صنعاء نيوز - تحاول الشاعرة اليمنية رغدة جمال من خلال مجموعة القصائد المنشورة في ديوانها الشعري الأول باللغة الانجليزية الذي حمل اسم Lost in a fairy tale أو تائهة بين طيات حكاية ان توصل رسالتها

الأحد, 14-أغسطس-2011
صنعاء نيوز/ عرض / نبيل التويتي -



تحاول الشاعرة اليمنية رغدة جمال من خلال مجموعة القصائد المنشورة في ديوانها الشعري الأول باللغة الانجليزية الذي حمل اسم Lost in a fairy tale أو تائهة بين طيات حكاية ان توصل رسالتها الى العالم وتجربتها كفتاة يمنية تعيش في مجتمع محافظ تسعى الى اثبات ذاتها من خلال الكتابة الحرة لكل ما يتعلق من تفاصيل تغوص في أعماق ذاتها لتترك اثرا وانطباعا رائعا لدى القارئ وكل متذوق للشعر باللغة الانجليزية .




لا أنكر أنني وعند قراءتي الأولية لديوان الشاعرة رغدة جمال الموسوم بعنوان Lost in a fairy tale أو تائهة بين طيات حكاية لم أستوعب معانيه ولم أدرك مفهوم الرسالة التي حملتها بين سطوره, غير اني عندما حاولت مرارا ان اتعمق في مفرداته تمكنت من استيعاب جزء لاباس به من المضمون الذي استحق الوقوف أمامه ومعرفة المزيد عن سيرة صاحبته فتمكنت من معرفة القليل الذي استطعت من خلاله معرفة القاسم المشترك بين العمل الصحفي وكتابة الشعر بالغة الانجليزية ...
ومن خلال المعلومات البسيطة التي حصلت عليه تبين لي ان صاحبة الديوان هي صحفية بدات بممارسة الكتابة الصحفية منذ العام 2008 , و تنقلت للعمل كمحررة للشئون الثقافية بين عدد من الصحف الرسمية والاهلية , ويبدو جليا انها وجدت في جامعة صنعاء مناخاً عامراً بالشعر والفن والأدب , و كطالبة في قسم اللغة الانجليزية حظيت بتلقي الأدب الانجليزي وألوانه وفنونه بمختلف عصوره فتأثرت بهذا النوع من الأدب الغني بالروائع في مختلف المجالات الأدبية من القصة والرواية والمسرح والشعر الذي سطره عمالقة أمثال وليام شكسبير, الفريد لورد تينيسون ,صموئيل جونسون , روبرت بيرنز, ويليم وردورث , تشارلز ديكنز وغيرهم ..
ومن الواضح انها بدات بتذوق الأدب الانجليزي وتأثرت بأسلوب كتابة القصيدة وطريقة نظمها فقررت الخوض في تجربة كتابة الشعر وانتهجت اسلوب معين تفردت فيه عن غيرها بالرغم من احتفاظها بالاساليب المتعارف عليها في قواعد وأصول كتابة القصيدة فكان لها اسلوبها الخاص في كتابة الشعر باللغة الانجليزية تبعا لثقافتها وطريقة تفكيرها وخصوصية المجتمع الذي تعيش فيه .
وكان للتشجيع الذي حظيت به من قبل أساتذتها الاثر البالغ في اكتشاف مكامن قدراتها وصقل مواهبها في الكتابة وهو ما جعلها تتربع على رأس قائمة المتنافسين في المسابقات الشعرية التي تنظمها الجامعة وتحصد المركز الأول على مستوى الجامعة فاستحقت عن جدارة لقب شاعرة الجامعة للعام 2008 م .
الى جانب التعليم حاولت رغدة اشباع رغبتها في كتابة الشعر فعملت في المجال الصحفي في احدى الصحف الناطقة بالانجليزية وفيها خصصت لنفسها زاوية اسمتها بوتري كورنر أي زاوية الشعر أعتادت من خلال هذه الزاوية نشر قصائدها وقصائد القراء وهو ماجعل رئيس تحريرها يمنحها منصب المحررة الثقافية في صحيفته.
