صنعاءنيوز / بقلم/ احمد الشاوش -
الخميس, 17-أكتوبر-2024
في اليمن رغم الفقر المدقع والجوع القاتل والبطالة وغياب الرواتب والخدمات نتيجة للازمات السياسية والاقتصادية وصعود العملة وجحيم الاسعار وارتفاع ضغط دم المواطن وسكري الاسرة والنفسي للمجتمع تكونت ثقافة التقشف الاجباري والتدبير المنزلي والحرص الشديد على بقايا الطعام ، لاسيما بعد ان عجزت الملايين من الاسر اليمنية من تأمين لقمة العيش وشربة الماء وشراء الاحتياجات الضرورية للبقاء على قيد الحياة ناهيك عن معجزة تسديد فواتير الكهرباء والمياه والصرف الصحي والحصول على علاجات السرطان والقلب والفشل الكلوي والسكر والجلطات والتنفس ، حتى رسوم الدخول الى أي عيادة خاصة أو توفير شريط اسبرين أوحبة سلوبادين ومغذية صار أشبه بمعجزة في زمن فقر الثورة.. ثورة في صنعاء واخرى في عدن وثالثة في مارب ورابعة في تعز وخامسة في المخاء وكرة التقسيم تتدحرج في المهرة وحضرموت وشبوة وغيرها من الحركات والحراكات السياسية.
والحقيقة ان المواطن اليمني اليوم أصبح مصدوم من شدة المعاناة وشارد ومهموم ومحموم لا يذوق النوم على مدار الساعة من كوابيس المعيشة وطلبات الاسرة البسيطة وتقزم شخصية الاباء تجاه مطالب اطفالهم للعجز عن الوفاء والتخوف من الحاضر والمستقبل المجهول ، خصوصاً وان المواطن الشريف لايدري كيف يؤمن القوت الضروري لاسرته واطفاله من حيث المسكن والمأكل والمشرب وسداد الايجارات ورسوم الدراسة والديون القاتلة وغياب فرص العمل وحالات الكساد والانهيار الاقتصادي والتفكك المجتمعي والسياسات العقيمة وتحولات الناس والخطابات والرنانة والمواعيد العرقوبية التي أدخلت المواطن في بحر من حلبه لالهاء الشعب بالجوع ، لاسيما في ظل سياسة تغييب رواتب الموظفين وتحميل كل طرف ، الطرف الآخر بالمسؤولية رغم ادعاء جميع الاطراف بأن كل منهم هو الدولة والشرعية وهو من يُمثل الشعب اليمني والشعب بري من الجميع !!.
كنا آمنين .. مستقرين .. سُعداء .. قادة ووزراء .. مشائخ وعلماء .. فنانين ودراويش مدن وقرى .. موظفين وعمال .. بالمرتبات والمكافآت والاضافيات والحقوق كل يؤدي عمله في مؤسسته ومرفقه والحياة ماشية حلاوى رغم المنغصات .. اطباء واكاديميين ومهندسين وقضاة ومعلمين وتجار ورجال اعمال وعسكر عايشين حياتهم ومستورين ومتوحدين وكل واحد يحلم بالغد الاجمل ..
يحلم بوظيفة أفضل وأرضية واسعة ومنزل أجمل وسيارة وفلة وتجارة ومناصب وسفريات خارجية وتغيير جو ومطاعم رغم هامش الفساد لكن الدولة والمؤسسات والخدمات الرمزية موجودة واذا غطس مواطن اوسياسي عرفوا مكانه وصاح الاعلام والمنظمات او على الاقل الاستعانة بشيخ أو عضو مجلس نواب او حزب كرتوني أو قرشين خرجوه ،بينما اليوم الكثير يذوب مثل الملح في الماء في كل ربوع اليمن.
ورغم تلك النعمة والستر ركض القيادات والانتهازيين والمزايدين والمنافقين واللصوص والمغفلين النعمة في ظل ثقافة الفجور والحقد والمكايدات السياسية والمصالح الخبيثة والمشاريع الخارجية التي دمرت الوطن والسيادة والشعب والجيش والمؤسسات والبنية التحتية والمنجزات المتواضعة وأوصلتنا الى مانحن فيه من جوع وفقر وعذاب.
والمثير للقلق حد المأساة أنه أصبح اليوم أكبر حلم لليمنيين هو البحث عن اللقمة وشربة الماء وسداد الايجارات المتراكمة وفواتير الكهرباء والماء والتلفون والحصول على حقوقه ومرتباته وقبل كل شيء عودة الدولة اليمنية وليس دويلات المليشيات والكانتونات والبراميل والتابعيات والسفارات .
الشعب اليمني اليوم في أمس الحاجة الى دولة المواطنة والمساواة والحقوق واستحضار قيم التسامح والتعايش والشراكة والحوار والسلام في قيادة سفينة الوطن واعادة بناء الدولة والحفاظ على السيادة والوحدة الوطنية بدلاً من مشاريع واجندات الحروب والدماء والدمار والاطلال والاستقواء بالاجنبي والنهاية سقوط الجميع.
الشعب يبحث عن الدولة اليمنية التي يستظل تحت سقفها كل ابناء اليمن بمختلف تياراتهم السياسية والثقافية والفكرية والحزبية وتذوب فيها كل الاعراق والنظريات الهدامة واساطير الخرافة واسقاط كل الولاءات الداخلية والخارجية أياً كان شكلها اولونها.. أملنا كبير.. |