صنعاء نيوز/ الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي -
أدى وقف إطلاق النار الذي توسله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد الضربات الايرانية الموجعة للكيان الصهيوني, ثم الضربة المفاجئة والمؤلمة لقاعة العديد في قطر, حيث أدركت جبهة نتنياهو وترامب ان استمرار الحرب ليس في صالحها, مما دفع القوى الكبرى لبذل جهود سياسية كبيرة لايقاف الحرب, لكن اشترطت ايران ان تكون الضربة الاخيرة لها, فكانت الساعات الاخيرة مدمرة لتل ابيب وحيفا وبئر السبع, ثم تم الإعلان عن اتفاق شفوي على وقف الحرب, لكن الهدنة بدأت تظهر عليها بعض التصدعات, نتيجة السلوك غير السوي لترامب و نتنياهو, وتصريحاتهم الإعلامية غير المتزنة, مما دفع الجمهورية الاسلامية الايرانية للتشدد بالرد الاعلامي.
كان الكيان الصهيوني والادارة الامريكية معتمدين على الهجمة الخاطفة التي تحقق لهم النصر, فكانت تلك الهجمة على المواقع الايرانية الحساسة مع اغتيال بعض العلماء الايرانيين, وكان ضمن المخطط اغتيال القيادة السياسية في إيران في تلك الهجمة, لكن لطف الله حفظ الأخيار من مكر الاشرار.
وبعدها تفاجأ العالم بالرد الايراني الذي تنوع مع الأيام عبر مختلف انواع الصواريخ لتشهد مدن الكيان دمار كبير لم تشهده منذ قيام الكيان السرطاني في أرض فلسطين.
· الغرب والقلق الاقتصادي
قد يؤدي أي صراع جديد في منطقة الخليج إلى تعطيل إمدادات الطاقة الحيوية التي تمر عبر الخليج الى اوروبا واسيا، و زيادة زعزعة استقرار الدول المجاورة مثل لبنان وسوريا والاردن والعراق، وقد يشمل الزلزال السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات, واليمن ليس بعيد عن دائرة الحدث.
ان نفط الخليج له أهمية كبيرة لأوروبا، ويعود ذلك لعدة أسباب رئيسية، منها: أنه مصدر رئيسي للنفط, حيث تعتبر منطقة الخليج خاصة الدول مثل السعودية، الإمارات، الكويت، قطر وإيران، من أكبر منتجي النفط في العالم والذي يُصدر إلى أوروبا، مما يجعلها مصدرًا مهمًا لضغط الطاقة الأوروبي... وثانيا نفط الخليج مهم في تحقيق التوازن في السوق العالمية, حيث إنتاج النفط في الخليج يساهم في تنظيم أسعار النفط العالمية، وبالتالي يؤثر على تكاليف الطاقة في أوروبا، سواء على مستوى المستهلكين أو الصناعات... ثالثا ان اوربا تعتمد على علاقات استراتيجية طويلة الأمد مع دول الخليج سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي، لضمان أمن إمدادات النفط وتنويع مصادر الطاقة... رابعا: ضمان التحكم في أسعار النفط, في السيطرة والاستقرار لانتاج وتصدير نفط الخليج, فهو مهم جدا في السيطرة على أسعار النفط العالمي, وهو ما تريده أوروبا.
عندما نقرا الواقع بشيء من العمق فاننا نجد انفسنا امام دلائل على احتمال عودة الحرب بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والكيان الصهيوني.. وقريبا.. وهي:-
· البنية التحتية النووية الإيرانية
استهدفت الغارات الجوية الصهيونية والغارات الأمريكية البنية التحتية النووية الايرانية خلال 12 يوم, لقد سعى الصهاينة والامريكان نحو تدمير مخابئ مواقع التخصيب الإيرانية، ولكن على الرغم من الأضرار التي تحدث عنها ترامب ونتنياهو عبر الاعلام, في محاولة لزرع وهم النصر في عقول انصارهم, الا ان الواقع يشير وحسب تقييم لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية إلى أن الهجمات لم تؤدِ إلا إلى تأخير التقدم النووي الإيراني لأشهر قليلة فقط!
