صنعاء نيوز -       أحد أبرز أعلام المال والاقتصاد، ذو خبرة واسعة في مجاله، مشهود له بالنزاهة والإخلاص، ارتبط بعلاقات متميزة بالمنظمات الدولية المالية والاقتصادية، عُين محافظا للبنك المركزي في العام 2010، في فترة حرجة تزامنت مع توتر في الساحة السياسية بين الرئيس علي عبدالله صالح وحزب المؤتمر من جهة وبين المعارضة ممثلة بـ"أحزاب اللقاء المشترك".

الثلاثاء, 26-نوفمبر-2024
صنعاء نيوز/د. عبدالوهاب الروحاني -
أحد أبرز أعلام المال والاقتصاد، ذو خبرة واسعة في مجاله، مشهود له بالنزاهة والإخلاص، ارتبط بعلاقات متميزة بالمنظمات الدولية المالية والاقتصادية، عُين محافظا للبنك المركزي في العام 2010، في فترة حرجة تزامنت مع توتر في الساحة السياسية بين الرئيس علي عبدالله صالح وحزب المؤتمر من جهة وبين المعارضة ممثلة بـ"أحزاب اللقاء المشترك" من جهة أخرى، وجه بن همام علاقاته المتميزة بالمنظمات المالية الدولية لصالح تعزيز الثقة بالبنك المركزي بعد أن احدث اصلاحات جوهرية في نظامه وادارته.

أدار بن تمام البنك المركزي بمهنية وكفاءة عالية، حافظ على أدائه في ظل أحداث ما سُمِّي "الربيع اليمني 2011م"، ثم في ظروف الحرب التي اندلعت في مارس 2015، تعامل بمهنية عالية، وأعمل النظام والقانون في تعامله مع الأطراف اليمنية المتحاربة، ورأى من موقعه كخبير مالي ومسئول أول ان يحيِّدَ نشاط البنك عن الصراعات والخلافات السياسية.
خلال سنتين من الحرب لعب بن همام دورا فاعلا في الحفاظ على أداء النظام المالي والمصرفي، فعمل على تثبيت سعر العملة الوطنية، واستمر البنك بصرف المرتبات لموظفي الدولة في كل محافظات الجمهورية في السلكين المدني والعسكري، والبعثات الدبلوماسية، والطلاب، بحيادية ودون توقف أو تمييز، واستمر أيضا في صرف النفقات التشغيلية للمؤسسات الحكومية رغم توقف الصادرات وعائدات النفط، والغاز، والقروض والمنح الخارجية.

الخطوة الغلط:
في محاولة منه (وهو الخبير المالي) لتفادي المخاطر التي كانت تنذر بتهديدات الوضع المالي بفعل توقف التعامل الخارجي كان يرى بضرورة "طباعة العملة الوطنية" لحل مشكلة السيولة النقدية، غير ان الخلافات السياسية، وتوسع المواجهات بين طرفي الصراع دفعت برئيس الحكومة أحمد بن دغر الى رفض الرأي المقدم من محافظ البنك بن همام في منتصف 2016، بمبرر أن " البنك يمول المجهود الحربي" لجماعة الحوثيين؛ الأمر الذي نفاه الدكتور بن همام نفسه في حديث متلفز بقوله: "إن البنك المركزي يعمل بحيادية واستقلالية ونزاهة تامة وفقا للنظام والقانون، ويخدم الوطن والمواطن في كل المحافظات.. لا نعمل لطرف دون آخر، ومن يقول اننا نمول المجهود الحربي هذا غير صحيح، وهم يعرفون ان ما يُصرف هو للمرتبات فقط".

جاء إتهام بن تمام بتبديد أموال البنك المركزي لصالح "المجهود الحربي" كمدخل لتمزيق البنك وتمزيق الوطن، الذي حذر منه حينما قال " إن نقل البنك المركزي إلى أي مكان أخر يعني تفتيت البلاد وتقسيم اليمن، وأنا أنصح بعدم اتخاذ هذه الخطوة لأنها خطأ كبير جدا جدا" ، وهي الخطوة الكارثة، التي اقدم عليها أحمد بن دغر بتمرير القرار، وبتحريض من "التحالف" بقيادة السعودية بنقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن في 18 سبتمبر 2016، في خطوة مخالفة للدستور، وكان نقل مقر البنك المركزي من صنعاء بمثابة اقالة للدكتور محمد بن تمام، بعد ان كان قد حافظ بصمت على وحدة البنك ووحدة أدائه وادارته.

وغادر بن تمام صنعاء إلى حضرموت بعد صدور القرار، وبعد أحاديث عن خلاف مع الحوثيين "وفرض إقامة جبرية عليه بسبب رفضه صرف مبالغ المجهود الحربي"، الامر الذي كذبته مغادرته حضرموت، الى جانب أن بن تمام كان حازما في ادارته لشئون البنك، ولم يسمح بالتدخل في أعماله، ورفض بقوة اقحام المؤسسة المالية في الحرب، حتى صدور قرار نقل البنك إلى عدن وتعيين محافظ جديد له.

تسببت مغادرة بن همام إدارة البنك المركزي خسارة كبيرة للاقتصاد الوطني في مرحلة هامة ومفصلية، وأدت الى تدهور العملة الوطنية بصورة مخيفة، فتراجع سعر الريال اليمني أمام الدولار ليتجاوز اليوم سقف (2000) ريال للدولار بعد ان حافظ بن همام على استقراره عند (300) ريال للدولار؛ وذلك لم يكن فقط نتيجة مغادرة بن تمام، وإنما كان تفريط بن دغر، وتعيين محافظين دون المهمة ودون المرحلة، ثم إصدار "الشرعية" طبعة جديدة من العملة بكميات كبيرة، منع الحوثيون التعامل بها في مناطق سيطرتهم؛ ذلك كله فتح الباب واسعا لتلاعب السماسرة"المسئولين" بأموال البنك وانشطته، الأمر الذي تسبب أيضا في انقطاع تام لمرتبات موظفي الدولة منذ العام 2017 وحتى اليوم، ولأكثر من سبع سنوات.

تمزيق الوطن:
أنهي بن تمام مهمته في البنك المركزي بهدوء، ورفض عروضا بمواصلة عمله كمحافظ للبنك المركزي في صنعاء أو عدن، لقناعته بأن تمزيق البنك المركزي "ستكون له تبعات كارثية تمس قيمة العملة الوطنية وتمس وحدة البلاد"؛ فعاد الى مسقط رأسه في غيل باوزير (محافظة حضرموت)، واكتفى بتجربة عمله التي قضاها في البنك لسنوات عدة منها سنتين في ظل الحرب، وتمسك بن تمام بوحدة البنك المركزي، وبموقف مشرف كرجل دولة وقانون، فيما تمسك السماسرة بموقف تمزيق المؤسسات الدستورية، وتمزيق وحدة الوطن.
د. عبدالوهاب الروحاني
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 26-نوفمبر-2024 الساعة: 03:46 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-100200.htm