صنعاء نيوز/الدكتور هاشم منقارة - حركة التوحيد الإسلامي
مجلس القيادة
المكتب الإعلامي الإسلامي بسم الله الرحمن الرحيم
الخميس 30-1- 2025
لبنان بين إنتصارغزة وفتح دمشق
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور هاشم منقارة “رئيس مجلس قيادة حركة التوحيد الإسلامي"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
قال تعالى: “مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴿23﴾ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴿24﴾ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ۚ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ﴿25﴾ وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا ﴿26﴾ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ﴿27﴾”(سورة الأحزاب).
ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام
جاء في الحديث عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي ، فنظرت فإذا هو نور ساطع عُمد به إلى الشام ، ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام )
السبب في كون الشام هي أرض المحشر أن الأمن والإيمان حين تقع الفتن في آخر الزمان يكون بالشام … وقد تقدم أن نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان يكون بالشام، وبه يكون اجتماع المؤمنين لقتال الدجال، وهناك يقتله المسيح عليه السلام بباب لد.
عن أبي الدَّرداء أن رسولَ الله – صلَّى الله عليه وسلم – قال: “إن فُسْطَاطَ المسلمينَ يومَ المَلحَمَةِ بالغوطةِ. إلى جانب مدينةٍ، يقال لها: دمشقُ مِن خيرِ مدائن الشام.
الإسلام دين الجماعة، وكثير من فرائض الإسلام وتكاليفه هي فرائض اجتماعية كفائية المخاطَب بها الأمة، ويستحيل إقامتها دون الجماعة وأمة ووطن ونظام ودولة واجتماع؛ ولذلك كان اندماج الفرد في الإسلام إنما يتم في الجماعة والأمة.
ولهذه الحقيقة الإسلامية، أقام الإسلام وأنجز للمؤمنين به الوحدة والاتحاد في خمسة جوامع مثَّلت الإنجاز الوحدوي، الذي تميز به المسلمون -كهوية جامعة وثابتة- عبر تاريخهم الطويل، وهذه الجوامع الخمسة هي: الوحدة في العقيدة.. والشريعة.. والأمة.. والحضارة.. ودار الإسلام، وفي إطار كل جامع من هذه الجوامع الخمسة هناك تنوع وتمايز واختلاف في فروع التصورات والاجتهادات والمصالح والعادات والتقاليد والأعراف.
ولأن عالمية الإسلام قد جعلت منه ثورة تحريرية، دفعت الجيل المؤسِّس -منذ عصر الخلافة الراشدة- ليقود حرباً تحريرية لشعوب الشرق من قوى الهيمنة والقهر الحضاري في ذلك التاريخ، فلقد بدأ -منذ ذلك التاريخ- مسلسل العداء الغربي للإسلام.
ولقد عبّر عن هذه الحقيقة التي يغفل عنها أو يتغافل الكثيرون من أسرى التغرب في بلادنا – الكاتبُ والقائد الإنجليزي “جلوب باشا”، عندما قال: “إن تاريخ مشكلة الشرق الأوسط إنما يعود إلى القرن السابع للميلاد!!”.
وهي كلمات كفيلة بإيقاظ النيام، ولأن الإسلام قد أنجز لأمته هذه الجوامع التوحيدية الخمسة -في العقيدة.. والشريعة.. والحضارة.. والأمة.. ودار الإسلام- وجدنا جبهة القتال الغربي ضد الإسلام وأمته تتعدد مواقعها وتتنوع أسلحتها لمنازلة ومغالبة جميع مقومات التوحيد والوحدة الإسلامية، تتزامل وتتآزر جميع الأسلحة والفصائل، مع التنوع والتخصص في منازلة كل جامع من جوامع التوحيد..
خريطة العالم الإسلامي فحرب التنصير والمنصرين تركز على جامع العقيدة الإسلامية، وحرب العلمانية والعلمانيين تركز ضد الشريعة الإسلامية، ونزعة المركزية الحضارية الغربية تقاتل تميز الحضارة الإسلامية، والمد الاستعماري -التقليدي منه والجديد، منذ حملة بونابرت وحتى طور العولمة- يقاتل لتفتيت أمة الإسلام ودار الإسلام، مستخدماً في ذلك كل آليات أدوات التفتيت؛ بدءاً من الغزو المسلح وحتى اللعب بورقة الأقليات.
