صنعاء نيوز/ -
بقلم عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
يمكن تحليل دكتاتورية ولاية الفقيه الحاكمة في إيران من زوايا مختلفة. لكن التحليل الحقيقي هو الذي يضع مصالح الشعب في المقدمة. وهذه هي السمة الأساسية لمقاومة الشعب الإيراني التي يمثلها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. ويتم تقييم مكانة المعارضات الأخرى وأهميتها وفقًا لمدى بعدها أو قربها من هذه المقاومة.
إن "الاستقلال والحرية" كانا ولا يزالان الأساسين الرئيسيين والحقيقيين لهذه المقاومة، وغير قابلين للانتهاك. وانتهاك أي منها سيؤدي إلى "التبعية والديكتاتورية" وسيكون هذا الأمر غير شرعي. هذان المبدآن يشكلان القاعدة الأساسية في النضال ضد الدكتاتورية، وتحقيق الحرية في إيران. ويمكننا من خلال قاعدتي "الاستقلال والحرية" تقييم أي معارضة للديكتاتورية، وتصنيف القوى المعارضة للديكتاتورية فيما يتعلق بإيران.
إن المقاومة الشعبية الأصيلة لم ولن تكن مرغوبة لدى "القوى الانتهازية"، ودائمًا ما تتعرض لهجمات مؤيدي التبعية والديكتاتورية. ويُحاك ضدها سيل من المؤامرات، ويشوهون سمعتها، ويوجهون لها الاتهامات المغلوطة. وتُمارَس ضدها ضغوطٌ شديدة. هذا ويتعرض المعارضون داخل إيران وخارجها للقمع والاعتقال والتعذيب والقتل والإعدام، وفي نفس الوقت يتم تقييدهم وحظر إعلامهم خارج حدود إيران، وإدراجهم على القوائم السوداء. ويتم قتلهم واغتيالهم. ويتم فرض الرقابة عليهم لتهميشهم، مما يتيح للآخرين استغلال الفرص ونهب ثروات الشعب الإيراني مرة أخرى، مما يسمح للديكتاتورية بالبقاء في إيران!
ومن المثير للاهتمام أن هذه القوى الانتهازية تغض الطرف عن جرائم الدكتاتورية الإيرانية ضد الشعب والمقاومة الإيرانية. وفي بعض الأحيان، تتظاهر بتبني موقف المعارض والمحتج ضد هذا النظام للتغطية على "الحقائق". ولا يتعارض هذا الأمر مع سياسات وبرامج الديكتاتورية الحاكمة فحسب، بل إنه في كثير من الأحيان مطلبٌ للديكتاتورية نفسها، لكي تتظاهر بأنها أكثر الحكومات ديمقراطيةً وأمانًا وحريةً وإنسانيةً. إن "خلق العراقيل" أمام الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية هو القاسم المشترك بين الدكتاتورية وأنصارها في إيران!
لكن جرائم وسياسات وبرامج دكتاتورية ولاية الفقيه واضحة لشريحة واسعة من الناس وممثلي الشعوب المنتخبين في العالم، وكذلك المنادين بالاستقلال، والأحرار في جميع أنحاء العالم. وقد نهض وينهض العديد من الأحزاب، والمسؤولين السابقين، والشخصيات، وممثلي الشعوب المنتخبين في بلدان العالم لدعم المقاومة الإيرانية. كما يدعمها في الولايات المتحدة، شخصيات من أمثال مايك بنس، المساعد السابق للرئيس ترامب، وجيمس جونز وجون بولتون، المستشاران السابقان للرئيس الأمريكي، ومايك بومبيو، وزير الخارجية في إدارة ترامب السابقة، بالإضافة إلى رؤساء أحزاب، وبعض الجنرالات من أمثال كيت كلاك. ويدعمها في أوروبا، رئيس الوزراء البريطاني السابق، والرئيس السابق لمجلس العموم البريطاني، ومسؤولين سابقين في الدول الأوروبية، أو نواباً سابقين في البرلمان الأوروبي، بالإضافة إلى مسؤولين ومنتخبين أوروبيين في البرلمان الأوروبي أو في البرلمانات الوطنية، ورؤساء منظمات وأحزاب في مختلف الدول الأوروبية. وكذلك في دول أخرى حول العالم.
إن الدعم الدولي لمقاومة الشعب الإيراني ضروري وواقعي من جهة، ويُظهر التقدم الذي تحرزه المقاومة الإيرانية ضد الديكتاتورية من جهة أخرى، وهو أمر لم ولن يكن ممكنًا على الإطلاق بدون نشاط المقاومة وتمتعها بقاعدة اجتماعية في قلب المجتمع الإيراني، لأن المقاومة الحقيقية والمنتصرة متجذرة في المجتمع الإيراني!
أطلقت قناة الحرية المتلفزة "سيماي آزادي"، التلفزيون الوطني الإيراني مؤخراً برنامجها الـ 29 تحت عنوان "التعاون" والذي جمع في غضون 4 أيام تبرعات من مشاهديه بلغت قيمتها أكثر من 7 ملايين و300 ألف دولار أمريكي. ولم تكن هذه الخطوة غير مسبوقة من نوعها فحسب، بل حملت رسائل عديدة لخصت الرغبة في "الاستقلال" و"الحرية" بين أبناء الشعب الإيراني، وعكست القاعدة الشعبية والاجتماعية لهذه المقاومة بين الشعب الإيراني والإيرانيين في الخارج.
