صنعاء نيوز - ظل العرب طوال سبعون عاما وهم ينسجون حكايات وبطولات نضالهم ومعارك حروبهم في الليل الحالك السواد وانتصارات لا وجود لها

الأربعاء, 22-يناير-2025
صنعاء نيوز/محمد العزيزي -


محمد العزيزي*

ظل العرب طوال سبعون عاما وهم ينسجون حكايات وبطولات نضالهم ومعارك حروبهم في الليل الحالك السواد وانتصارات لا وجود لها ، حاولوا و يحاولون استعادة الأرض المغتصبة من قبل الكيان الإسرائيلي في فلسطين وسوريا (الجولان)ولبنان (مزارع شبعا) في 1948 وما بعدها ، كان العرب والعالم الإسلامي يضج ويتظاهر ويعقد المؤتمرات والندوات الإقليمية والدولية تنديدا باحتلال الغاصب الصهيوني لأراضي العرب في الستينات و السبعينات والثمانينات والتسعينات ولكن كل تلك المحاولات الخجولة وعنفوان المظاهرات الشعبية ، لم تعيد لهم ما وقع تحت يد العدو الإسرائيلي، رغم المقاومة والانتفاضات الفلسطينية المدعومة عربيا بالخطابات منذ منتصف القرن العشرين الماضي وحتى نهايته والصراع العربي الإسرائيلي على أشده ولم ينتهي،تعالت الأصوات حينا والحمية عند الشعوب العربية حينا آخر ، دفاعا عن فلسطين والقدس .

منذ أن دنس الصهاينة الأرض العربية بدعم أوروبي وأمريكي والأنظمة والحكام العرب في مقامرة وتخاذل مستمر وكل يزايد على الآخر بالقضية الفلسطينية والذي وصل حد تقديم المبادرات والتنازلات للتخلص من قضية قضت مضاجع الحكم العرب وسط حماسة الشارع العربي التواق للانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني وتحرير الأراضي العربية المحتلة والمغتصبة من قبل الكيان المحتل .

طوال ثلاثة أرباع القرن الماضي والعرب شعوبا وحكاما لم يغيروا من الأمر شيئا رغم القرارات الدولية والأممية والمبادرات وهدير وهيجان الشعوب العربية، وبالمقابل زاد العداء والفرقة والخيانات بين العرب وصولا إلى التطبيع مع الكيان الإسرائيلي والاعتراف بحق إسرائيلي الوجودي والتعايش معه خوفا من تأمر" علي عربي من علي عربي " والمتاجرة والبيع والشراء للمواقف وخيانة القضية.

ذلك الوضع الذي ظهر عليه العرب والمسلمون مكن الإحتلال من توسيع أطماعه التوسعية وفق طموحه بأن دولته من المحيط إلى الخليج في ظل حالة التخبط وضعف الموقف العربي ،بدأ النزيف العربي للأرض والدم والمال والكرامة والشرف والمقدسات يزداد من مطلع القرن الحالي وحتى يومنا هذا ، وتزداد معه توسع الفجوة والهوة والصراع البيني العربي وتراخي الحماسة عند المواطن العربي للدفاع عن الأرض والمقدسات والذي إنزلق في أتون الصراع العربي العربي وارتفاع نسبة الكراهية والبغضاء بين المسلمين وفرقهم المذهبية التي زرعها الغرب في المجتمعات العربية.

والمثير للدهشة والتندر أن العرب والمسلمين يفرحون عندما يقتل الصهاينة والعالم الغربي المجرم أخوه العربي والمسلم وكأن العدو الغربي المتحالف يقدم خدمة الخلاص من غريمه المسلم المخالف له بالنهج أو المذهب أو لحالة العداء والحقد الذي يتغلغل بين الحكام والمجتمع ،ومن خلالهم تأثرت وجرحت حماسة وعنفوان الشعوب العربية المتحررة والمناصرة للقضية الفلسطينية و المناهضة للاحتلال.