مع تواتر وتوالى البشائر القادمة من غرتي بلاد الشام، دمشق وغزة، حصن نقاء المؤمنين الحصين وإنضباطهم زمن الهرج والمرج والمهالك والفتن.ولبنان الذي يعود جنوبيوه إلى ديارهم رغم أنف العدو الصهيوني هو بين إنتصار غزة وفتح دمشق. وعلى رأي حكيم أن لبنان” يعيش بين نصرين عظيمين ، نصر غزة ونصر سوريا، نصر غزة نصر فرقاني تثبيتي يعتبر نقطة التحول التاريخي نحو تحرير القدس وإزالة الكيان ،نصر غزة يتجلى بشكل واضح في فرض المقاومة شروطها على العدو ، والله سبحانه الذي ثبت رجال غزة ، ألقى الرعب في قلوب الأسديين ،الإدارة الجديدة في سوريا مشغولة في مواجهة التحديات التي لا تعد ولا تحصى ،وهي ليست بوارد إدارة أية ملفات خارج حدود سوريا ،ثوار سوريا في مرحلة الإستخلاف ، وهم يسعون لمرحلة التمكين ،ونقولها بصراحة على المسلمين السنة وهم حقاً الأمة الحريصون على وحدتها ، أن يرفعوا عنهم حالة الإستضعاف الواقعة عليهم منذ سنين بعيدة ،فكما إعتمد مقاومو غزة على أنفسهم بعد الله سبحانه، واعتمد ثوار سوريا على أنفسهم ، على المسلمين السنة في لبنان الإعتماد على أنفسهم ،السنة في لبنان ليسوا بوارد المطالبة بالإنضمام الى سوريا ، والسوريون لا يريدون ذلك أيضاً ،السنة في لبنان هم رجال دولة ويطالبون بالدولة ويتمسكون بها،جهاد المسلمين السنة في لبنان هو جهاد سياسي فكري قضائي،هناك من يريد إبعاد سنة لبنان عن سنة سوريا وسنة فلسطين ،هناك من يريد أخذ سنة لبنان إلى التطبيع أو إلى التجندر ،واجب المسلمين السنة في لبنان التوحد ومواجهة محاولات خطف قرارهم وأخذهم بعيدا عن هويتهم وأخلاقهم وقضيتهم ،واجب سنة لبنان صياغة مشروع واحد للوطن وخوض الإستحقاقات بصف واحد للمشاركة بقوة في بناء الدولة ،على الإسلاميين في لبنان أن يضعوا خلافاتهم جانبا ويستعدوا لمواجهة عزلهم عن كل مؤسسات الدولة ،المسلمون السنة في لبنان قد يلعبون دورا كبيرا في تقريب نصر غزة من نصر سوريا ،فنحن نعيش مرحلة فتح الأقصى وهذا وعد من الله ،الأقصى لن يحرره أبناء فلسطين لوحدهم ، بل سيشترك المسلمون في كل بلاد الشام بتحريره ،واجبنا أن نعد العدة استراتيجيا لنكون جزءا لا يتجزأ من تحرير فلسطين”.
ايضاً من خلال مشهد خروج الأسرى عند الفلسطينيين وأسرى الفلسطينيين عند المحتل يتبين الفارق الحضاري والإنساني الذي أظهره الفلسطينيون مما يؤشر إلى بقاء الحضارة الأقوى هذه هي سنة التداول في الكون.
تأثراً بالنسمات المنعشة الآتية من دمشق يتذكر المهتم بأمن المجتمع فتية الإمام الأوزاعي (٨٨-١٥٧ للهجرة ) رحمه الله تعالى :((فكيف تؤخذ عامة بذنوب خاصة )) مستخرجاً إياها من قوله تعالى : (( ألاَّ تزر وازرة وزر أخرى )) سورة النجم : ٣٨ .إنه تأسياً بهذه الفتية التاريخية معناه أنه لم ولن يعد مسموحاً بصراعات طائفية ولا مذهبية ولا قومية ولا عرقية ولا مناطقية ، بل المجرم يذكر باسمه ويلاحق لوحده ، بغض النظر عن انتمائه فالكل أمام العدل سواء (( كل نفسٍ بما كسبت رهينة )) سورة المدثر : ٣٨ ولن يُحاصر شعبٌ بذنوب فردٍ أو مجموعة أو حزب وفصيل .عندها بالتأكيد سيخيم السلام وتبدأ النهضة مع إبقاء التنافس في سبيل الخير والأفضل بين الجميع ، إن التنافس الشريف والمشروع عرفاً وقانوناً هو وقود الحياة وبدونه الركود والجمود والتخلف ثم الأفول .
إن تصريح رئيس الهيئة الإدارية في سورية السيد الرئيس المتواضع الفقيه بالواقع أحمد الشرع من أن الثورة تزيل حكماً ولاتبني دولة فكر متقدم جداً وصحيح ، على أمل خلاص العالم العربي من ظلم حكام وثورات شعوب وعدم سجن أصحاب الرأي المعارض و عدم المعارضة من خارج الدولة بل في المساحة المقررة في الدستور وتقديم المشاريع الإصلاحية البديلة وليس العودة إلى مضطرب التناحر الذي عاشه عالمنا منذ أكثر من قرن .
