صنعاء نيوز - 
جسَّد الترحيب والاستقبال الواسع لاتفاق غزة على مختلف الأصعدة، ولا سيما من قبل الدول العربية والإسلامية والفلسطينيين وإسرائيل، حقيقة بالغة الأهمية؛ وهي أن الشعوب ترفض بطبعها الحروب

الإثنين, 20-أكتوبر-2025
صنعاء نيوز/ -


نظام مير محمدي
كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني

جسَّد الترحيب والاستقبال الواسع لاتفاق غزة على مختلف الأصعدة، ولا سيما من قبل الدول العربية والإسلامية والفلسطينيين وإسرائيل، حقيقة بالغة الأهمية؛ وهي أن الشعوب ترفض بطبعها الحروب والمواجهات الدموية التي تنجم عنها المآسي، بل وتسعى إلى السلام والأمن والتعايش. هذا الترحيب الحار يضع حداً فاصلاً بين تطلعات الشعوب وبين الموقف السلبي والمشبوه للنظام الحاكم في طهران، والذي أثبت مرة أخرى أنه يسير في طريق مناقض تماماً للمسار العام الذي تسلكه دول وشعوب المنطقة.
إنَّ تصوّر بقاء طهران مكتوفة الأيدي دون بذل جهود عكسية لتقويض هذا الاتفاق وإفشاله، هو تصوّر غير واقعي، ذلك أن استتباب السلام والأمن في المنطقة يؤثر سلباً وبصورة قهرية على النظام القائم في طهران، الذي تُعدّ إحدى ركائزه الأساسية هي التمدد الإقليمي وإثارة الحروب والأزمات. هذا التأثير لا يتوقف عند حد الركيزة الخارجية، بل يمتد ليؤثر على النظام ذاته ويُحدِث فيه اختلالاً قد يؤدي إلى عوامل تُسقط النظام في نهاية المطاف، خاصة مع وجود احتقان شعبي واسع ومعارضة وطنية فاعلة ممثلة بمنظمة مجاهدي خلق. ولذا، لن يبقى النظام مكتوف الأيدي وسيعمل بكل ما في وسعه للحيلولة دون ذلك.

أول وآخر جبهات النظام: الاستراتيجية القمعية
في مواجهة تراجع نفوذه الإقليمي وتضييق الخناق عليه، لجأ النظام الإيراني إلى الاستراتيجية الوحيدة التي يتقنها لضمان بقائه: التصعيد القمعي الداخلي واعتماد الإعدامات.
إذا كانت معظم الأنظمة الدكتاتورية تعتمد على الممارسات القمعية، فإن أي نظام دكتاتوري في العصر الحديث لم يصل إلى مستوى النظام الإيراني من حيث تعويله على الإعدامات؛ فهو يحتل المرکز الثاني عالمياً بعد الصين في تنفيذ أحكام الإعدام. غير أنه إذا قورنت هذه الإعدامات بعدد السكان، تكون الأرجحية لإيران.
كانت الممارسات القمعية عموماً، والإعدامات خصوصاً، أول جبهة حارب فيها النظام معارضيه منذ الأيام الأولى لتأسيسه. ولا خلاف على أن منظمة مجاهدي خلق كان لها حصة متميزة في هذه الإعدامات، ولا سيما الإعدام الجماعي للآلاف من أعضائها في صيف عام 1988. ورغم صدور أكثر من سبعين قرار إدانة دولية بحقه في مجال انتهاكات حقوق الإنسان والمطالبات المستمرة بوقف الإعدام، ظل النظام غير مكترث لذلك.
إن لجوء النظام إلى فتح جبهة الإعدام لم يكن أمراً طارئاً، بل قراراً مبنياً على استراتيجية قهرية، وقد أدرك أنه سيلاقي نفس مصير سلفه (نظام الشاه) إن لم يبادر إلى إجراءات حازمة. ولذلك كثَّف ممارساته القمعية بل ونفّذ الإعدامات أمام الملأ، مما أعطى انطباعاً بأنه سيتجاوز كل الخطوط الحمراء لضمان بقائه.

تحوّل ساحة المعركة وضرورة المواجهة
إن جبهة الإعدامات التي أضفى عليها النظام طابعاً مقدساً بإقرار قانون "المحاربة"، يقوم بتسخينها كلما تطلبت أوضاعه ذلك. والملاحظ حالياً، وبعد التطورات العاصفة الأخيرة التي جعلته يتراجع ويتقوقع على ذاته بعد أن أصبحت "وحدة الساحات" و"مواجهة الأعداء خارج الحدود" مواضيع من الماضي، ازدادت مخاوفه أكثر من أي وقت مضى؛ وصارت الأعين مركزة على ساحته الداخلية.
لذلك، فإن قيام النظام بتسخين جبهة الإعدامات والتركيز عليها بصورة لافتة للنظر، وبحسب كل المؤشرات، يبدو كـآخر ما في جعبته لمواجهة مرحلة ليست مرحلة الضعف، بل مرحلة الترنح الذي يسبق سقوطه.

خياران لا ثالث لهما أمام المنطقة والعالم
الأوضاع الحالية في المنطقة أصبحت في غير صالح النظام الإيراني، ولكنه لن يتقبل ذلك وسيسعى لجعله لصالحه، وسواء نجح أم فشل، سيبقى بمثابة عامل إثارة للفوضى والمشاكل.
لذلك، هناك خياران لا ثالث لهما أمام المنطقة والعالم:
الخيار الأول: ترك الحال على ما هو عليه؛ وهذا يعني أن يعود النظام الإيراني بطرق مختلفة للتأثير السلبي على الأوضاع وتقويض السلام والأمن.
الخيار الثاني: يكمن في العمل من أجل التصدي لهذا النظام ومواجهته بالطريقة الأكثر تأثيراً وفعالية عليه، وذلك من خلال دعم وتأييد النضال المشروع للشعب الإيراني من أجل الحرية والتغيير.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 20-أكتوبر-2025 الساعة: 03:19 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://sanaanews.net/news-105206.htm