صنعاء نيوز/ حسين نعمة الكرعاوي -
تشهد منطقة غرب آسيا واحدة من أكثر المراحل حساسيةً وتعقيدًا في تاريخها الحديث، في ملفات عدة في مقدمتها التفاوض الأميركي–الإيراني الذي يعود إلى الواجهة مجددًا، لكنّه لا يبدو أكثر من محاولة يائسة لإعادة ضبط التوترات بما يخدم المصالح الأميركية والإسرائيلية، دون مراعاة حقيقية لحقوق شعوب المنطقة وسيادتها، هذه المحادثات لا تُعقد في فراغ، بل تتزامن مع تصعيدٍ همجي من قبل الكيان الصهيوني، الذي يمعن في ارتكاب المجازر اليومية بحق أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، ويمارس أبشع أنواع الإبادة والتطهير العرقي.
في سوريا، تستمر الاستباحة الممنهجة للأرض والقرار السيادي، في ظل صمت دولي مريب وتورط جماعات إجرامية – مدعومة من الخارج – في بيع البلاد ونهب مقدّراتها، فيما تُفتح الأجواء للصهاينة كي يقصفوا كيفما شاؤوا بلا ردع، أما في لبنان، فلا تزال الخروقات الجوية واستهداف المدنيين مستمرة، في محاولة مكشوفة لجر حزب الله إلى حرب استنزاف جديدة، ومع ذلك، يثبت الحزب في كل مرة أنه الرقم الأصعب، وأن الصمت أحيانًا ليس ضعفًا بل انضباطٌ استراتيجي ينتظر اللحظة المناسبة للرد.
هذه التطورات الإقليمية لا تنعكس على العراق إلا بمزيدٍ من الضغط والتحديات، في الوقت الذي تُستهدف فيه المقاومة الإسلامية من قِبل أجندات مشبوهة تطالب بنزع سلاحها، نشهد حملةً إعلامية منظمة ضد الحشد الشعبي والترويج لمزاعم مشبوهة حول دمجه او حله، لا لشيء سوى لأنه حجر عثرة في طريق التطبيع والانبطاح، ولأنه صمام أمان البلاد والحامي للعباد، هذه المحاولات تتزامن مع إبقاء العراق في دائرة العزلة، خصوصًا بعد أن رفض الانجرار وراء قطار التطبيع الخليجي–الصهيوني، وتمسكه بموقفه التاريخي.
المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، التي لطالما كانت البوصلة الأخلاقية والسياسية لهذا البلد، ما زالت على عهدها في الدفاع عن السيادة والكرامة، واخرها ما انطلق من رسائل وتحذيرات على لسان ممثلها الشيخ عبدالمهدي الكربلائي، فيما يقف الحشد الشعبي والمقاومة الإسلامية بمختلف فصائلها سدًا منيعًا بوجه مشاريع تمزيق العراق وجرّه إلى مستنقع الفوضى، لقد تحطمت أحلام نتنياهو وترامب على صخرة النجف الأشرف وكربلاء المقدسة، حين اعتقدوا أن العراق سيكون الحلقة الأضعف، لكنه كان الأقوى رغم كل الجراح، وأربعينية الإمام الحسين (ع) ستكون الصوت والصدى الأكبر لبيان ثباته.
إن ما نواجهه اليوم ليس مجرد تحدٍ سياسي أو أمني، بل معركة وجود ومصير، وأن الالتفاف حول المقاومة وتحصين جبهتنا الداخلية هو واجب وطني وأخلاقي، يجب تطوير ملف التسليح، وتعزيز القدرات، ومسك الحدود بقبضة من نار، بما يضمن الحماية والدفاع والاستعداد لأي طارئ، لأن المطامع الصهيوأميركية لا تفهم إلا لغة القوة.
لقد أثبتت تجارب حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، وحماس والجهاد في فلسطين، أن العدو لا يتراجع إلا إذا خسر ميدانيًا، وأنه لا يحترم إلا من يقف له ندًا، لذا فأن علينا أن ننتبه إلى حملات التشويه التي تُشن على الحشد والمقاومة عبر مواقع التواصل، فهي ليست عبثية، بل جزء من مشروع مدروس يهدف لتفكيك الداخل وإسقاط العراق من داخله، ليكون بلدًا هشًّا بلا درع ولا سند.
|