صنعاء نيوز - على مدار عقدين لطالما تغنت الجماعات الإسلامية في قطاع غزة بالمرأة وجعلت منها نصوصاً لخطابات وشعارات رنانة، كما أطلقت عليها مسميات

الثلاثاء, 12-نوفمبر-2024
صنعاءنيوز / حسام خضرا -






يكتب: أمراء المَد وال



على مدار عقدين لطالما تغنت الجماعات الإسلامية في قطاع غزة بالمرأة وجعلت منها نصوصاً لخطابات وشعارات رنانة، كما أطلقت عليها مسميات لا وجود لها إلا في قواميسهم المضللة، فتارة كانوا ينعتوهن بالحرائر وتارة أخرى بالقوارير، وتارة بالدُر المَكنون، حتى أن تشبيهاتهم للنساء وصلت إلى الفاكهة وكان للبرتقال المغلف بقشوره نصيب الأسد من تلك التشبيهات، كما أننا لا ننسى قصتهم المشهورة حول بائع الحلوى المكشوفة أمام المارة وصندوق الحلوى المغلق الذي لا يراه سوى مشتريه، فالمرأة استحوذت على الكثير من فتاويهم وتعابيرهم وحكاياتهم ومجالسهم.



لكن الأمر لم يتخطَ كونه حديثاً على تلك الألسنة ولم يصل إلى مرحلة الفعل، فالمرأة لم تكن بالنسبة لهم إلا أداة ضعيفة يشوهونها متى أرادوا ويرفعون من قدرها إن كان ذلك يلبي احتياجاتهم، فخطابات قيادتهم في الخارج لا تخلوا من عبارات التمجيد بالمرأة الفلسطينية، لكن الواقع مغاير تماماً لما يقولون ويدعون، فالمهانة والاستغلال والذل أصبحوا سلعة في سوق غزة التجاري، الذي أصبح مكاناً يباع فيه كل شيء في سبيل النجاة حتى وصلنا إلى بئر سحيق جراء العناد والغرور الذي لا فائدة منه ولا طائل ولا رجاء.



إن المرأة الفلسطينية كانت عزيزة ثمينة مكرمة على الدوام، وأذكر جيداً جداتنا وأمهاتنا وحكمتهن في إدارة منازلهن وشؤون حياة أزواجهن وعوائلهن، كما أذكر جيداً كيف كانت حياتهن قبل جحيم السابع من أكتوبر وكيف كان أهل غزة يتسابقون لإكرامهن والرفع من قدرهن حتى أنني وبعد جولة في الكثير من الدول أدركت أن المرأة في قطاع غزة وصلت إلى مكانة من الحرية والقوة تضاهي مكانة المرأة في الكثير من الدول الأوروبية بل وإننا تخطينا حاجز الدول العربية في نسبة الحرية، حتى وإن كان الحاكم بأمر الله يرى ويقرر عكس ذلك من خلال محاولات التضييق عليهن سواء في سوق العمل أو في المدارس أو حتى في الأماكن العامة.





إن السابع من أكتوبر كان وبالاً على المرأة من كل الجوانب بدءاً بكتم مشاعر الحزن في قلبها على فراق الأحبة امتداداً إلى رحلات النزوح وتحمل المسؤولية بعد رحيل الأب والأخ والزوج والأطفال، وليس انتهاء باستغلالهن سراً وعلانية مقابل حفنة من الدقيق أو بعض صناديق الطعام أو حتى مقابل الحصول على احتياجاتهن النسائية، بل ووصل الأمر إلى حد المساومة من بعض الأشخاص منزوعي الخلق ولنا في الكثير من الرسائل المسربة عبر مواقع التواصل الاجتماعي دلائل وإشارات مَرت دون اتخاذ إجراء، خاصة أنه في حالات الحروب الطاحنة يكون منطق النجاة الفردية هو السائد في المجتمع والإفراط في الأنانية جزء كبير من مصيبتنا في هذا المجتمع وما وصلنا إليه من تردٍ على كافة المستويات.



إن إسرائيل عدو صريح قتل ويقتل وسيقتل ولكل قاتل وجهة نظر يرى من خلالها أحقيته ومظلوميته، ونحن كفلسطينيين ما زلنا نعتقد أن عدالة القضية تمنحنا الحق غير مشروط، لكننا تناسينا أن عدالة القضية لا تعني شيئاً في ظل اختلال الموازين في هذا العالم، فهناك الكثير من المواقف والمصالح التي تبنى عليها التحالفات وتصاغ من أجلها المبادئ، فمن الممكن أن يصبح القاتل بطلاً والمقتول مجرما كما يمكن أن يبيع الإنسان نفسه في سبيل نجاته أو نجاة الآخرين.



ولا أستطيع أن أعي حتى هذه اللحظة ما سمعته من قصص حول ما يحدث داخل القطاع خاصة ضد نساءنا اللواتي فقدن معيلهن، فإحداهن كان زوجها مقاتلاً يتبع إحدى الفصائل المسلحة قدم روحه فداء لكل هؤلاء المدنيين الذين يقبعون في الخيام ولا أعتقد أنه تخيل ولو للحظة قبل مقتله أن أحد من باعوا ضمائرهن سيساوم زوجته على شرفها مقابل كيس من الخبز، وأخرى زوجها مواطن مدني أصيب في أحد الاستهدافات وخرج للعلاج حتى وجدت نفسها بين أنياب مبادر من أجل توفير خيمة تأوي أطفالها، وأخرى وأخرى حتى ضج رأسي بما سمعت.



إن خطباء المساجد ورجال الدين صدعوا رؤوسنا على مدار سنوات في خطاباتهم العصماء حول المرأة حتى باتت عشاً ينخر أدمغتنا، لكن أول اختبار للمجتمع كان كافياً لانهيار ذلك العش ناهيك عن فقدان أدمغتنا من هول ما رأيناه، ومن وجهة نظري فإن المنظومة الدينية المبنية على القمع والتلقين والتخويف والإرهاب سقطت مع أول اختبار وما تبقى الآن هو الفطرة البشرية الخيرة المتمثلة في أشخاص بدأوا يحملون على عاتقهم مسؤولية التشهير بأولئك الذين فقدوا السيطرة على رغباتهم في مكان يجب أن تنعدم فيه الرغبة ويبقى فيه الأمل بأن غداً سيكون أفضل للجميع إذا استحق المجتمع أن يبني نفسه ويلفظ كل مخالف مستغل مبتز مختبئ في صفوف المدنيين أفقد المجتمع سلمه وأمانه وكينونته الطبيعية.



وما أسعى له من خلال كل هذا السرد هو إيضاح الحالة التي وصلنا إليها وإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي وحماية الأطراف الضعيفة داخل المجتمع، ومنح المرأة حرية التعبير دون خوف أو رادع مهما كانت الحالة ومهما كان المصاب، فالأمان دائماً يمنح الفرصة للتعبير والإفصاح عن كل تلك الحالات استعداداً لمواجهتها ومعالجتها في ظل نظام يحمي حقوق المرأة التي تعتبر القائم الأهم في زاوية المجتمع الفلسطيني على الدوام.


















































































تمت طباعة الخبر في: الخميس, 14-نوفمبر-2024 الساعة: 04:47 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-100025.htm