صنعاء نيوز - لفت انتباهي أن "دانيال" وهو اسم مدرسة إعدادية معروفة وقديمة في مدينة "رالي" الأمريكية قد تم استبداله فجأة في عام 2020،

الإثنين, 03-فبراير-2025
صنعاء نيوز/ بقلم . د. غسان شحرور* -



لفت انتباهي أن "دانيال" وهو اسم مدرسة إعدادية معروفة وقديمة في مدينة "رالي" الأمريكية قد تم استبداله فجأة في عام 2020، وبسبب زيارتي المتكررة لها في الماضي وحضور العديد من الأنشطة المدرسية، شعرت بالرغبة والاهتمام، في معرفة الأسباب وراء ذلك.

لقد عرفت أن إدارة المنطقة التعليمية قد صوتت على تغيير الاسم، في نفس اليوم الذي أزالت فيه عائلته تمثال "دانيال" من ساحة تقع في مركز المدينة بالقرب من مقر الصحيفة ودار النشر التي أسسها "دانيال" والتي تعد من الصحف ووسائل الإعلام الكبرى في أمريكا، وذلك بعد أن تم نصبه لنحو أربعين سنة في هذه الساحة.

تعود حياة "دانيال"
إلى نهاية القرن التاسع عشر ، وقد شغل منصباً قياديا في البحرية الأمريكية، ثم سفيرا لبلاده في المكسيك، ولعب أدوارا أخرى مهمة في تعزيز قوانين التعليم العام ومنع عمالة الأطفال، وبعدها اهتمّ بالصحافة والإعلام والنشر فأسس دار النشر الصحفية المرموقة في أمريكا، إلى أن توفى في عام 1948، واستمرت عائلته في هذا العمل المزدهر بعد وفاته، لعقود طويلة، حققت خلالها إنجازات مهنية كبيرة، وتقديرا له أقامت ذلك التمثال في عام 1985 بعد موافقة المدينة، تذكيرا بجهوده وأعماله في خدمة المجتمع الذي أطلق اسمه أيضاً على بعض المرافق المختلفة ومنها المدرسة.
فما الذي استجد ليؤدي إلى هذا القرار؟

لقد تبين لي خلال بحثي أنه في بعض المراجعات التاريخية لأعمال "دانيال" مؤخراً تبين لدى الباحثين أنه كان مؤيدا بل ومتورطا في أعمال عنصرية جرت في مدينة "ولمنجتون" عام 1898
للإطاحة بإدارة محلية غير عنصرية في هذه الولاية، وذلك دعماً منه للعنصر الأبيض وأدى ذلك إلى وقوع ضحايا، الأمر الذي فاجأ عائلته وأحفاده رغم العقود العديدة التي مرت، ومنهم من لا يزال يعمل في دار نشرهم الصحفية العريقة التي قامت بتقديم اعتذار رسمي عن هذا التاريخ رغم مرور عقود طويلة من الزمن.

قال أحد أحفاده في يوم إزالة التمثال من الساحة لوسائل الإعلام: قررنا إزالة التمثال بكامل إرادتنا ودون أي ضغط من أحد، لأن هذا يمثل إيماننا بقيم التكافؤ والمساواة والعدالة في المجتمع، ولذلك نحن لانشعر بالحزن في هذا اليوم.

بغض النظر عن أسباب أخرى قد تكون مؤثرة، و لانعرفها، لكن الدروس كثيرة بعين هذا اليوم، وأهمها أن مراجعة التاريخ بموضوعية أمر ضروري لكل مجتمع، فالقيم تتغير، وما كان مقبولًا في الماضي قد لا يكون كذلك اليوم، وقد لا يستمر غداً.
كما أن الاعتراف بالأخطاء
وتصحيحها يعكس نضجًا
أخلاقيًا، والتكريم يجب أن يكون متوافقًا مع المبادئ الأخلاقية الحالية وتطلعاتنا المستقبلية.
إن إزالة التمثال لا تعني محو التاريخ، بل التعلم منه، والبناء عليه، والمواقف الأخلاقية يجب أن تتجاوز الاعتبارات العائلية أو حتى التاريخية. كما أن المجتمعات المتقدمة هي التي تمتلك الشجاعة لمراجعة ماضيها واتخاذ قرارات تعزز العدالة والمساواة للجميع.

*“الأمس بعين اليوم”، زاوية ثقافية دورية يكتبها د. غسان شحرور





```
P Please consider the environment before any printing

تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 03-فبراير-2025 الساعة: 12:07 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://sanaanews.net/news-101256.htm