صنعاء نيوز/نبيل حيدر -
كل شيء في بلدنا استثنائي .. مراكز القوي استثنائية جامعة بين المال و السلطة والتنفذ والسلاح ومساحة لا بأس فيها من العلاقات الخارجية التي ليست إلا خنوعا بقدر ما يحط من شأنهم في الخارج بقدر ما يرمحون في تعويض انحطاطهم بالتعالي في الداخل على أهل الداخل .
كل شيء عندنا استثنائي حتى في الحراك الثوري وفي النهج الثوري الذي لم يكد يشرق حتى قضمه أرباب الفساد و عرابي الكراهية و الكذب و جبناء الدهر الذين مارسوا أقذع الفساد وكانوا من رواده بل من المؤصلين له في جنح ليل صفته أن الدنيا كلها هكذا ماشية .
كل شيء عندنا استثنائي حتى في نقاط التفتيش .. تفتيش عن مسدس وعن سلاح ومصادرة لقطعته و للعصي .. والمسلحون المستظلون بظلال المشايخ وغيرهم يجوبون الشوارع و يخلقون المشاكل في طوابير محطات الوقود ويطلقون النار في الجو ولا أحد يلاحقهم أو يسألهم لماذا هذا وكيف هذا يا هذا .
* كل شيء عندنا استثنائي .. فأساتذة الجامعات الحكومية المضربين عن التدريس تحت دعوى لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس ذهبوا إلى الجامعات الخاصة و درسوا طلابها (كوكتيليا) بأربع محاضرات في محاضرة بل إن رئيس إحدى تلك الجامعات الفاسد معظمها و هو من المناهضين للنظام يعد الطلبة بامتحانات سهلة و عشر درجات (تحلية) مجانية في كل مادة . أي انه مضرب في الحكومي غير مضرب في الخاص . !
و هاهو أستاذ مخضرم ينادي بالتغيير في كلية الطب بجامعة صنعاء ممتنع عن التدريس بحج يهب لتسجيل ابنه في الكلية عندما فتحت الجامعة أبوابها للتسجيل للعام القادم فيما العام الماضي لم يمض بعد ولم يكتمل و بحت أصوات الطلاب والطالبات الخائفين على مستقبلهم أمام عجز رئيس الجامعة ووزير التعليم والحكومة عن فرض استمرار الدراسة خاصة وان هناك مئات الطلاب يريدون استمرارها .
* كل شيء عندنا استثنائي نعم ولا شك في ذلك .. نحن استثنائيين حين نتغنى بأمجاد الماضي واستثنائيين بالتشدق بالصولجان الحضاري و عصا القبيلة و خاتم سليمان التسلط و العيش على حساب الغير و فوق أكتافهم و ربما تحت نعالهم .
نحن لسنا كبقية البشر نعم .. نريد أن نتغير إلى الأحسن ولا نريد دولة مدنية أصلها حقوق وواجبات و فرعها ثواب و عقاب بلا استثناء و مستثنيين . نريد إقصاء فساد من ليس معنا و لا نريد دحرجة خبث و صدأ فساد من هو معنا .
كل شيء في اليمن استثنائي .. هل تعلمون أننا نعيش الصيف والشتاء فقط ولا نعيش المناخ بفصوله الأربعة ؟! نعيش ذلك في الأجواء وفي السياسة وفي الاقتصاد وفي الحالة الثورية وفي الحشد والتحشيد لهذا الرأي أو ذاك .
* كل شيء عندنا استثنائي وبعضه عجيب و مضحك .. فهذه العاصمة صنعاء رغم ان كثير ممن يسكنها خرج منها و رغم أن الحركة في عمومها متوقفة إلا أن الازدحام في محطات الوقود يظهر كما وأن سكان المدن الأخرى قد تركوا مدنهم و التحقوا بصنعاء . !
كل شيء عندنا يطارده الاستثناء و من النادر أن يلفحه الثناء . حياتنا استثنائية وتفكيرنا استثنائي و سلوكنا استثنائي . تبريرنا لقتل النفس استثنائي و دفاعنا عن المجرمين و حملة عرش التخلف و الجهل و مؤلهي الزعامات استثنائي .
و يبدو أن قاعدة ما شذ شذ في النار .. الوحيدة التي لا استثناء لها .. فكل استثناءاتنا شاذة وكلها ستأكلها النار وحسب إشارة سهم التفاعلات الكيميائية ستأكلنا أيضا كل شيء استثنائي حتى في حديثنا عن الظلم والظالمين .. ندين ظالما و نستثني ظالما ، نحكم على فاسد و نمجد فاسدا غيره .
كل شيء عندنا له استثناء .. نتمسك بقاعدة النسبية بشكل نسبي وعندما نريد أن نبعث الحكم المطلق ... نبعثه بلا استثناء و بانفصام حاد في الشخصية و القول والفعل والرغبة .
* ألا قاتل الله الاستثناء .. أتعسنا كثيرا و حجم حياتنا كثيرا و رفع من لا يستحق وأعطى حرمة لمن لا حرمة عنده لأحد إلا لحرم نزواته و مقام مزاجه . قاتل الله الاستثناء كم أهدر من حقوق وكم أجار من الظالمين والناهبين و القتلة والحاقدين و المتنطعين .. كم فعل ذلك ولا يزال يفعله .
كل شيء استثنائي حتى في التفكير من الخروج من الأزمة الراهنة التي ليس لها إلا مخرج واحد يرفضه عباقرتنا الاستثنائيين متشدقو (وما النصر إلا صبر ساعة)العبارة الحق الممتشقة باطلا .. وكأنهم يعملون على صواريخ أخرى .
* وكل استثناء عندنا له مقامه الشيئي .. فنحن في أزمة أخطبوطية متعددة الأذرع تدار بورق الكوتشينة .
كل شيء يثبت انه مدجج بالاستثناء حتى في شهادة (كنت طبيبا في المستشفى الميداني للإصلاح )وفي اعتبار معارك أرحب معارك ثورية .
بعد كل هذا .. يريدون أن نؤمن بأنهم الاستثناء الأفضل .. وهيهات فكل شيء قد يكون إلا هذا . والسبب غير خفي .. فكل شيء استثنائي . ويا قافلة عاد المراحل طوااال .