صنعاء نيوز/بقلم/ عبدالفتاح الحكيمي* -
ليسامحني الله إذا أخطأت ذات يوم في الإشادة بحزب الإصلاح-إخوان اليمن, ما دام بعضهم يعتبر إشادتي السابقة بهم اليوم ورطة لا يحق لي بعدها نقد وتقويم تجربة وممارسات قياداتهم وإدارتهم للحكم والسلطة المباشرة طوال عشر سنوات مضت.
وقد اعتادوا إدارة قواعدهم بالطاعة العمياء عندما ظنوا استملاكهم لها وانقياد الأعضاء الساذج بلا بصيرة.
وتصرفوا بإدارة مؤسسات وأموال وموارد الدولة الشرعية لاحقاً بعقلية التعامل ذاتها مع جمعية خيرية لا مالك ولا صاحب لها( ألمال السائب يعلم السرقة).
ألحقيقة أشدت يومها قبل 25 سنة بسلوك شباب الحزب وليس بقياداته وقد ظهر بينهم نوع من التآلف والمؤازرة ظننت أنها تجاه من يعرفون ومن لا يعرفون قبل اكتشافي أنها تربية حزبية خالصة لا إسلامية تلغي القيادات بموجب نظام إعداد تربوي صارم للأفراد علاقتهم وتفاعلهم الإيجابي والإنساني بالآخر إلا من باب التقية أو فقه المصالح, أو لإنك لست ضدنا أو أنك معنا أو ساكت عن الحق كشيطان أخرس مثلهم ضمن ثقافة وتربية القطيع.
نعم أشدت بحزب الإصلاح بعد توقف معظم قياداته الشهيرة عن عادة تكفير خصومهم الإشتراكيين والقوميين وملاحقتهم بل واغتيالهم جسدياً ومعنوياً وسحلهم والتنكيل بهم في شوارع صنعاء بعد وحدة 22 مايو.
أشدت بذلك لتشجيعهم على الإندماج في المجتمع قدر الإمكان بعد ما خرجت بانطباعات لا تليق ببعض من يسوقون شبان الحزب والبلاد نحو المجهول.. وبحثت دائماً عن تقاربات حتى وهم يخططون لمؤامرات.!!
ما دمت قد أشدت بهم في كتابي الإسلاميون والسياسة قبل ربع قرن كان أفضل استمراري بجلدهم طوال تلك الفترة ما دامت الإشادة عند هؤلاء مشكلة وجريمة, فكيف نقد تجربتهم الكارثية المشوهة.
ولإن قياديي حزب ذيل الكلب يعرفون حقيقة أنفسهم وطباعهم وقناعاتهم الأخلاقية المتأصلة وسؤ نواياهم أكثر من غيرهم يحق لهم الإستغراب والإندهاش من حسن ظن الآخرين الذي لا يليق بهم على الإطلاق.
فبعد ربع قرن من إشادتي ألتي اعتبروها(شهادة حسن سيرة وسلوك لهم) ظهرت منهم جرائم مروعة بحق اليمنيين بسبب اللهاث غير البريء وراء السلطة والثروة بأساليب غير مشروعة.. لا ينبغي السكوت عنها ذكرت بعضها بالدليل في المقال السابق, والدفاع عن قياداتهم المتورطة تواطؤ لا يليق من الأعضاء والمقربين منهم( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا)).
وإذا أخطأت بحسن ظني فيهم بالإشادة العابرة بهم في الماضي ليسامحني الله كون قياداتهم المترهلة من الذين(أضلهم الله على علم)).
*هذا ما دار مع اليدومي*
قال لي محمد اليدومي أمين عام حزب الإصلاح يومها بعد انتخابات أبريل 1997م في زيارتي الأولى لمكتبه في حي الصافية بصنعاء : توقفنا عن تكفيرهم الديني ونطالبهم الآن بالتوبة الوطنية(يقصد الإشتراكيين) قبل ارتماء حزب الإصلاح بعد ذلك في كنف المعارضين والتوسل لمن أفتوا بإهدار دمائهم وأموالهم من إشتراكيين وقوميين وليبراليين وباقي الخصوم للقبول بهم كمعارضة, فالضرورات تبيح المحظورات, وجلب المصالح مقدم على جلب المفاسد, و درء مفسدة كبرى بمفسدة صغرى.. إلخ.
