صنعاء نيوز/ القصر الكبير : مصطفى منيغ -
الحنين تشخيص مُعادٌ (كل وقت) لحقيقة ثابتة تُطارد مؤلفها الغير قادر على تغيير ولو لمحة بَصَرٍ من شريطها الطويل أو القصير حسبَ حجم الحدث المُعاش في حينه يَظْهَر فيه صعلوكاً مترنِّحاً فاقداً توازنه بما تجرَّع من كحول أو رائدَ ثورةٍ مِن صِفْرِ استعدادها لبلوغها الذروَة ، الحنين استفسار ضروري لتوضيح الغامض لحظة تريُّث المُقدِم على فعلٍ تَذَكَّر وقوعه مِن قبل فسبَّب له عذاب الضمير ووصف عقله بالغباوة ، الحنين استعمال لطيف لتأخير التطبيق للإطلاع المباشر (على صُورِ الأمس حينما تعرَّف المَعْنِي بطَرْقِ عالمه الخيالي العاكس مجريات ظلت على حالها متحركة ناطقة في صمتها بالنسبة للآخرين) على مَن يتعاقد معهم اليوم لشراكة تقتضي تبادل الثقة قبل اقتسام رأس المال ما دامت في المعاملات التجارية الكبرى لا مكان للصداقة أو الأخوّة ، الحنين انتقال لتجوال تلقائي مباشر مع أفعال مترجمة حرفيا لحركات ناطقة غير خارجة عن السياق المحدث لها لتلتصق مع فضاء التخيُّل الصادق التعبير عن دقة ما حصل زمنا ومكانا من طرف الباحث عن فتوى ، تجيز له ما ارتكب أو تصدمه بخروجه عن النص قانوناً وعُرفاً فيكره تلك اللحظات المنزوعة من تعقُّل غاب في قِصَرِ مُدَّة ليترتَّب الخطأ عن ضعف إرادة ومحدودية نظر امتثالاً لرغبةٍ عارضة مغرياتها الرَّخْوَة. ... وجدت مدينة القصر الكبير عدة مرات نفسها بلا معينٍ يُخرِجها من أزمات لم تكن في البدء طبيعية ، فكان المفروض تحمُّل ما يضايقها أو يؤخر (في أحسن الأحوال) تقدمها نحو ما تطمح اليه من عيش كريم ، قبل الاحتلال الاسباني غاب عنها ما يُخرجها من ضائقة الجمود ، المهيمن كان على محاورها السكنية ، الهائمة وسط فراغ نقلَها من نواة حضارة ضاربة في القِدم ، لها مع مدينة "لكسوس" ألف حكايةِ تنافسٍ مثمر ، تتخلله سعة عيش وتمتُّع بحرية ظلت مسؤولة ، تبني قواعد إنسانية الإنسان ، في تناغم بين ثقافات الفنيفيين والرومان ، وما أفرزته مراحل الانسجام من فهم أكثر لمتطلبات الحياة في سلام ، ليتبخر الكل ولا يبقى من شعلة الحيوية سوى رماد تطايره بين عصر وآخر رياح النسيان ، والخلاصة صِفْر جَذَبَ القصر الكبير لداخل دائرته لعلها تنتهي رويدا رويدا لأطلال تُعانق "ّشميس" و"تمودة" و"وليلي" ، لكنها حفرت بعبقريتها جدار الدائرة تلك ، لتنسلَّ ناشدة البقاء متحدية ضراوة الوافدين المعتمدين عما غنموه بشتى الوسائل ، أكثر أهمِّيتها كأقلِّها تمَّت بالغدر والضرب وراء الظهر ، فانتصرت لتصمد قائمة الذات مرمِّمة ما خرَّبه الدهر ، وشتتت اركانه زوابع الطامعين المُلوَّنين بصبغة جهاتٍ ألفت الإغارة لاكتساب المغانم والشهرة.
... ومع مرحلة ابتدأت دون تحديد تاريخ مُدقَّقٍ لعراقتها الغابرة لتستمر نقية السمات مميّزو المرامي والأهداف مشرقة التأثير الطيب الحَسن من خلال ما تأس في هذا المضمار من معالم التقوى خلال القرون الثلاث من 17 الي 19 ، الي مرحلة أخرى استرسلت من 1911 إلى سنة 1956 من القرن الماضي ، وجدت القصر الكبير مَن أخرجَها لتغتسل بنور الإيمان ، وتشمِّر على سواعد الاجتهاد الأمثل ، وتلبس ما تنسجه الطاعة الأبدية للرحيم القادر على تغيير المكان ، لزمن أفضل مما كان ، وجدت الإسلام هداية من رب الأكوان ، لتذوب في تنفيذ تعاليمه المفعمة بما هو أقوم ، للتمتع بحياة أسلم ، مصممة على المرور بالفانية نظيفة من إغراءات الشيطان ، إلى مقام السعادة الروحية لكل إنسان ، شرب من نبع الإيمان ، الصافي وتزوَّد من المكتوب له بالحلال المزين برضي الرحمان ، فعُرفت بمدينة الاولياء الصالحين الذين كونوا من التلاميذ ما استطاعوا إتباع السير بالمهمة الإيمانية إلى أن أعطت القصر الكبير مكانة الريادة في هذا الموضوع الذي ما بعده خير و زادها توقيرا وهيبة على مر السنين ، فتكاثرت الزوايا الموزعة بين شطري القصر الكبير الموحدين " باب الوادي" و"الشريعة" ، منها الأقدم زاوية "القنطريين" الكائنة في حي " المرس" وزوايا أُخَر ّ "البدوية" و"الدرقاوية" و "الكتانية" و"التيجانية".
مصطفى منيغ
سفير السلام العالمي
مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في سيدني – أستراليا
[email protected]
212770222634