صنعاء نيوز - في عام 1965، ظهر لي كوان يو على شاشة التلفاز باكيًا، بعد قرار ماليزيا فصل سنغافورة عن الاتحاد الماليزي. لم يكن بكاؤه بسبب قرار الانفصال

الإثنين, 04-أغسطس-2025
صنعاء نيوز/ الدكتور عبد الوهاب الروحاني -


في عام 1965، ظهر لي كوان يو على شاشة التلفاز باكيًا، بعد قرار ماليزيا فصل سنغافورة عن الاتحاد الماليزي. لم يكن بكاؤه بسبب قرار الانفصال، وإنما كان على الوضع المأساوي الذي كانت تعيشه الجزيرة:
• موارد شبه منعدمة وفقر مدقع
• فساد مالي وإداري مستشرٍ في كل الارجاء
• انفلات أمني واسع، وانتشار لجرائم القتل والسرقة، حتى أصبحت سنغافورة حينها من أخطر الأماكن ووجهات السفر في العالم.

يُعد "لي كوان يو" الأب الروحي لنهضة سنغافورة الحديثة؛ فقد قفز ببلده من مصاف الدول المتخلفة، التي يعاني شعبها من الفقر والجهل، إلى مصاف دول العالم الأول. فقد راهن في مشروعه على ثلاث ركائز:
• التعليم
• الديمقراطية
• ومحاربة الفساد

ثم أبعد الدولة عن ثلاث قضايا خلافية: الدين، والمعتقد، واللغة. فحرية الاعتقاد والتدين كفلها الدستور لجميع المواطنين (بوذيين وهندوس، ومسلمين، ومسيحيين)، ضمن إطار الحرية الشخصية. أما اللغة، فقد اختار الإنجليزية لغة رسمية للبلاد، لتجنب الخلافات اللغوية التي قد تشتت تركيز السنغافوريين عن مشروع البناء الوطني، مع بقاء اللغات الملايوية، والمندرينية، والتاميلية، والصينية، والآسيوية المحلية لغات متداولة بين أبناء المجتمع المتعدد الأعراق والثقافات.

راهن لي كوان يو على الثروة البشرية في بناء سنغافورة الحديثة، فنهض بالمعلم أولًا، ورفع من مكانته ودوره في المجتمع، واهتم بالتدريب والتأهيل، ومنح الكفاءات الوطنية وأصحاب التخصصات العليا أولوية في شغل الوظائف العامة، وكان في سباق دائم مع الزمن.

من الثالث الى الاول:
ثلاثة عقود متتالية من رئاسته للوزراء كانت كافية لينهض بسنغافورة، ويجعلها في مصاف أغنى دول العالم؛ فقد أصبحت رابع أهم مركز مالي عالميًا، ومن أعلى الدول في معدلات دخل الفرد، ومن أدناها في معدلات البطالة، كما احتلت موقعًا متقدمًا كمركز مالي وتكنولوجي أول في المنطقة، وأصبحت من أكثر دول العالم مكافحةً للفساد والتزامًا بالأنظمة والقوانين.

جعل لي كوان من سنغافورة مدينة نموذجية، وأيقونة ثقافية وفنية مبهرة بخدماتها، وتعايش سكانها، ونظافة شوارعها، وتنوع وهندسة معمارها، وحدائقها الخلابة. وقد تلونت الحياة فيها بلون سواعد أبنائها، حتى أصبحت المدينة الوحيدة في العالم التي تعاقب بالغرامة أو السجن على البصق، أو مضغ العلكة، أو رمي أعقاب السجائر والأوراق في الشوارع.

خلال 31 عامًا من قيادته لحكومة بلده (1959–1990)، استطاع لي كوان يو أن يرتقي بسنغافورة سياسيًا واجتماعيًا، وينهض بها اقتصاديًا وصناعيًا، حتى أصبحت من أكثر دول العالم تطورًا وازدهارًا. وقد غدا لي كوان، مهندس النهضة السنغافورية، من أبرز رجالات الدولة في العصر الحديث.

السؤال هل لنا في المجتمع العربي ان نحلم ب "لي كوان" عربي ينهض بمجتمعه ووطنه؟!
نعم بالتأكيد؛ ولكن بعد ان تتحلل قياداتنا ونخبنا من الجهالة والفساد.. والى ذلكم الحين استودعكم الله ؟!
د. عبدالوهاب الروحاني
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 04-أغسطس-2025 الساعة: 10:36 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://sanaanews.net/news-104119.htm