وها هو ياسين عبدالعزيز وجناحه التجاري-السياسي الذي حرض الشارع مع الزنداني بمسيرات جماهيرية غاضبة وساخطة في صنعاء وغيرها قبيل سنوات معدودة للإعتراض على إقامة دولة الوحدة اليمنية مع العلمانيين والكفرة والملحدين يفتي لاحقاً بجواز التحالف مع ألذين أباحوا إهدار دمائهم وإزهاق أرواحهم وأبروا بعهدهم بسحل قياداتهم بعد أشهر قليلة فقط على الوحدة وبدم بارد وضمير ميت وفاسد.
وكما يسمي ذلك صاحب كتاب(نصيحة.. إلى أين يتجه الإخوان المسلمون في اليمن) إستبدلوا الفتوى الدينية بالفتوى التنظيمية للحزب وأباحوا محرمات وحرموا الحلال كما سيأتي لاحقاً.
قلت للرجل (ألذي شغل وظيفة مسؤول التحقيقات السياسية مع المعارضين في جهاز الأمن الوطني) بعد أن ناولني علبة بيبسي كولا حرص أن تكون مغلقة من المصنع :(( كتاباتي التي تعرفونها في مجلة معين وغيرها عن حزبكم نشرتها بسبب السلوك التكفيري والخطاب الإعلامي العدائي وافتعال معارك عقائدية من العدم ضد الآخر.
وأضفت : بالمعايير الأخلاقية والدينية لا يوجد إلحاد ولا ملحدون في صفوف الحزب الإشتراكي ألذين عايشتهم, ولم أجد أفضل من أعضائه في أخلاقهم العالية وبساطتهم وصدقهم)).
تذكرت وشايته بي لدى الرئيس صالح حين صرخوا من كتاباتي : هذا الحكيمي ماركسي في المؤتمر) تماماً كما يعتقد بعض الرفاق القدامى اليوم أنني(إخواني في حزب الإصلاح) لمجرد تقاربات بشرية أحياناً في بعض القضايا باعتبارنا يمنيين قبل أن نكون حزبيين, وإظهار حسن النوايا قدر الإمكان لتكون حجة لك لا عليك.
أكثر ما أكره الحزبية(رديف العبودية) ليس لإنها تصادر الفطرة السليمة وحرياتنا الشخصية وتفكيرنا المستقل فحسب وأكثر لإنها تصادر إنسانيتنا وأخلاقياتنا وتتنكر لقيمنا المشتركة, وتكرس لجيل من المنافقين للدفاع عن الباطل في مواجهة الحق أضاعوا معه البلاد والوطن والمواطنة.
*تهدئة من روع اليدومي*
كان محمد اليدومي أمين عام حزب الإصلاح على استعداد لسماع أكثر من ذلك وربما تظاهر بقبول الرأي الآخر أو هان لديه الأمر وقد لمس مني التعاطف مع نكستهم الإنتخابية أمام اكتساح المؤتمر الشعبي العام غير المتوقع لأكثر من ثلثي دوائر الجمهورية في انتخابات ابريل 1997م التي جرت قبل 12 يوماً فقط من لقائي معه ذلك الصباح.
وبدا الرجل بعد ساعة تقريباً أقل توتراً من ما كان عليه بعد تناول بدائل العمل السياسي السلمي القادم وتلميحي إلى مخاطر صدام أي معارضة مع النظام حتى بما فيها التعبئة وحشد التظاهرات الشعبية ضد الحاكم(كان في ذهني اندساسهم في مظاهرات الخبز يونيو 1996م ضد حكومة الإرياني خصوصاً طلاب الجامعة ألذين شاهدتهم بنفسي).
قال لي باهتمام بماذا تنصح إذن, وكان في حالة لهفة وترقب كمن يبحث عن أي مخرج أو متنفس شخصي ??
إضطررت للتخفيف من تذمره من عدد المقاعد الضئل الذي حصلوا عليه خلافاً لتوقعاتهم المبالغة في اكتساح الدوائر وشغل الفراغ في دوائر الإشتراكي.
وبالغت لمجاملة الرجل لجهة عدد الأصوات الإنتخابية الكبيرة التي حصلوا عليها, وكون المشكلة في النظام الإنتخابي(نظام الدائرة الفردية المغلقة) لتطمينه أكثر دون علمي لاحقاً أنهم يسعون لما هو أبعد من زيادة مقاعد مجلس النواب بكثير جداً..!!.