إن نظرة إلى التنوع الموجود بين المشاركين في هذا البرنامج التلفزيوني للمقاومة؛ تكشف بعض الحقائق التي تم الإعلان عنها مرارًا، وبعضها جديد أيضًا. وعلى جانبي حدود إيران وخاصةً داخل إيران، أعلن في هذا البرنامج آلاف الأشخاص من مختلف الجنسيات والأديان والأطياف، والذين يسعون إلى إسقاط الديكتاتورية في بلدهم، أثناء دعمهم للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمته المحورية، منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وتقديم مساهماتهم المالية التي تصل إلى ملايين الدولارات لهذه الوسيلة الإعلامية الوطنية والشعبية؛ عن أن هذه الوسيلة الإعلامية كانت ولا تزال الوسيلة الأهم في نقل الأخبار، خاصةً أخبار المقاومة ونضال الشعب الإيراني ضد الديكتاتورية الدينية.
تجدر الإشارة إلى أن "التلفزيون الوطني الإيراني" يعكس أخبار وتقارير وبرامج مقاومة الشعب الإيراني ضد الدكتاتورية وله تاريخ يمتد لأكثر من 3 عقود في هذا الشأن. وبحسب أنصار هذه الوسيلة الإعلامية، فإن استدامة وارتقاء عمل هذه الوسيلة الإعلامية هو جزء من نضال الشعب الإيراني للإطاحة بالدكتاتورية الدينية في إيران. وبفضل دعم الشعب المستمر، تمكنت هذه القناة التلفزيونية من الصمود في وجه حملات النظام المكثفة لإسكاتها، على الرغم من الإنفاق الكبير على هذه الحملات.
لم يكن الدعم الشعبي لهذه الوسيلة الإعلامية مجرد دعم مادي ومالي فحسب، بل وفقًا لما يقوله الداعمون المتصلون، فإن الوسيلة الإعلامية هي "مصباح ينير البيوت ومرشداً للمضي قدماً" للأحرار، وخاصة وحدات المقاومة التابعة لمقاومة الشعب الإيراني، وفي الوقت نفسه، تشكل سداً منيعاً أمام تلفيق البدائل الرجعية والاستعمارية الزائفة التي تهدف إلى إبقاء إيران تحت حكم نظام ديكتاتوري تابع!
ولم يكن الدعم الذي تم تقديمه في هذا البرنامج لجهاز دعاية المقاومة الإيرانية مجرد دعم مادي. فعلى الرغم من أن الشعب الإيراني، تحت حكم ديكتاتورية ولاية الفقيه، محروم من امتلاك رؤوس الأموال المادية، إلا أن هذا الدعم، من الناحية السياسية والاجتماعية والمعنوية، كان يعكس لوحةً من الشرعية الشعبية والتاريخية للمقاومة الإيرانية. فقد قام الإيرانيون داخل البلاد وخارجها، وبحماس كبير، أثناء دعمهم لأنشطة "وحدات المقاومة" التابعة لمنظمة مجاهدي خلق داخل إيران في مواجهة نظام الملالي؛ بدعم جهاز قيادة انتفاضة الشعب الإيراني برئاسة السيدة مريم رجوي. ويُعد دعم التلاميذ، وطلاب الجامعات، والنساء، والرياضيين، والخبراء، وأساتذة الجامعات، والمتخصصين الإيرانيين، بالإضافة إلى السجناء المحررين؛ لمقاومة الشعب الإيراني، وثيقةً لا يمكن إنكارها في تأييد السمتين الرئيسيتين المذكورتين أعلاه، وهما الحرية والاستقلال. إنه دعم فريد من نوعه ومتعدد الأوجه، للمقاومة المتميزة التي يبديها الشعب الإيراني ضد الدكتاتورية.
كما شهدنا في هذا البرنامج حضور شخصيات سياسية وبرلمانيين من مختلف دول العالم، الذين أشادوا باستقلالية المقاومة الإيرانية مالياً. وأشار المتصلون في هذا البرنامج إلى أن هذا الحدث يُعقد في وقت يواجه فيه نظام الملالي الديكتاتوري انتكاسات قاسية في سياسة تصدير الرجعية وإشعال الحروب التي تُموّل من جيوب الشعب الإيراني بلا حدود. ومع سقوط عائلة الأسد المكروهة في سوريا، وانهيار العمق الاستراتيجي لنظام الملالي في المنطقة؛ أصبح هذا النظام الفاشي غارقًا في مستنقع الهزائم والفضائح. وأكدوا أن شرعية استراتيجية مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية قد ثبتت اليوم أكثر من أي وقت مضى، ولم يعد هناك شك في أن الرد الواقعي الوحيد على النظام الديكتاتوري الديني هو التخلي عن الحلول المدنية والسلمية، واتخاذ إجراءات عملية لإسقاط الديكتاتورية في إيران، أي تبني سياسة الحزم والصرامة!
***
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني
|