صنعاء نيوز -         من التربية والتعليم، رهان المستقبل .. صراع بين ماض متخلف وحاضر واعد .. معارك ازدواجية التعليم العام، وصراع المذاهب والأحزاب

الثلاثاء, 04-فبراير-2025
صنعاء نيوز/الدكتور عبد الوهاب الروحاني -



من التربية والتعليم، رهان المستقبل .. صراع بين ماض متخلف وحاضر واعد .. معارك ازدواجية التعليم العام، وصراع المذاهب والأحزاب.. من هناك بدأ الوزير الجائفي أشرف معاركه الوطنية؛ خلال فترتين مليئتين بالحيوية والنشاط، الأولى (1985-1988) والثانية (1990-1993)، استطاع مع نخبة من الكفاءات الوطنية أن يحدث حراكا ملموسا في تنظيم وإدارة وتطوير العملية التعليمية في البلاد.

تميزت إدارة الوزير الجائفي بالعزم والحزم، ثم جديته في إعمال الأنظمة والقوانين، ومساعيه لتوحيد المناهج التعليمية وإلغاء ازدواجية النظام التعليمي (العام، والمعاهد).. المشكلة الأبرز التي ورَّثت لليمن الكثير من المآسي، وخلفت الكثير من الكوارث، وفتحت ميادين سباق محمومة بين المتمذهبين، واشعلت نيران صراعات لاتزال تحرق الوطن وتمزق نسيجه الاجتماعي، ولا تزال هي أبرز مسببات الانهيار والفوضى التي يعيشها اليمن اليوم.

ازدواجية النظام التعليمي، وما رافقها من تعصب مذهبي أعمى لم تكن هي التحدي الوحيد الذي واجه الجائفي في حقيبة التربية الأولى، وإنما كان التعصب الحزبي هو الداء المصاحب، الذي نخر في العملية التعليمية.. سباق اليسار اللينيني مع اليسار الماوي، وصراع البعث القومي مع القومي الناصري، والزيدي مع الشافعي، ومواجهة الكل مع الكل في مكاتب الوزارة وساحة المدرسة، الأمر الذي تطلَّبَ معالجة وطنية عاجلة وحازمة، فماذا فعل؟!

حاول معالجة الأولى بإلغاء الازدواجية القانونية للتعليم المقسم بين معاهد "الاخوان" وبين مدارس الحكومة بـ"قانون يوحدها" ولم يفلح.. تداخلات سياسية خارجة عن صلاحية الوزير، لعبة توازنات كان الرئيس صالح (رحمه الله) يديرها بطريقته مع معارضيه حالت دون المعالجة، وكاد حينها ان يستقيل، أما الثانية فعالجها إداريا بـ"تحريم الحزبية" في أروقة المؤسسات التعليمية، بقاعدة "اخلع رداء الحزبية والمذهبية عند دخول المرفق التعليمي، والبسه - إن شئت- عند الخروج منه"، ولعله في هذه نجح.

نجح الأستاذ الجائفي في التخفيف من الازدحام، الذي خنق مدارس الجمهورية في منتصف الثمانينات، وتوسع في بنائها -على الأقل- في صنعاء، وتعز، والحديدة.. ونجح في مواصلة مهمة "يمننة المعلم" في مراحل التعليم الأساسية، التي بدأت مطلع السبعينات.. ونجحت البلاد في وضع خطة لتأهيل المعلم اليمني كبديل للمدرسين العرب (المعارين) الذين بلغوا عشرات الالاف اغلبهم غير مؤهلين.

ترك الجائفي حقيبة التربية الأولى عام 1988 دون أن يكمل أخطر مهام العملية التعليمية، وهي الغاء ازدواجية التعليم وتوحيد المناهج، وشاءت الاقدار ان يكمل المهمة حين أسندت اليه حقيبة التربية للمرة الثانية في أول حكومة لدولة الوحدة (1990-1993) وانجز توحيد المناهج "الشطرية – شمالية وجنوبية"، و"مناهج المعاهد" في منهج دراسي عام موحد، والغيت ازدواجية التعليم مع المعاهد العلمية بقانون في ظل ادارته وعلى يديه، وعمل على انجاز مطابع الكتاب المدرسي، الذي كانت طباعته تستنزف مبالغ مهولة من العملات الصعبة، واستطاع بعقلية رجل الدولة، وروح المربي وحزم المسئول النظيف ان ينجز الكثير للعملية التعليمية في البلاد.

في زمن الأستاذ الجائفي حافظت المدرسة على حيوية ونشاط المكتبة والمعمل، واستمرار حصص الرياضة، والرسم، والموسيقى، التي تلاشت تدريجيا من مدارسنا بفعل تحجر العقول وفتاوى "التحريم".

جهود جبارة بذلها رجالات الدولة، قادة تربويين وموظفين بسطاء لغاية القضاء على ازدواجية المناهج التعليمية، وقطع دابر الصراع المذهبي بشأنها، لكنها ظلت هي أس المشكلة اليمنية، وهي مؤشر الإخفاق أو النجاح في الاستقرار السياسي والاجتماعي، والمؤسف أننا في اليمن كلما تقدمنا خطة الى الامام تراجعنا ألف خطوة الى الوراء، وها نحن اليوم نعود بصراع "المناهج" الى نقطة الصفر، وباسمها نقاتل بعضنا، ودمرنا مكتسباتنا الوطنية، واضعنا الدولة التي كنا قد بنيناها موحدة بعلم واحد، ونشيد واحد، وبهوية واحدة.

امتداد متجدد للرواد:
محمد عبدالله الجائفي، امتداد متجدد لحيوية ونشاط من سبقه من رجالات الدولة ورواد التربية الكبار من محمد محمود الزبيري، وقاسم غالب، الى أحمد جابر عفيف، والعزي اليريمي، وعبدالواحد الزنداني، ومحمد الشهاري؛ هو من أوائل الضباط المثقفين الشباب، الذين استوعبوا قيم وأهداف الثورة والجمهورية في صباها.

خدم الوطن بإخلاص وقدم مثالا حيا لرجل الدولة، كان شعلة من الحيوية والنشاط في كل المواقع التي عمل فيها.. خدم الوطن الجمهوري بكل اخلاص وحزم ومسؤولية في كل المناصب التي شغلها، ترك بصمات واضحة في بناء وتحديث المؤسسة التعليمية، والإدارة المحلية، والخدمة المدنية، عرف بمحاربته للمحسوبية والفساد وعمل على إعمال النظام والقانون في كل المواقع التي شغلها، فكان مثالا مميزا لرجل الدولة، الذي اتصف بالعفة ونظافة اليد.
د. عبدالوهاب الروحاني
https://www.facebook.com/share/p/1AnQf8Uu7Q/?mibextid=oFDknk
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 05-فبراير-2025 الساعة: 09:36 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://sanaanews.net/news-101282.htm