شرحت له وجهة نظري بحدود خطوات المعارضة الجماهيرية(ألدستورية) الممكنة بعد رفضهم بعض حقائب وزارية ونهاية الإئتلاف مع المؤتمر عرضها عليهم الرئيس صالح لاتقاء شرورهم.
كانوا في وضع ذهول وفقدان توازن من نتيجة الإنتخابات وأسقطوا ما بأنفسهم يومها على الحليف السابق عندما قال اليدومي نفسه(إن المؤتمر الشعبي قد استوحش) ألذي عكس واقع حال قيادات الإصلاح بعد وكسة الإنتخابات وربما إحساسها بالضياع وقد اعتادت أن تكون جزءاً رئيسياً من السلطة وموائد السلتة.
ثم لا هم الآن في السلطة ولا غيرها وقد سدوا الأبواب بتكفيرهم وكراهيتهم العدوانية للمعارضة الأخرى بما فيها الحزب الإشتراكي صاحب الفضل الأكبر في إنجاز الوحدةاليمنية.
وأي قرار لتنظيم الإصلاح بمعارضة انفرادية يعزلهم أكثر عن الجميع.
قلت لليدومي بعد إلحاحه على النصيحة : تعرفون خطورة الصدام مع النظام حتى باسم العمل النقابي, ولكن غيروا إنطباع الآخرين عنكم وعبروا عن قضايا ومعاناة وتطلعات الناس بخطاب سياسي وإعلامي جديد يقربكم منهم وتكسبون تأييدهم وتعاطفهم.
قال كيف ?
قلت : خطابكم الإعلامي عبارة عن منشورات وبيانات حزبية جامدة لا تعني الآخرين, وصحيفتكم الرسمية الوحيدة لا يقرأها حتى أعضاء الحزب أنفسهم, والمجلات المحسوبة عليكم عبارة عن خطب مساجد ومواعظ مكررة, وما ينشر فيها لا يهم الناس وغير مقنع في الشكل والمضمون.
قال : والمطلوب والحل.??
أجبته : ألمطلوب تبنيكم صحيفة أو مجلة إجتماعية سياسية أو منوعة مستقلة غير حزبية أو أكثر تعبر عن تطلعات الناس بلغة جديدة تلامس قضاياهم اليومية ومنفتحة على الآخرين.
قلت في نفسي(أخاطب أطرش في الزفة) لإن تجديد الخطاب الإعلامي لحزب تقليدي ملغم بالتابوهات والمحرمات ومستوحش من الجميع يحتاج قبل أي شيء إلى مصداقية وروح وجاهزية وقدرات مهنية وسياسية جديدة, وفي مخيلتي حال الزميل ناصر أحمد يحي رئيس تحرير صحيفة(الصحوة) لسان حال الإصلاح وهو طاقة وروح متميزة حاصرته مخاوف الرقابة الحزبية الداخلية على النشر وحالات التربص وتقارير الحسد المهني أحياناً واكتفى بما هو عليه أداء الصحيفة الجامد والرتيب ليرضي بذلك عقلية اليدومي نفسه رئيس التحرير السابق قبله وصاحب الإمتياز ألذي دفن خصوصية العمل الصحافي لسنوات في بئر سحيق.
*مأزق الولاء الوطني والإنفصام*
كان مأزق حزب الإصلاح إخوان اليمن أكبر من تجديد الخطاب الإعلامي واليدومي لا يزال يطالب بتوبة الإشتراكيين الوطنية.
ولم تجرؤ قيادة التنظيم على حسم علاقتها بالآخر الحزبي والسياسي في الداخل, وخطابها المعلن والخفي يراوح بين استمرار أحد أجنحته في إظهار مواقفه الفكرية التكفيرية السابقة ألرافضة للآخر على منابر المساجد والتسجيلات الصوتية والمنشورات, وجناح آخر يتظاهر بانفتاحه الاضطراري لمصالح شخصية و حزبية دون تغيير قناعته الفكرية أو ثقافة إهدار دم الآخر ولو بلا فتوى.
