صنعاء نيوز/ -

"بيليم" والأمن الإنساني: بيان الشبكة العربية للأمن الإنساني بمناسبة انعقاد مؤتمر COP30 في البرازيل

في العاشر من نوفمبر 2025، تنطلق أعمال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ (COP30) في مدينة بيليم البرازيلية، قلب الأمازون النابض، حيث تتقاطع رمزية الطبيعة مع نُذر الانهيار البيئي. بعد عقدٍ على اتفاق باريس، وفي ظل تصاعد الكوارث المناخية وتراجع الالتزامات الدولية، نرى في الشبكة العربية للأمن الإنساني أن هذه اللحظة ليست بيئية فحسب، بل أخلاقية وإنسانية بامتياز.

الأمن الإنساني اليوم ليس نظرية في التقارير، بل وجوهٌ حقيقية:
أمٌ تبحث عن ماء نقي لطفلها، مزارعٌ فقد موسمه بسبب الجفاف، وأسرةٌ شُرّدت من بيتها بعد إعصارٍ لم يكن في الحسبان. إن تغيّر المناخ يهدد الحق في الحياة، والغذاء، والمأوى، والصحة، والكرامة. وتحقيق السلام المستدام لا يمكن فصله عن العدالة المناخية، ولا عن أهداف التنمية المستدامة، ولا عن نزع السلاح — لا سيما النووي والشامل — الذي يستهلك الموارد، ويقوّض الثقة الدولية، ويهدد مستقبل البشرية.

وندعو من بيليم إلى ربط قضايا المناخ بقضايا السلام ووقف الحروب.
فلا عدالة مناخية دون وقف النزاعات، ولا أمن إنساني دون الحد من التسلح، ولا تنمية مستدامة دون سلام عادل وشامل. إننا نطالب الدول الكبرى بالوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية لنزع السلاح، وتوجيه الموارد نحو حماية الحياة لا تهديدها.

مؤتمر بيليم ليس مجرد لقاء دبلوماسي، بل لحظة اختبار أخلاقي.
ورغم التقدم الجزئي، لا تزال الانبعاثات ترتفع، والغابات تُجتث، والعدالة المناخية تُؤجل. آن الأوان أن نطالب، لا فقط نأمل. أن نفضح، لا فقط نحلل. أن نكتب، لا فقط نرصد.

نقولها بوضوح:

• لا لانسحاب الدول الكبرى من التزاماتها المناخية.
• لا لتخريب آليات التعاون الدولي باسم السيادة أو الربح.
• لا لصمت النخب أمام لوبيات الوقود الأحفوري.
• لا لاستمرار سباقات التسلح التي تستهلك الموارد وتغذي النزاعات.


ونقولها أيضًا:

• نعم لدعم قيادة البرازيل في جعل بيليم لحظة التزام عالمي حقيقي.
• نعم لانتقال عادل وشامل للطاقة، لا يُقصي الجنوب ولا يُثري الشمال وحده.
• نعم لتجديد تعهدات تمويل المناخ، وتحويلها من وعود إلى أفعال.
• نعم لإدماج نزع السلاح في أجندة المناخ والتنمية، باعتباره شرطًا للسلام والأمن الإنساني.
• نعم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة كإطار جامع للعدالة البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
• نعم للوفاء بالوعود والمقررات السابقة بدعم الدول النامية في تنفيذ اتفاقيات المناخ، بما يشمل التمويل، ونقل التكنولوجيا، وبناء القدرات، دون تأخير أو تراجع.


ونؤكد أن آثار تغيّر المناخ لا تُوزّع بالتساوي، بل تضرب الأضعف أولًا:
النساء في المناطق الريفية، الأطفال في مخيمات النزوح، الشعوب الأصلية التي تُجتث أراضيها، وذوي الإعاقة الذين يُقصَون من خطط الطوارئ. العدالة المناخية لا تكتمل دون إنصافهم.

كما نطالب بإنشاء آليات دولية شفافة لمساءلة الدول والشركات عن التزاماتها المناخية،
بما يشمل تقارير دورية، عقوبات على الانسحاب أو التعطيل، وتمكين المجتمع المدني من مراقبة التنفيذ.

وندعو إلى ضمان الحق في المعرفة البيئية، والوصول إلى المعلومات المناخية، والمشاركة في صنع القرار،
باعتبارها حقوقًا أساسية لا تنفصل عن الأمن الإنساني. نطالب بحماية المدافعين عن الأرض، وتوسيع منصات المشاركة الشعبية في السياسات المناخية.

إلى المثقفين والإعلاميين ومنظمات المجتمع المدني:
أنتم شهود هذا العصر، وذاكرته، ومحرّك ضميره. لا تتركوا الكلمة أسيرة الصالونات، ولا الصورة رهينة الترفيه، ولا الفعل محصورًا في التقارير. اجعلوا من بيليم منبرًا للوعي، ومساحة للتضامن، وجسرًا نحو الفعل. فالثقافة مقاومة، والإعلام مسؤولية، والمجتمع المدني ضمير حيّ.

بيليم ليست بعيدة. إنها في قصائدكم، في مقالاتكم، في تقاريركم، في حملاتكم، وفي قلوب من تؤمنون بحقهم في مستقبل آمن وكوكب حيّ.
إنها في كل طفلٍ يسأل: لماذا لم تحموا لي هذا الهواء؟ وفي كل عجوزٍ يقول: لم أعد أميّز الفصول.

إننا في الشبكة العربية للأمن الإنساني نطلق هذا البيان دعوةً مفتوحة للتضامن، والتوقيع، والتحرك.
وندعو المؤسسات الثقافية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني إلى تنظيم فعاليات تضامنية خلال أيام مؤتمر بيليم، ونشر البيان، وترجمته، وتقديمه إلى الوفود الرسمية العربية والدولية.
من أجل الإنسان، من أجل الأرض، من أجل السلام.

د غسان شحرور
الشبكة العربية للأمن الإنساني
بيليم، نوفمبر 2025

Sent from my iPhone