الوهن الذي أصاب العرب شجع الغرب المتحالف مع الكيان الصهيوني التمادي أكثر في اقتحام حاجز النخوة العربية في تغذية الصراع العربي العربي وحالة الانقسام والاختلاف والمماحكات البينية ،وإذكاء الصراع الديني والتيارات المذهبي والإيدلوجيات لتفريق الجمع والإجماع للشعوب العربية حول القضايا المصيرية ومقاومة الاحتلال لتتحقق خطط وبرامج الغرب في قضم وضم الأرض ونهب المال وتدمير مقدرات الشعوب العربية وقتل وذبح العرب والمسلمين بدم بارد بل قتل عشرات الآلاف من العزاويين واللبنانيين وهدم المنازل فوق رؤوس ساكنيها دون أن يحرك العرب والمسلمين وحكامهم ساكنا وسط صمت العالم مدعي الإنسانية.

ومن سخرية التاريخ والقدر أن العرب والمسلمين ليس بمقدورهم ولم يعد لديهم القدرة على المطالبة أو يطالبون باستعادة الجولان السوري ومزارع شبعا بل أصبحنا اليوم نطالب باستعادة الأرض المغتصبة مؤخرا كجبل الشيخ والقنيطرة ومدينة البعث وغيرها من المناطق على الحدود السورية وأصبح اللبنانيون يطالبون اليوم بخروج المحتل من مزارع شبعا ومن جنوب نهر الليطاني وغيرها من المناطق على الحدود التي احتلها وسيطر عليها خلال العدوان الأخير ، وكما هو الحال في الضفة الغربية ورام الله التي لا تزال ترزح تحت سطوة الإحتلال الإسرائيلي ، وهذا نتيجة طبيعية لخذلان العرب لبعضهم البعض وتنامي حالة الحقد والعداء البيني وارتفاع حالة الخصومة الدينية والمذهبية التي يرعاها ويغذيها الغرب والصهاينة لتحقيق أهدافهم وقبول العرب وحكامهم الذل والمهانة ونزيف الأرض والمال والدماء واتساع دائرة الفرقة فيما بينهم.
وبعد كل ما حدث في غزة ولبنان وسوريا الحكام العرب يتسابقون ويتنافسون باستعراض أدوارهم وبطولاتكم في إنجاح اتفاقيات وقف إطلاق النار بغزة ، وبدون خجل يباركون الاتفاق ويشددون على ضرورة وأهمية إنجازه رغم كل الدمار والدماء و الأشلاء والأطفال الذين ماتوا من الصقيع وشدة البرد ،و كأن اتفاق غزة ولبنان انتصار لخيانتهم للقضية .

بهذه الحالة المخزية التي وصل إليها عرب هذا العصر الحديث ،لن يكتب لهم نصر ولن تقوم للعرب والمسلمين قائمة ولن يستطيعون استعادة ما خسروه ويخسروه في ظل واقع الحال وحالة الخذلان والهوان والانقسام والمكايدات والمماحكات والعداء ،لان ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، ولن تنهض الأمة من كبوتها وعثرتها هذه، مالم يتخلص العرب شعوباً وحكاما من تلك الأمراض والأحقاد الغائرة في جسد الأمة ،ولملمة صفوفها وتوحيد عقولها وصفوفها وضمائرها وتجييش الأمة العربية والإسلامية لمواجهة أطماع الإحتلال الصهيوني التوسعي ، ما لم فأن النزيف سيستمر ويتسع إلى أبعد ما يمكن تصوره ، والسؤال.. إلى متى يا عرب هذا الخذلان والانقسام ؟! ومتى تستيقظ ضمائركم وعروبتكم وأواصر الدم والانتماء ؟.. ألا يكفي ما خسرتموه وما وصلتم إليه ؟!
ومتى توقذون وازعكم الديني في نصرة الأمة واسترداد الأرض المنهوبة والكرامة المهدورة والاقتصاص للدماء المسكوبة والاقتصاد المدمر ؟!. متى ؟!!

* نقلا عن صحيفة الوحدة
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 22-يناير-2025 الساعة: 06:06 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-101082.htm