هل كانت العلاقة بالأمريكان بالنسبة لحزب الإصلاح الإسلامي الممانع بعد انتخابات 1997م البرلمانية ضرورة لتعويض تدهور علاقة قيادة التنظيم بالسلطة الحاكمة في اليمن بما يمثله تصدع الشراكة السابقة معها من فقدان توازن وخسارة لوجود الحزب ضمن مؤسسات الدولة, أم أن التطلعات أبعد بكثير كما ثبت لاحقاً بعد أن كسب حزب الإصلاح بقيادة المراقب العام ياسين عبدالعزيز والأمين العام محمد اليدومي رضى أمريكا وسفارتها ولم يتسبب ذلك بلطمة لنظام الرئيس صالح وحده فقط كما خططت القيادة الفعلية للنظام الخاص وجهازها المسيطر التابع لمحمود عزت(المرشد العسكري لإخوان مصر ألمحكوم بإعدامات مسؤول فرع اليمن) فعصفت بأجنحة التنظيم قبل غيرها.
من الذي عليه أن يتوب فعلاً ألذي ربط مصير اليمن بسذاجة بمصير إخوان مصر أم الأحزاب غير المرتهنة للخارج كالحزب الإشتراكي الذي عاد إلى حاضنته الوطنية بتصحيح أدبياته وبرنامج عمله السياسي 1995م ?
أصلح السفير الأمريكي بصنعاء ديفيد نيوتن, ومن بعده باربارا بودين والمسؤول السياسي بالسفارة بعد انتخابات 97م بين حزب الإصلاح وخصومه المعارضين, والحزب الإشتراكي اليمني في المقدمة بعد أن كانوا يرفضون عودته بحدة أو إعادة ممتلكاته ومقراته بكل الوسائل, واستولى الإصلاح مع المؤتمر على جزء كبير منها لم يعاد للحزب إلى اليوم.
ولعل سبب قبول اليدومي بذلك سعيه لإدانة الرئيس علي عبدالله صالح وحزبه أمام أمريكا باعتباره يرفض وجود معارضة قوية من جهة, وتقرب قبادة حزب الإصلاح لطمأنة الأمريكان قدر الإمكان من تخليهم عن نهج وعادة العنف المتأصلة في تربيتهم وسلوكهم وتبني وصولهم إلى الحكم بأي طريقة كبديل لصالح برعايتهم كما سيتضح في السياق.
وبحسب كتاب( نصيحة إلى أين يتجه الإخوان المسلمون في اليمن) لمؤلفه ع.م.المجيدي إحتفل محمد الصليحي أمين المكتب التنفيذي للإصلاح بأمانة العاصمة بعد زيارة اليدومي لكعبة واشنطن بدعوة خاصة وهو يسرد هذا الإنجاز التاريخي لأمين عام إخوان اليمن الذي تحول لاحقاً إلى مؤامرة دولية.. قال الرجل :
لقد استطاع الأمين العام للإصلاح أن يقنع أمريكا بأننا معتدلون" ثم يقول فنحن والحمد لله قد ظهر لأمريكا ولسفارتنا عندها أننا بشر ولسنا وحوشاً, فرضوا عنا وصرحوا أن لا مانع عندنا(يعني الأمريكان) من تولي الإصلاح زمام السلطة في اليمن" لاحظ هذا الكلام من ناحية عقيدية, ومن ناحية واقعية جيداً)).
إذن لا مشكلة في شكل النظام الإنتخابي البرلماني ألذي طالما تذرعوا به ورفعوه في مظلوميتهم المفتراة كقميص عثمان وعيونهم وبطونهم لالتهام اليمن دولة وأرضاً وشعباً.
قال السفير الأمريكي لمحمد اليدومي بعد زيارته للمكلا : أنتم ترفضون عودة الحزب الإشتراكي إلى الحياة والمشاركة السياسية ? فرد عليه اليدومي : ألطرف الذي يرفض عودتهم هو المؤتمر الشعبي العام ورئيسه وليس نحن))م.قحطان.
*فراغ الإشتراكي*
كان لافتاً أن الفراغ الذي أحدثه غياب الحزب الإشتراكي عن المشاركة ومقاطعته لانتخابات 97م كافياً لإثارة هواجس الأمريكان ليس لجهة حرصهم على التعددية الحزبية والسياسية ولا لاستمالة الحزب الإشتراكي من توجهات واشنطن المتوجس منها وإنما لشغل حزب الإصلاح معظم الدوائر الإنتخابية في حضرموت الإستراتيجية ألتي كانت كلها في السابق من نصيب الحزب الإشتراكي في انتخابات 1993م رغم تراجع الإصلاح في عموم البلاد.