قدّمت الشاعرة لديوانها بمقدمة تحدّثت فيها عن البيئة الاجتماعية والثقافية التي نشأت فيها وأثرها على تنمية ملكتها الشعرية ومجموعة الاصدقاء والمحيطين بها الذين الذي تحدثت عنهم بكلمات الامتنان والثناء لإيمانهم بمواهبها وقدراتها الشعرية وتشجيعهم المستمر وذكرت حتى أول من أطلق عليها لقب شاعرة , ولم تغفل الإشارة الي الأستاذين راجيش كومار وعلي المؤيد في مقدمة ديوانها فهي تعزو النجاح الذي وصلت اليه الى تشجيعهم لموهبتها في كتابة الشعر فتقول انها كانت دوما تتمنى ان تهديهم احد أعمالها الشعرية وفاء لما بذلوه من جهود أثمرت في إخراج باكورة إنتاجها إلى الوجود , هذا الإنتاج تمثل في مجموعة قصائد جمعتها خلال فترة دراستها بالجامعة بين عامي 2006-2010 م لتشكل منها ديوان شعري حمل اسم Lost in a fairy tale أو تائهة بين طيات حكاية.
صدرت مجموعتها الشعرية مطلع العام2011 م ونشرتها مطابع سقطرى في طبعة رشيقة احتوت على 66 صفحة من القطع المتوسط وغلاف أنيق صممه الفنان مجدي العفيفي وهو شاب اثبت موهبه كبيرة في الابداع والتصميم فاقت سني عمره التي لم تتعد الخمسة عشرة ربيعا , اما الصورة التي تصدرت غلاف الديوان فقد التقطتها عدسة للمصورة الفوتغرافية بشرى الفسيل وتظهر فيها فتاة تطل برأسها من شرفة منزلها المشرف على المدينة وهي اشارة واضحة الى انها تتطلع بشغف الى العالم المحيط بها وهو ما يعكس رغبة الشاعرة التي تحاول الخروج عن صمتها لايصال رسالتها الى العالم بطريقتها الخاصة بالرغم من القيود المفروضة على المرأة في المجتمعات المحافظة التي ترمز اليها المدينة القديمة في الصورة .
قدم للديوان الاستاذ زيد العلايا رئيس تحرير مجلة اليمن اليوم وفيه أكد أن الشاعرة ستضيف نكهة جديدة على الساحة الأدبية في اليمن حيث أنها قدمت أشياء تقليدية بطريقة حديثة ومن منظور غير معتاد, ووصف اسلوب الشاعرة في الكتابة بانه مستوحى من نظرتها الثاقبة التي تلتقط تفاصيل الحياة , فترسم صورة واقعية تاخذ معه القارئ الى رحلة رائعة تجعله يخوض في تفاصيلها عبر تدفق قوي للمشاعر والاحزان فتعيد تجميعها في هدوء يتجسد بوضوح في طريقة كتابتها فقد نجحت رغدة من خلال مجموعتها الشعرية من المزج بسهولة بين قضايا جيل الشباب في اليمن وفي نفس الوقت استطاعت الكشف عن جوانب كثيرة من شخصيتها عبر مجموعة من القصائد فقد حاولت ونجحت بشكل كبير في الإشارة إلى اعتزازها كونها امرأة وهو ما جسدته في قصيدتها الحياة التي عبرت فيها باسلوب بسيط لا يتقيد بنمط شعري معين وانما بأسلوبها الذي تفردت به , بالوضوح والدقة في تعاملها مع المواضيع بأسلوب ينم عن إبداع وموهبة فذه .
