صنعاء نيوز - إيران اليوم هي رمز لنضال شرس من أجل الحرية والمساواة، تقوده النساء بشجاعة وإصرار. فمنذ اندلاع الانتفاضة في سبتمبر 2022،

الجمعة, 14-مارس-2025
صنعاء نيوز/بقلم معصومة رؤوف -




إيران اليوم هي رمز لنضال شرس من أجل الحرية والمساواة، تقوده النساء بشجاعة وإصرار. فمنذ اندلاع الانتفاضة في سبتمبر 2022، إثر مقتل مهسا أميني، شهد العالم بأسره عزيمة الإيرانيات التي لا تتزعزع. لقد أصبح شعارهنّ "النساء، المقاومة، الحرية" نداءً عابراً للحدود، يجسد سعيًا عميقًا نحو العدالة والتحرر. هذه المعركة لا تتعلق فقط بفرض الحجاب الإجباري، بل هي معركة شاملة من أجل المساواة بين الجنسين، والكرامة، والعدالة الاجتماعية.

انتفاضة 2022: حلقة في سلسلة طويلة من النضال

لم تكن انتفاضة 2022 حدثًا منفصلًا، بل كانت امتدادًا لـ 44 عامًا من المقاومة ضد نظامٍ دينيٍّ قائم على التمييز المنهجي ضد النساء. فمنذ وصول الملالي إلى السلطة عام 1979، فرض النظام سياسات قمعية ممنهجة تهدف إلى استعباد النساء والتحكم في المجتمع بأكمله.

منذ البداية، تصدّت النساء لهذا القمع، وخاصة الناشطات في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، اللواتي رفضن الانصياع لسلطة النظام الذكورية. لقد دفعن ثمنًا باهظًا، حيث تعرضت الآلاف منهنّ للسجن والتعذيب والإعدام، لكن رغم ذلك لم يتوقف نضالهن. واليوم، تواصل جيل جديد من الشابات حمل راية المقاومة بكل بسالة.

واشنطن تحتضن مظاهرة حاشدة دعماً للمرأة الإيرانية

في اليوم العالمي للمرأة، 8 مارس، احتشد الآلاف في العاصمة الأمريكية واشنطن في مظاهرة حاشدة دعمًا لنضال المرأة الإيرانية ضد نظام الملالي. نظّمت هذه التظاهرة منظمة الجاليات الإيرانية الأمريكية (OIAC)، حيث شارك فيها إيرانيون أمريكيون ومدافعون عن حقوق الإنسان ومؤيدون للمعارضة الإيرانية، مرددين شعارات تطالب بـ**"إيران حرة"**.

انطلقت المظاهرة من أمام Capitol Reflecting Pool، ثم سار المتظاهرون باتجاه البيت الأبيض، مطالبين بسياسات أمريكية أكثر حزمًا ضد النظام الإيراني. وأكد المتظاهرون أن القضية ليست فقط قضية حقوق المرأة، بل قضية حرية شعب بأكمله، حيث لا يمكن تحقيق العدالة والمساواة في ظل حكم قائم على القمع والاستبداد.

رفعت المشاركات لافتات كتب عليها "لا لحجاب إجباري، لا لدين مفروض، لا لحكومة قمعية"، فيما أكد قادة المظاهرة أن المرأة الإيرانية تقف اليوم في طليعة الانتفاضة ضد النظام الديكتاتوري، وأن تضامن العالم مع نضالهن أمر حتمي لتحقيق التغيير المنشود.

نظام يقوم على التمييز والقمع

يُكرّس الدستور الإيراني عدم المساواة بين الرجال والنساء، حيث تُعتبر النساء أدنى منزلة قانونيًا، سواء في الشهادة أمام القضاء، أو حقوق الميراث، أو حتى أبسط الحقوق الأساسية مثل السكن، والطلاق، والجنسية، والتعليم، والسفر، وجميعها خاضعة لموافقة الرجل. أما الحجاب الإجباري، الذي يُفرض بتهديد النساء بعقوبات قاسية، فهو مجرد أداة واحدة ضمن منظومة قمع شاملة.

في سبتمبر 2024، أقرّ البرلمان الإيراني قانونًا جديدًا يُشدد العقوبات على المخالفات للحجاب الإجباري، حيث فُرضت غرامات تصل إلى 4000 يورو، وأحكام بالسجن تصل إلى 15 عامًا، بل وحتى الإعدام تحت ذريعة "الإفساد في الأرض". لكن أمام رد الفعل الشعبي العنيف، اضطر النظام إلى تعليق تنفيذ القانون، رغم أن القمع لا يزال مستمرًا.

رغم القمع.. المقاومة مستمرة والنظام يترنح

على الرغم من القمع الوحشي، فإن شرارة المقاومة لم تنطفئ. فالشعب الإيراني يرفض كل أشكال الديكتاتورية، سواء تلك التي فرضها الشاه أو تلك التي يحكم بها الملالي اليوم. والنظام الإيراني اليوم أضعف من أي وقت مضى، إذ يواجه أزمة اقتصادية خانقة، وفسادًا مستشريًا، وعزلة دولية متزايدة، مما يجعل قبضته على السلطة أكثر هشاشة.

تُواصل وحدات المقاومة، إلى جانب الشبكات السرية للمعارضة، تنفيذ عمليات جريئة تستهدف رموز النظام. إذ يتم تسريب مشاهد من داخل السجون، وتنظيم احتجاجات سرية، وإيصال رسائل التحدي إلى قلب السلطة. حتى داخل السجون، باتت حركة المقاومة أكثر تنظيمًا، حيث ينفّذ السجناء السياسيون إضرابات عن الطعام احتجاجًا على الإعدامات الجماعية.

بديل ديمقراطي تقوده النساء

لم يكن النضال ضد النظام مجرد رفض للاستبداد، بل هو أيضًا بناءٌ لمستقبل ديمقراطي جديد. ويجسد المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI)، بقيادة السيدة مريم رجوي، هذا البديل السياسي.

يُشكّل النساء أكثر من 50% من أعضاء هذا المجلس، الذي يطرح برنامجًا من عشرة بنود يقوم على انتخابات حرة، والمساواة بين الجنسين، وإلغاء عقوبة الإعدام، والفصل بين الدين والدولة، وهي المبادئ الأساسية التي تُمهد الطريق لإيران حرة وديمقراطية.

المرأة الإيرانية اليوم تقول كلمتها بكل وضوح: "لا لدينٍ مفروض، لا لحجابٍ مفروض، لا لحكومةٍ مفروضة!" هذا الشعار ليس مجرد كلمات، بل هو صرخة حرية تهدف إلى تحرير المجتمع الإيراني بأسره.

إيران عند مفترق طرق.. هل آن أوان التغيير؟

نحن اليوم أمام لحظة فارقة في تاريخ إيران، حيث أصبح نظام الملالي في حالة ترنحٍ غير مسبوقة. إن بزوغ مجتمعٍ حر ومتساوٍ لم يعد مجرد حلم، بل واقع يقترب يومًا بعد يوم.

مع النساء في طليعة النضال، وبدعم من الشباب والشعب الإيراني، نرفع صوتنا عاليًا:

"النساء، المقاومة، الحرية – معركة من أجل المساواة والعدالة".



تمت طباعة الخبر في: السبت, 15-مارس-2025 الساعة: 12:30 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://sanaanews.net/news-101903.htm