*خطأ جسيم للإشتراكي*
منح الحزب الإشتراكي اليمني شرعية سياسية مجانية إلى اليوم لأعمال ومنكرات حزب الإصلاح ونفخ في روحه المحتضرة بعد أن كان منبوذاً من الجميع في عزلته من خلال تحالف مجلس تنسيق المعارضة ثم أحزاب اللقاء المشترك لاحقاً وحتى هذه الساعة واللحظة التي يتمادون ويتورطون فيها أكثر.
وعندما قتل الشهيد جار الله عمر في قاعة المؤتمر العام الثالث لحزب الإصلاح-إخوان اليمن في 28 ديسمبر 2002م الذي كان ضيفاً لديهم بفتوى رئيس مجلس شورى الحزب-بحسب المحامي الدكتور محمد المخلافي واعتراف الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر- صدقت قيادة الإشتراكيين لعبة تبادل وتقاسم الأدوار بين جناح ياسين عبدالعزيز وعبدالمجيد الزنداني, و انطلت عليهم الجريمة فقدموا دعوى جنائية ضد المنفذ وأبقوا على تحالفهم المقدس مع القتلة الفعليين.
وكيف نفسر أن مخرجات الصراعات الوهمية والإعلامية بين أجنحة تنظيم الإصلاح تكون استباحة وإهدار دم قيادي اشتراكي ووطني كبير بطلقتي مسدس في قلبه, وفي عقر دارهم دون إنزال القيادة الفعلية للإخوان عقوبة فصل أو محاسبة من أفتى وخطط للجريمة.!!
أليسوا هؤلاء أنفسهم جميعاً دون تمييز تورطوا في اغتيالات مشابهة لقيادات الإشتراكي منذ 1991م.. هل تطورت وتأنسنت ثقافة ياسين عبدالعزيز ومحمد اليدومي وعبدالوهاب الآنسي وأحمد القميري المتوحشة بتلك السرعة المذهلة أم هي حيلة التقية وإظهار عكس الباطن عندما تستدعي مصلحة حزب الإصلاح النرجسية حتى تحريف أحكام القرآن والسنة كما ذكر صاحب كتاب(نصيحة.. إلى أين يتجه الإخوان المسلمون في اليمن) ألذي خبر أسلوب حياتهم وتربيتهم السرية من الداخل في أدق تفاصيلها وتشوهاتها اللا أخلاقية واللا دينية.
وكيف حموا وغطوا بعضهم البعض وتستروا على الفاعلين والمشاركين الأصليين بالجريمة وفق منهج وقاعدة أن لا يقتل مؤمن بكافر أو إخواني باشتراكي بحسب قاعدتهم في استحلال ذمم ودماء الآخر.
*حصحص الحق*
أنجز اليدومي ألضابط المسؤول عن التحقيقات في جهاز الأمن الوطني الأسبق مطلب التوبة الوطنية لقيادة الإشتراكي على يديه الطاهرتين بتحالفهم الغريب مع تنظيم إخوان اليمن ربما من باب(ألقط يحن لخانقه) ولم ينكل بهم صالح في غرف التعذيب كما فعل الرجل بصفوة مثقفي وسياسيي الحزب بسخاء منقطع النظير طوال عقد السبعينيات ومنتصف الثمانينيات.. أو أنهم لفقوا عليه ??.
ألتسامح في الجرائم والقضايا الشخصية شيء طيب وليس في الجرائم الجماعية والحزبية التي تعم ولا تخص.
وما ظهر لقيادة الإشتراكي من حسن سيرة وسلوك لقيادات حزب الإصلاح-إخوان اليمن وتوبتهم الوطنية العكسية على يدي الحزب لا يمنحهم حق التغاضي عن المذابح الجماعية الأخيرة على الأقل المرتكبة في محافظة عمران طوال أعوام 2013-2014م.. وإخفاء ناشطيهم في تعز( أيوب الصالحي, وحميد) وسواهم من المغيبين في سجون الإصلاح.
ومثلما هدد زيد الشامي رئيس الكتلة النيابية لحزب الإصلاح في تكتل اللقاء المشترك بإعادة النظر بعلاقتهم مع حلفاء حزبه بعد ارتكابهم جرائم عمران المروعة لم يدافع قادة الإشتراكي عن أنفسهم من اتهامهم بالتقصير في تأييد أفعال الحليف والتعاطف معه في المحرقة التي دبرها للجيش الوطني وقبائل عذر والعصيمات وغيرها في صعدة والجوف.
