صنعاء نيوز - تأملات حول الخطوات الأمريكية الخطيرة الأخيرة: تقويض العدالة العالمية والتعاون الدولي..

أثارت القرارات الأخيرة تجاه المحكمة الجنائية

الجمعة, 24-يناير-2025
صنعاء نيوز/بقلم د.غسان شحرور -


أثارت القرارات الأخيرة تجاه المحكمة الجنائية الدولية ومنظمة الصحة العالمية واتفاقية المناخ التي اتخذتها الحكومة الأمريكية قلقًا عميقًا في جميع أنحاء العالم. فهي لا تهدد فقط العدالة الدولية والاتفاقيات متعددة الأطراف، بل تضع أيضًا قدرة الإنسانية على مواجهة الأزمات الملحّة على المحك. تشير هذه الخطوات إلى تحول مقلق بعيدًا عن المساءلة والمسؤولية المشتركة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل التعاون العالمي.

أحد الأمثلة الواضحة على ذلك هو تمرير “قانون مكافحة المحكمة غير الشرعية” في 9 يناير 2024. وبدعم من معظم الجمهوريين و45 ديمقراطيًا، يفرض هذا القانون عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية (ICC). الهدف؟ حماية المواطنين الأمريكيين والدول الحليفة، مثل إسرائيل، من المساءلة. وبهذا، يوفر القانون الحماية للمسؤولين الإسرائيليين المتهمين بالإبادة الجماعية في غزة، مما يُضعف أطر العدالة مثل نظام روما الأساسي واتفاقيات جنيف. هذا القانون يقدم التحالفات السياسية على الكرامة الإنسانية، ويؤسس لثقافة مقلقة من الإفلات من العقاب على جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

لكن الضرر لا يتوقف عند هذا الحد. أثار قرار الرئيس الأمريكي بالانسحاب من منظمة الصحة العالمية (WHO) صدمة على مستوى العالم. ففي وقت تتطلب فيه التحديات الصحية العالمية، مثل الأوبئة، الوحدة والتنسيق، يعطل هذا القرار المبادرات المنقذة للحياة. ونتيجة لذلك، تُترك الفئات الأكثر ضعفًا دون الموارد والدعم الذي تحتاجه بشدة.

وبالمثل، فإن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس يمثل خطوة كارثية في توقيت حساس للغاية. مع استمرار تأثيرات تغير المناخ على العالم—من حرائق الغابات والفيضانات إلى ارتفاع مستويات البحار—يشكل هذا الانسحاب تهديدًا خطيرًا. فهو لا يعرض الكوكب للخطر فحسب، بل يهدد أيضًا المستقبل البيئي والاقتصادي للولايات المتحدة نفسها.

هذه الخطوات، مجتمعة، ليست مجرد تغييرات في السياسات؛ إنها تمثل انهيارًا خطيرًا للثقة والتعاون العالميين. فهي توجه رسالة مفادها أن القواعد والاتفاقيات والجهود المشتركة يمكن التخلي عنها عندما تصبح غير ملائمة. وهذا يُضعف الإيمان بالمؤسسات متعددة الأطراف ويؤسس لسوابق خطيرة تعزز الإفلات من العقاب وتعرقل التقدم في مواجهة التحديات التي تؤثر على الجميع.

ومع ذلك، لا يزال هناك أمل. في جميع أنحاء العالم، تقف الشعوب والمجتمعات والمنظمات لمقاومة هذه السياسات الرجعية. على المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني أن يتكاتفوا لتضخيم هذه الأصوات. يجب أن يدعوا الولايات المتحدة لإعادة النظر، وحثها على العودة إلى مسار القيادة الذي يرتكز على المساءلة والعدالة والنزاهة.

تعزيز هذه المبادئ ليس مجرد التزام؛ بل هو ضرورة لحماية حقوق الإنسان، ودعم العدالة العالمية، وضمان بيئة آمنة للأجيال القادمة. فقط من خلال الوحدة والعمل الجماعي يمكننا ضمان مستقبل أفضل وأكثر إنصافًا، ليس لبعضنا فقط، بل لجميع البشرية



```
P Please consider the environment before any printing

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 30-يناير-2025 الساعة: 09:49 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://sanaanews.net/news-101104.htm