صنعاء نيوز/يوسف السعدي -
منذ أن ارتفعت الدعوة الصادقة "لا تضيعوها" كان النداء موجَّهًا إلى ضمير الوطن قبل عقول مواطنيه، نداء يحفظ الجسور التي بُنيت عبر التاريخ، جسور التعليم، والانفتاح، والصحة، والرفاه، وتعددية الصوت وحرية الكلمة، دعوة تحذر من التفريط بقيمٍ صيغت بعرق الأجيال، وعرّفت الإنسان بوطنه، ووطنه بمكانته.
لكن الأهم من النداء هو الاستجابة له، وهنا أثبت العراقيون أن الوعي لا يُشرى، وأن الشعوب الحيّة لا تضيع فرصها.
في انتخابات 2025، تجلّت "الاستجابة الشعبية" بصورة لم يعد يمكن تجاهلها، فعندما دخل المواطن إلى صندوق الاقتراع، لم يحمل ورقةً فحسب، بل حمل وصايا التاريخ، التعليم أساس، الصحة حق، الرفاه ضرورة، الانفتاح قوة، الحرية جوهر، والتعددية ضمانة وحدة، وحين خرج، جعل من صوته شهادة، ومن اختياره عهدًا جديدًا.
هذه الاستجابة ظهرت جلية في النتائج، 197 مقعدًا من أصل 329 ذهبت للمكوّن الشيعي، رقم ليس مجرد فوز انتخابي، بل برهان أنّ الشعب لم يضيع الفرصة، اختار من يظن أنّه قادر على حماية تلك الجسور التي لطالما نُودي بصيانتها، ومن يمكنه ترجمة "لا تضيعوها" من شعار إلى سياسات، ومن فكرة إلى مشروع وطني.
1. حين طلب الشعب بالحفاظ على التعليم، كان الشعب يبحث عمّن يضع المدرسة والمعلم في الصدارة فاستجاب.
2. حين نودي بضرورة صون الصحة وتحويل المستشفى إلى حق لا امتياز حمل العراقي مسؤولية الاختيار فاستجاب.
3. حين دعي لاقتصاد عادل يحفظ الرفاه ويكافح الفساد وجد الناس أن الحفاظ على أصواتهم هو أول جدار حماية فاستجابوا.
4. حين حذّر من الانغلاق ودعت إلى الانفتاح والتعددية منح الناخبون ثقتهم لمن رأوا فيه قدرة على بناء جسور لا جدران فاستجابوا.
الشعب لم يكن متلقّيًا للخطاب فقط، بل كان جزءًا من معناه، فهم الرسالة، قرأ بين سطورها، واعتبر أنّ التفريط ليس خيارًا. لذلك جاءت صناديق الاقتراع لتقول بوضوح: "لم نضيعها".
الآن، يصبح وزن الـ 197 مقعدًا مسؤولية لا امتيازًا، امتحانًا لصدق الوعود، وقدرة على تحويل الوصايا إلى أفعال، فالفوز ليس نهاية السباق، بل بدايته، وما دام الشعب قد حافظ على الفرصة ولم يهدرها، فالمطلوب من ممثليه أن يدافعوا عن تلك الجسور التي قامت عليها نهضة الأمم، التعليم، الصحة، الحرية، الاقتصاد، الانفتاح.
إنّ العراقيين أثبتوا أن الشعوب لا تُختبر حين يُعطى لها الصوت، بل حين تستخدمه، وقد استخدموه هذه المرة ليقولوا بصوت موحّد “استجبنا ولن نضيعها"
|