ولإن المتهم بريء حتى تثبت إدانته أرجو من رئيس الدائرة القانونية بالحزب الإشتراكي اليمني المحامي الشهير (ألدكتور محمد المخلافي) ومعه فريق قانوني محايد ألنظر في التهمة الأخيرة الموجهة للحليف, ولماذا تجاهل الحزب وباقي تحالف المشترك إصدار بيان تضامن وحتى مجرد تعاطف بسيط مع قيادة الإصلاح وحميد وحسين الأحمر بعد تنكيل الحوثيين المضاد بهم والإستيلاء على مقراتهم وبعض ممتلكاتهم(ألمشبوهة) في عمران, ولماذا لم تدن أمريكا الشقيقة (ألراضية عنهم) الحوثيين في مجلس الأمن كمعرقلين للتسوية في معركتهم القبلية الخاصة مع حزب الإصلاح في عمران ودماج وغيرها.??
*مفاجأة اليدومي وحزبه*
لم أصدق أن محمد اليدومي أمين عام حزب الإصلاح-إخوان اليمن أخذ بنصحيتي أو ملاحظاتي بعد ثلاثة أشهر وظهرت فجأة تغييرات جديدة ليس في جهاز التنظيم الإعلامي وحده فقط وكذلك في رئاسة دوائر الحزب الأخرى.. بما فيها الدائرة الإقتصادية التي أفتى رئيسها الدكتور محمد السعدي من قبل بجواز التزوير والغش في الإنتخابات(وعلى الشخص بعد ذلك أن يتوب ويستغفر الله) بحسب كتاب النصيحة.
تذكرت نصيحتي للرجل(لا بد أن تكون لكم صحيفة أو مجلة أو أكثر تتمثل قضايا وهموم الناس ومنفتحة على الآخر).
فأصدر نصر طه مصطفى أول أعداد مجلة نوافذ الثقافية الفكرية في أغسطس 1997م لتلتقي فيها أسماء بعض خصومهم اليساريين والليبراليين بدلاً من احتكار النشر لأصحاب اللحى المقدسة وحدهم, وربما استثار ذلك حفيظة الجناح الآخر(حارس الدين) بالنار والحديد مع تناول المجلة لقضايا المرأة وأهمية الحوار الثقافي والتقاربات مع الآخر إلى حين ظهور قائمة الإغتيالات الطويلة أل(32) الثقافية الشهيرة المتزامنة مع جريمة تصفية جار الله عمر واحتماء نصر طه وسمير اليوسفي وآخرين بالمؤتمر الشعبي العام للنجاة بجلودهم بعد جريمة نشر كبرى مروعة لصور كاتبات نسائية وصور كتاب قوميين وليبراليين اقترفوها في المجلة وقصائد ومرثيات لاشتراكيين وغيرهم.
هل أصدر المرحوم حميد شحرة صحيفة الناس بعد ذلك بناء على التقاط اليدومي لكلامي وملاحظاتي أو هي مصادفة محضة.
أظهرت صحيفة الناس لمسات متميزة في الأداء الإعلامي جمعت بين الشعبي والسياسي و الإجتماعي والثقافي والرياضي والإخراج المفتوح قل ما تتكرر.
وكان للمرحوم حميد شحرة وزملائه علي الجرادي وعبدالباسط القاعدي وغيرهم دفن مواهبهم في تابوت رفاة التنظيم لو لم ينبه عابر سبيل ذات يوم حارس المعبد من غفلته.
وظهرت صحيفة الصحوة بنمط وشكل إخراج وتناول سياسي واجتماعي مختلف ليس لإن رئيس التحرير الجديد نبيل الصوفي قد يتميز بروح مختلفة عن سابقه الموهوب ناصر أحمد يحي, وإنما أيضاً إرخاء الرقابة الحزبية الحديدية السابقة قليلاً من صاحب إمتياز الصحيفة وزعيم التنظيم الفعلي المسيطر محمد اليدومي ألذي التقط ما يعجبه من النقد والملاحظات لمصلحة ومنفعة فقط.
وفاجأ شكل صحيفة الصحوة ونقلة أدائها التحريري وتنويع الأبواب كثيرين.
كان رئيس التحرير الجديد مهنياً ومتحرراً نسبياً من قيود ومناخ حالة الطوارئ البوليسية السابقة المفروضة في عهد سلفه ناصر يحي الكاتب الساخر في حزب منغلق, ولا يختلف من يعرفهما على قدرات الرجلين الصحافية والسياسية.
