صنعاء نيوز - لا يمكن عزل الاحتجاجات الشعبية الإسرائيلية التي تجوب شوارع مختلف المدن الإسرائيلية،

الإثنين, 15-أغسطس-2011
صنعاء نيوزد. مصطفى يوسف اللداوي -
لا يمكن عزل الاحتجاجات الشعبية الإسرائيلية التي تجوب شوارع مختلف المدن الإسرائيلية، والشعارات المطلبية الحياتية التي يرفعها الإسرائيليون، ويطالبون حكومة نتنياهو بتنفيذها والالتزام بها، عن المناخ السياسي الإسرائيلي العام، فإن كانت أغلب المطالب الشعبية هي حياتية، فإنها تعود بجذورها وأسبابها إلى الممارسات السياسية، إذ يحمل الإسرائيليون رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وحكومته كامل المسؤولية عن تدهور الحياة الاقتصادية في البلاد، وتراجع الميزان التجاري، وانخفاض مستوى المدفوعات، ويرون أن سياسته تقف وراء الانكماش الاقتصادي، والركود العام التي تشهدها مختلف مرافق الحياة الاقتصادية الإسرائيلية، وهو الذي يتحمل قرارات البنوك المركزية التي امتنعت عن منح القروض، ورفعت قيمة فائدتها، ووضعت شروطاً جديدة لطالبيها، وأن سياسته تسببت في خسارة البورصة الإسرائيلية، وتراجع قيمة الأسهم والسندات، وانخفاض حجم التداول العام، وارتفاع أسعار الطبابة والنفقات الصحية، وأسعار الشقق وأجور الإيجار.

ويرون أن رئيس حكومتهم بيبي نتنياهو قد خضع لضغوط حلفائه في الحكومة، وحوّل مبالغ كبيرة من الخزينة الإسرائيلية لدعم برامج الأحزاب الدينية الصغيرة، وخصص بنوداً كثيرة من الميزانية العامة لتلبية الطلبات المتزايدة للأحزاب الدينية، التي تطالب بزيادة الدعم المالي لمدارسها، وتوفير ميزانيات إضافية لدعم مشاريعها الدينية، وإعفاء طلابها والمنتسبين إليها من الخدمة العامة، العسكرية والمدنية، في الوقت الذي يطالبون فيه بمنحهم رواتب ومساعدات ومنح رفاهية.

وينتقد الإسرائيليون السياسة الضريبية التي يتبعها رئيس حكومتهم، ويرون أنه يثقل كاهل دافعي الضريبة من صغار وكبار التجار ورجال الأعمال، ويقتطع من أموالهم مبالغ كبيرة، إلا أنه لا يؤدي لهم بالمقابل خدمات تشجيعية، تنعش تجارتهم، وتحسن أعمالهم، وتجذب إلى مشاريعهم رؤوس أموالٍ جديدة، بل إن سياسته الضريبية قد أدت إلى نفور رؤوس الأموال، وهروب رجال الأعمال، وتعطل مشاريع كبيرة كان يعول عليها كثيراً في إنعاش الحياة الاقتصادية الإسرائيلية، ولهذا يتساءلون أين تذهب أموال الضريبة، ومن هي الجهات التي تستفيد منها، ولماذا لا تراعي الحكومة الركود الاقتصادي العالمي، والأزمات الاقتصادية الكبرى التي باتت تهز الأنظمة والكيانات الاقتصادية العالمية.

يتساءل المواطنون الإسرائيليون لماذا يخصص رئيس حكومتهم مبالغ طائلة من ميزانية دولتهم لبناء مستوطنات جديدة، وتوسيع القديم منها، بينما هي خربة، لا سكان فيها، ولا يوجد عوامل جذب حقيقية إليها، وقد أصبحت تقتطع مساحاتٍ كبيرة من الأراضي، وتكلف ميزانية الدولة مبالغ خيالية لجهة البناء والإعمار والحماية والحراسة، إذ أن كلفة الاستيطان ليست فقط كلفة بناءٍ وإعمار، بل إن التبعات الأمنية والسياسية التي تفرضها المستوطنات تكون كلفتها المادية كبيرة، وهي كلفة دائمة ومتزايدة.