ولم تدمر, حيث لا تزال أجهزة الطرد المركزي تحت الأرض والبنية التحتية الرئيسية قيد التشغيل. في غضون ذلك، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخرًا أن إيران زادت من تقييد وصول المفتشين وزادت مخزونات اليورانيوم بما يتجاوز الحدود المتفق عليها، مما أثار قلقًا دوليًا.
بالنسبة للكيان الصهيوني قد يتطلب التهديد النووي المستمر وتراجع تعاون إيران مع الوكالة, الى المزيد من الضربات الجوية، مما يزيد من احتمالية اندلاع جولة أخرى من الصراع إذا تسارعت وتيرة التخصيب.
لذلك على الجمهورية الاسلامية الايرانية ان تكون متهيئة لمثل هذا الخيار, مع أهمية شراء منظومة دفاع جوي من الصين بأسرع وقت.
· تصعيد العمليات السرية
أعلنت إيران عن اعتقال أكثر من 700 شخص بتهمة التعاون مع المخابرات الكيان الصهيوني, وتفكيك ما وصفته السلطات بشبكة تجسس رئيسية مرتبطة بالموساد, وتأتي هذه الاعتقالات في أعقاب تصاعد الهجمات السرية التي تُحمّل الكيان الصهيوني مسؤوليتها، بما في ذلك هجمات بطائرات مسيرة، وتفجير سيارات مفخخة، واغتيالات لشخصيات بارزة في الجيش والبرنامج النووي الإيراني.
وقد أعدمت طهران بالفعل عددًا من الجواسيس الذين ثبت تورطهم، وتوعدت طهران برد قاسٍ لاي اعتداء محتمل, وقد أدى نطاق هذه العمليات وكثافتها إلى زيادة التوترات.
اي أنها حرب سرية غير معلنة ضد أذرع الكيان الصهيوني وعملائه على الأرض, ان القبض على الجواسيس له أهمية كبيرة في حماية الأمن الوطني, مما يعني خسارة الصهاينة لبنك المعلومات الحساسة والسرية, ونفاذ قدرات الموساد على القيام باعمال تخريب او اغتيال, وحماية الأسرار الصناعية والتكنولوجية الايرانية,
لذلك هي جولة من الحرب وقد حققت ايران فيها انتصار كبير, ويجب ان تتقدم خطوات أكبر نحو جيش الكيان السري داخل إيران من جواسيس وعملاء.
· تهديدات متبادلة
بعد توقف الحرب هدد نتنياهو بحملة عسكرية جديدة, معتبرا انه حقق نصر, مع ان ترامب تدخل في الساعات الأخيرة للحفاظ على الكيان الصهيوني من الزوال, فيبدو ان الرعب يسيطر على النتنياهو خوفا من النووي الايراني, وما يمثله من تهديد وجودي للكيان الغاصب.
بالمقابل أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن النتيجة "نصرٌ عظيم"، وقال إن إيران "ستواصل صمودها في وجه العدوان الصهيوني", والدليل على النصر ان من يشترط الضربة الاخيرة هو المنتصر, وكانت الضربة الاخيرة لايران, وكانت مميتة والتي حصلت في بئر السبع, والدليل الاخر تدخل أمريكا بعد تيقنها من هزيمة الكيان الصهيوني, خصوصا ان صواريخ ايران اصبحت تضرب بعنف وبدقة عالية وتصل إلى اهدافها.
هذا الخطاب المتجذر من كلا الجانبين لا يترك مجالًا كبيرًا لتهدئة الوضع، ويزيد من خطر تجدد الصراع.
· اخيرا:
قد لا يُمثّل وقف إطلاق النار سوى هدنة مؤقتة, فمع تأكيد إيران أن برنامجها النووي لا يزال قائمًا، وهو حق كفلته القوانين, خصوصا مع وجود عدو يمتلك القوة النووية, وكذلك مع احتمالية وجود عمليات صهيونية سرية داخل إيران، ووجود قادة وطنيين في ايران لا يهابون الموت عشاق للشهادة, ومتشددين صهاينة يرغبون بحرق المنطقة، يبقى خطر تجدد الحرب قائمًا.
|