ثم تفاجأنا بعد انقلاب نجيب غانم الدراماتيكي-رئيس دائرة الإعلام- على نبيل الصوفي دفعة واحدة بخطاب(من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) في زاوية محمد سيف العديني ألمفتعل لسفارات أمريكا والغرب في اليمن, من باب إثبات حسن السيرة و السلوك العقيدي.
وتعزى مسألة التطرف في حزب الإصلاح ليس للمتطرفين أنفسهم بداخلهم, فهؤلاء يعبرون عن شخصية وهوية تنظيم إخوان اليمن الحقيقية كما هي دون تلونات ومراوغات وتزييف كحزب تقليدي ملتزم بطريقته الخاصة, إنما التطرف الحقيقي في الروح الإنتهازية لقيادات الجناح السياسي-التجاري ألذي مارس سياسة إحراق المراحل لمصالح شخصية آنية للقيادات, وتبني قضايا مسلوقة للوصول إلى السلطة بأي ثمن دون مراجعة نقدية فكرية طويلة وتهيئة القواعد التي عبأووها بالأفكار المنحرفة الشاذة عن الدين السوي وشحنوها بثقافة وعقيدة الغل والحقد والضغينة للآخر بدلاً عن الدعوة إلى الله بالتي هي أحسن طوال عقود بما فيهم قاتل جار الله عمر ألذي يصعب نزع فتيل الإنفجار المخيف ألمزروع في دماغه وأمثاله.
*خدعة تبادل الأدوار*
وفي لحظة نهم لإشباع تطلعات جناح المتاجرين بالدين للدنيا يعلنون دون مقدمات مغفرتهم لأنفسهم وإعلان تقاربهم السياسي مع أحزاب الكفرة والملحدين والعلمانيين.
ومن حملة العداء التاريخية داخل أقبية التنظيم على الغرب الصليبي إلى حملة عناق محمومة وتخازين مشتركة بين القيادات والسفير الأمريكي والمسؤولة السياسية (أنجيلا ديكي, والثقافي آدم أيرلي) وتبادل زيارات فاجأت المنفتحين قبل المتطرفين والعقلاء قبل المجانين.
فرض جناح ياسين عبدالعزيز ويده اليمنى داخل التنظيم محمد اليدومي وتابعهما عبدالوهاب الآنسي وأحمد القميري وغيرهم ألقرارات السياسية العملية على قواعدهم بالقوة وتركوا لهم النقاش في العموميات مثل ترشح المرأة وولايتها العامة والخاصة وعضويتها في مجلس الشورى وغيرها ليقال عن سعة فضاء الحريات داخل التنظيم.
وتفرعنت القيادة على قواعدها عندما ارتبط الأمر بإقرار قضايا مصيرية في علاقات وتحالفات التنظيم مع الداخل والخارج باعتبار البيعة العمياء للقيادة مطلقة وهي أدرى بالمصلحة حتى مع من صوروهم لقواعدهم لعقود كأعداء تاريخيين للدين والعقيدة في الداخل وقضايا الإسلام والمسلمين في الخارج.
ليس أكثر من تبادل الأدوار بين طيزين في سروال داخل تنظيم إخوان اليمن يتعايشون فيما بينهم كقيادات أجنحة وتيارات ويكتفون بالملاسنات لامتصاص نقمة الآخرين في تواطؤهم المشترك على عدم التناهي عن أفعال وجرائم المنكر والبغي.
وإذا نصحت لهم كما فعل كاتب هذه السطور مع اليدومي أخذوا عنك فقط ما يحقق لقياداتهم وتنظيمهم مصلحة نرجسية خاصة فقط وتركوا لأهوائهم التفريط والتمادي في ما يرتبط بحق الله والناس الآخرين والوطن, ولا يغيروا ما بأنفسهم أو يتغيروا ولو انطبقت السماوات على الأرض.
وكما قال عبدالله صعتر عضو الهيئة العليا لحزب الإصلاح في لقاء للتلفزيون الحكومي سبتمبر 2017م أثناء الحرب المدمرة في اليمن: "سكان اليمن كم؟ 25 مليون. يموت 24 مليون ويعيش مليون أحراراً (!!)"
لا يحدث مثل هذا بمنطق أسوأ الديانات الأرضية ولا في نظرية مالتوس أو تصفيات الهندوس ألعنصرية فكيف بمن يزعم إعلاء راية الإسلام والمسلمين.
من صفحته على الفيس بوك |