ويتساءلون عن أموال المعونة الأمريكية التي تناهز الثلاثة مليارات دولار، وهي مساعداتٌ دائمة وغير مشروطة، لماذا لا يتم استخدامها في تطوير مرافق البلاد الاقتصادية، وتحسين خطوط الإنتاج فيها، ورفع مستوى ونوعية الإنتاج الإسرائيلي بما يجعله منافساً قوياً في الأسواق للسلع الأخرى، فإن كانت المعونة الأمريكية موجهة نحو احتياجاتٍ أمنية وعسكرية، فلماذا لا يتم تحويل أو اقتطاع مبالغ موازية من ميزانية الأمن والجيش للنهوض باقتصاد البلاد، وإبعاد شبح الانهيار والركود عنها، إذ أن اقتطاع مبالغ محددة من ميزانية الدفاع والأمن يمكنه تحقيق رفاهية إسرائيلية عالية، ويستطيع أن يحقن الاقتصاد الإسرائيلي بحقن إنعاش بعيدة المدى.

ترفض الأغلبية الإسرائيلية مبررات رئيس حكومتهم المستغرق في أحلام البقاء والاستمرار رئيساً للحكومة، بأنه وحكومته لا يستطيعون تقليص ميزانية الجيش والأمن، إذ هما عماد البلاد، وأركان وجوده، وعوامل بقاءه وحمايته، ويقترحون عليه الصدق مع خصومه من المفاوضين العرب والفلسطينيين، إذ أن تهدئة الجبهات مع الدول العربية الجارة، من شأنه أن يرفع العبء المالي الكبير عن الدفاع والأمن، ويحول مبالغ كبيرة من ميزانية الجيش نحو خدمة الجمهور والارتقاء بحالته الاقتصادية وظروفه المعيشية، ويرفضون منطقه للخروج من الأزمة الاقتصادية بافتعالِ حربٍ مع غزة في الجنوب أو مع حزب الله في الشمال، أو استفزاز سوريا للدخول معها في حرب، ويرون أن أي حربٍ يفتعلها ستزيد في عمق الأزمة، وستضيق الخناق أكثر على الإسرائيليين، فإن كانت حرب يونيو 67 قد نجحت في تفكيك الأزمة الاقتصادية التي كانت تعصف بالكيان الإسرائيلي، فإن حرباً جدية ستغرقهم أكثر، وستزيد في حجم معاناتهم أكثر، إذ أن الظروف الدولية قد تغيرت، وشكل الحرب وأنواع السلاح قد تبدلت، كما أن الأنظمة الاقتصادية القديمة التي كانت تحركها الحرب قد تغيرت.

الإسرائيليون يطالبون رئيس حكومتهم ألا يفكر فقط في السبل التي من الممكن أن تبقيه في السلطة، وتحافظ على منصبه رئيساً للحكومة، وإنما عليه أن يفكر في السبل التي يمكنها ضمان المستقبل لهم ولأجيالهم، والحفاظ على حياتهم واستقرارهم، وتوفير مناخاتٍ اقتصادية جيدة لهم، تمكنهم من العيش الكريم والمنافسة الحرة، وإلا فهو المسؤول عن تفكيك المشروع الصهيوني، ورحيل الإسرائيليين عن "أرض إسرائيل"، وتنفيرهم من الإقامة والعمل فيها، فهم يرغبون في الحياة برغدٍ ورفاهية، في ظل عدالةٍ اجتماعية حقيقية، يحصلون فيها على مسكنٍ لائق ليس عرضةً للخطر أو الدمار في الحرب، ولا يريدون أن يفقدوا المئات من أبنائهم في حربٍ قد لا تعرف نتيجتها ولا نهايتها، من أجل احتمالٍ ضعيف بانتعاش الحياة الاقتصادية.

الاحتجاجات الشعبية الإسرائيلية وإن بدت أنها تطالب بالعدالة الاجتماعية والعمل والمسكن والرفاهية، وبرفع الأعباء الضريبية عنهم، وتخليصهم من شبح الأزمات الاقتصادية التي تلوح في الأفق، ووقف سلم غلاء المعيشة الصاعد دوماً، إلا أن لسان حالهم يقول لنتنياهو وأركان حكومته في الأمن والدفاع والخارجية، أننا لا نريد حرباً جديدة، ولا نريد أن نخسر حياتنا من أجل رفاهية غيرنا، فالحرب التي تلوح بها ليست هي الحل، وخوضها ليس طود النجاة، ويرون أن دعوات وزير الدفاع وقادة الجيش ورئيس الأركان من خطورة تخفيض ميزانيات الجيش لصالح المطالب الاجتماعية، وأنها ستؤدي إلى تراجع قدرات الجيش الدفاعية، وستؤثر على ميزان القوى لصالح الخصوم، ليست إلا وصفة عسكرية غبية لتأكيد الفوارق الاجتماعية، وتغيب العدالة الاجتماعية التي ستقود حتماً إلى تعاظم الخطر الوجودي على دولة إسرائيل.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 01:11 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-10192.htm