معنية،وهي وثائق خطيرة وتدين بعض السفارات و السفراء والدبلوماسيين وحتى رجال الأمن..
وان لم تتم الاستجابة والشروع في إصلاح حقيقي، سأضطر لنشر ما لدي من فضائح ووثائق، وليكن آخر مقال لي، فلست أبالي حين اقتل – مخلصا ومقاتلا ضد دولة فسادستان- على أي جنب كان في الله مصرعي.. وليكن الشعب هو المحكمة وصاحب القول ومصدر الشرعية.
[email protected]
كاتب وأكاديمي فلسطيني.
غزة.