صنعاء نيوزنبيل حيدر - { لن تقوم لهذا البلد قائمة إذا لم نتحرر من البقاء كالجواري في حواري مراكز القوى التقليدية وغير التقليدية، والاستغاثة والاستعانة بها في الجوائح والجوامح وعند اصطدام موتور سيكل بعربة بائع جائل.
> لن تقوم لهذا البلد مؤسسات حقيقية وتنمية جوهرية إلا إذا تخلصنا من عقدة انتقاص عقل الآخر وانتهاك رأيه وتفكيره وباستخدام سياط متعددة.
> من يريد أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه عليه ألا يستخدم راجمات الحقد وفقاعات صحوة ضمير طالما كان في موت سريري.. وَمَن يحب أن يبني هذا الوطن المنحوس بخيالات المآتة فعليه أن يبدأ أولاً بنفسه وينزل عصاه التي يعلق عليها خياله وخيالاته، ونفض الغبار - فقط - لا يجدي في صنع تغيير أساسي.. لأنه سرعان ما يعود ويتجدد تكوين طبقاته.
> إننا نحتاج إلى استبدال الثوب، وإن لزم استبدال الجلد.. فليكن.. ولكن يجب أن يكون بآخر غير مكشوط ولا مهروش، غير مشهور بتفشي سرطان الفساد فيه.
> ولفعل ذلك نحتاج إلى مراجعة بديهيات القواعد الرياضية، فواحد زائد واحد يساوي اثنين ولا يساوي صفراً أو مليوناً إلا عندما نصر على رفض الحقيقة والانجرار وراء إرادات خاصة وأحقاد خاصة وأمواج مدها وجزرها رأسي هائج.
> قرفنا جداً من أصفار وصفار التنمية الخلاقة ومن ملايين الفساد.. ليس الملايين العددية - فقط - بل الأخلاقية والبغضائية والعقدية التي عبثت كثيراً ولا تزال حتى اللحظة تمارس عبثها بالدخول في شارع آخر غير الشارع السابق أكثر عرضاً وأكثر طولاً ربما.. وبسبب ذلك نرى الحق اختلط بالباطل ونرى أجناد الباطل تمشي تحت راية الحق، وتوشك أن تصرخ النملة : «لا يحطمنكم وجنوده».
> وثمة ما يؤكد أننا واقعون ضحايا فاسد انتهازي ومتشح بالحقد على كل شيء ارتدى رداء الثورة وهرول نحو سرقة نظافتها ونزاهتها حسب المفهوم التاريخي للتحرك الثوري، طرفان كلاهما ينظر إلى تحت قدميه فقط يرفض أن ينصت ويسمع ويستوعب، لأن قلبه غُلف، ومثل هكذا قلب لا يمكن بناء وطن وانتظار انفراج عقله أشبه بالبحث عن حليب في ضروع بقرة بلغت سن اليأس.
> ومن لا يمتلك قدرة الإدراك لا يمتلك مقدرة صنع الأفضل، ومن يعتقد أنه سيقصي غيره في بلد تتشابك فيه التعقيدات فوق تعقيداتها سيكون مثل خيل السباق المتقدم في العمر، ببلوغه ذروة النجاحات يأتي أجله سريعاً وحتى بدون الاستفادة من دمه على عكس دم خيل السبق الذي تستخرج منه أوصال طبية عندما تطلق عليه رصاصة الرحمة.
> وهذا الوطن لن يبنيه متمرغ في الفساد حتى الثمالة، ولن يبنيه مَن يعيش أحلام اليقظة مع نظريات ميته.. ولن يبنيه محصور بين الركبتين والكعبين.. لن يبنيه معتقد بمجد الشخصية الفلانية أو قداسة أخرى علانية، فالذين يعيشون بين الدفاتر القديمة وداخل الكتب الممزقة والتجارب الفاشلة والتجارب القاتلة لا يمكن أن يقدموا شيئاً ذا قيمة.. لأنهم مجرد أوانٍ مستطرقة.
> إن بناء قاعدة العدل والإنصاف مخرج طوارئ وحيد وبناء الثقة مدخل رئيسي نحو الرحيل الداخلي باتجاه تذويب الأغلال الآسرة للعقل والتفكير السليم الذي يبني الأمجاد الحقيقية.
> الوطن ليس مسمار جحا، متى ما عنى له دخل يتفقد مسماره وبحث عن مشكلة ليقول للآخر إنه مخطئ في كل شيء، طالما أنه لا يمشي وفق هواه.
> وإذا أردنا أن نستنشق هواءً عليلاً فيجب أن نفهم أن الأوكسجين لن يأتي إلا من عملية زفير كاملة متكاملة ينطلق فيها ثاني أكسيد الكربون خارجاً مبتعداً.. نواميس الخليقة هكذا، ومحاولة التنصيف والاجتزاء ليست إلا محاولة كبت، وغباء يجتر نفسه من جديد.
> نحتاج فيما نحتاجه إلى تطبيق نظرية دعه يعمل دعه يمر، مع مراعاة الضابط الجمعي للمصلحة العامة وبلا انجراف نحو الفردية الممعنة في الأنا.. وثمة أخريات من الأفكار.. فبناء الوطن لن يأتي على تجمع المال والنفوذ والسلطة.. كفانا وبالاً من نظام السلة الواحدة.. فَمَن يريد أن يكون شيخاً فليذهب بعيداً عن السلطة، وَمَن يريد أن يكون عسكرياً فليفهم أنه لا يصلح أن يكون تاجراً أو صاحب شركة، ورَجُل الأعمال ربّنا يفتح عليه بعيداً عن التحصن بالحصانات.. هذه الآفات نهشت لحومنا كثيراً، وها هي تأتي على العظم.
|