المجموعة الشعرية ضمت في طياتها ثلاثا ًوثلاثين قصيدة , صحيح انها لم تؤرخ لميلاد كل قصيدة الا ان كل واحدة منها حملت ميلاد موضوع جديد لايربط بينها إلا رابط الحب المتمثل في حب الوطن ،وحب الأب الحنون ، وحب الأم الرءوم والقلب الحاني ،وحب الأصدقاء الأوفياء ،وحب الطفولة و حب البشرية جمعاء وحب كل ماهو جميل من صفات ومعاني .
والى جانب ذلك نالت مواضيع اخرى كالعلاقات والقضايا الانسانية المرتبطة بالواقع نصيبها من الاهتمام ولعل ابرزها قضية المرأة التي افردت لها مساحة واسعة فقد افتتحت ديوانها بقصيدة تحمل عنوان ان تكون فتاة وربما قصدت الشاعرة التركيز على وضع المرأة العربية والفتاة اليمنية بشكل خاص من خلال تعبيرها عن مجموعة من المواقف التي تتعرض لها في حياتها كامرأة , غير ان ذلك شكل لها ولكل امراة مدعاة فخر وهو ما تحاول ترجمته من خلال قصيدة بلاك وتعني السواد الذي تكتشح به المراة لتواري نفسها عن أعين الآخرين ففي هذه القصيدة تفتخر الشاعرة بارتدائها للعباءة السوداء بأسلوب قد لا يخلو من الشفافية والبساطة في الطرح تجعل القارئ يخوض في تفاصيل تشعره بان كاتبتها هي حالمة كبيرة و طفلة لم تغادرها وشوشات الطفولة فقد وجدت نفسها فجأة امرأة تسكن في أعماقها طفلة حالمة يتجلى ذلك بوضوح في قصيدتها بعنوان واحد وعشرون وهي السنوات التي فارقت فيها مهد الطفولة , و ربما هي الطفولة التي لم تفارقها ابدا .
ومن يخوض في تفاصيل الديوان يدرك بجلاء مدى تعلق الشاعرة بوطنها وأرضها فلها قصيدة تتغنى فيها باليمن الجميل الذي تقول انه مهما حاول البعض الانتقاص من حب الوطن واثارة الجدل حوله والتقليل من شانه الا انه سيظل عظيما الى الابد فهو من منحها الامان الذي تريده والسعادة الخالدة التي تنشدها ,وهنا يتوقف القارئ قليلا ليدرك كيف استطاعت الشاعرة بمقدرتها الشعرية المتفردة أن تقربنا من القيم العظيمة والمبادئ السامية النبيلة والأخلاق الحميدة وتخلطنا بها بصدق وحرارة ؛ و كما يبدو انها تعتبرها ملجأ لما تنشده من راحة وأمان ومن طهر ونقاء , فقد جاءت صورها الشعرية في معظمها مأخوذة من الكلمات الجميلة الموحية والعبارات الغنية والصور الرائعة والموائمة بين الألفاظ والمعاني التي استطاعت تكريسها بعدة أساليب أسهمت في قوة الأسلوب وجماله رغم حداثة التجربة .
ومن خلال التصنيف الذي اعتمدته الشاعرة للقصائد نجد أن مواضيع الديوان توزعت إلى تسعة أقسام ، ناقش كل قسم مواضيع محددة ترسم في ذهن القارئ أشكال وصور أبدعت فيها بلغة هي أقرب من شخصيتها كشاعرة الى فنانة ومبدعة في مجال التصميم ، وهو ما أتاح لنا حيزا لمراجعة صور كل مكونات الحياة العامة كالعلاقات، الصداقة، العائلة، الوطن، الشغف، مشاعر الإحباط والحزن، ووضع المرأة العربية والأفكار الدفينة التي قد تراودها والتي اتاحت لنا البحث في الذاكرة الإنسانية وطفولة الشاعرة التي افتقدها حين وجدت نفسها امراة يتوجب عليها ان تشق طريقها في هذا العالم المليء بالمتناقضات ...

تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:53 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-10180.htm