إن يد الثورة السورية المباركة الممدودة بالعفو عند المقدرة،يجب ان تلاقى بالقبول لا بالتجني والجحود والتآمروالنكران كما يفعل البعض وهم لا زالوا يعيشون اوهام الماضي وساديته على امل عودته المشؤومة.
لو لم يكن عصب الثورة السورية من اهل السنة والجماعة وما اظهرته من بعد حضاري وانساني اصيل لاعتبرها العالم اعظم ثورة في العصر الحديث كيف انها تمت برعاية الله وحفظه وتمكينه،ولو كان قائدها السيد احمد الشرع من غير اهل السنة والجماعة لاعتبروه اعظم فاتح ايضاً في التاريخ المعاصر وما ينطبق على الثورة السورية المباركة وقائدها ينطبق على المقاومة الفلسطينية وقادتها .
ونحن نقرأ ونسمع الخطب النارية بالنفس الرديكالي الاستعماري ولألحادي والطائفي والمذهبي واهل الافراط والتفريط لدى الممتعضين من انتصار غزة وفتح دمشق الذين حسبناهم قد بادوا من على المنابر وعلى وسائل التواصل الاجتماعي وبردود بعضهم على كل رأي لا يشتمون منه رائحة الدم والحريق والدمار والافساد والفتن، وهم يتجلببون بعباءة توحي بأنهم دعاة إصلاح نتذكر ما قرأناه من عقود في كتاب حسن حنفي ( التراث والتجدد ) الذي رد فيه عدم تقبل المسلمين للشيوعية بسبب مخزونهم النفسي السابق وأقترح حلاً لذلك دس الفكر الشيوعي في تفاسير القرءان والشروحات الإسلامية (بتصرف) عندها يتم تقبلهم للفكر الماركسي .
على وقع ما جرى في بلاد الشام لاهل السنة والجماعة على مدى اكثر من نصف قرن،على ايدي ما يعرف بحلف الاقليات وهم يتباكون الان على رحيل الاستبداد والطاغية.إن غير المسلم يظن أن معاملة المسلم له عملية مجاملة أو تزلف بينما هو يحيط نفسه بسور من الحذر .إن السبب هو عدم فهمه لتربية المسلم إن الإسلام يفاصل في الإيمان : لكم دينكم ولي دينِ.ويفتح باب العلاقات الإنسانية إلى أخر مدى وتعطي الشريعة لغير المسلم حكماً ذاتياً في شؤونه الخاصة له حرمته التي لايسمح بالتعدي عليهاوأسُّ الشريعة الإسلامية المجتمع المتعدد المتنافس في إسعاد البشرية وإعمار الكون لذلك ترى المسلم ينفتح على الأخر الذي يجهل التاريخ فيحسب أن ضعف المسلمين اليوم يدفعهم للتملق هذا هو الخطأ الحاصل عند من تنحني رؤوسهم أمام القوة في مختلف مظاهرها غير مكترثين للقيم الأنسانية النبيلة،هذه هي الحالة الإغترابية للمسلمين في هذا الزمن.
بالتأكيد نصف قرن من الهدم والتدمير يلزمه قرن من الزمن لإعادة إعماره عدا عن الضحايا والمعوقين كان كافياً ولا لزوم للتحريض على تمديد المآسي والدعوة للتقاتل ، إن الشعب السوري يلزمه من يضمد جراحه ويعيد له لحمته واستقرار وضعه وأن ينسى ما تم زرعه من فتن وتأجيج أحقاد .وعلى راي حكيم ايضاً إن شعوبنا طيبة ولطيفة ووريثة حضارة وإعمار وإسعاد الناس ، كفاهم كفاهم كفاهم سفك دماء وتدمير حواضر وتجهيل أجيال.وما يلزم السوري يلزم اللبناني والعراقي واليمني والليبي … وترك الفرصة للدول الخيرة لتنفق مالها في رفع شأن من هم بحاجة للمساعدة في بناء نهضة وازدهار . ليتوقف النفخ في الكير لم يبق شيء فالكل احترق .
المقاومة الفلسطينية الباسلة التي تخوض معركة شرسة ضد قوى الصهيونية المدعومة من الامبريالية الغربية، إنما تقوم بفرض كفاية عن الأمة العربية والإسلامية، بل عن كل أحرار العالم.إن الحركة الصهيونية والدولة الصهيونية إنما تمثل البقية البائسة من نظام الفصل العنصري من الاستعمار الاستيطاني، ولكن سنن التاريخ تشهد على أنه “لا يفل الحديد إلاّ الحديد” .أننا الآن أمام ملحمة عظيمة من الجهاد اخبرنا بها رسول الله محمد صلوات الله عليه عندما حدّثنا عن الفئة الصامدة في بيت المقدس في حديثه الشريف.ندعو من قلوبنا لهذه الفئة الصامدة المجاهدة بالنصر الذي نراه قريبا، ويراه الأعداء بعيدا.
(والله غالب على امره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
|