صنعاء نيوز/ -
من أجل استكمال الصورة، لا بد من التوقف أمام حقيقةٍ واضحة كالشمس: فالصراع الدائر في اليمن لم يكن وليد اللحظة، بل هو أداةٌ استخدمتها قوى متعددة لطمس ملامح الدولة وانتزاع استقلالية القرار اليمني السيادي.
لقد سعت أطراف بعينها إلى إشعال فتيل الحرب، ليس عبثًا، وإنما لتهيئة البلاد لتكون بلا دولة حقيقية، بما يفتح الباب واسعًا أمام الهيمنة الإقليمية والدولية على مناطق النفوذ ومصادر القوة فيها. فاليمن، بما يملكه من موقعٍ استراتيجي على مفترق بحرين ومحيط، ظلّ محطّ أنظار الطامعين، ضمن مشروعٍ أكبر لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد، حيث يُغرق عدد من بلدان المنطقة في صراعات داخلية معقدة تُفكّك جغرافيتها وتستنزف مواردها وتُضعف قرارها الوطني.
اليمن اليوم ليس بمعزل عمّا يدور في الإقليم من تحولات كبرى، إذ يُراد له أن يبقى خارج دائرة التأثير وصناعة القرار، وأن يظل رهينًا لإرادة الخارج الذي يتحكم بقراراته ويستثمر في عوامل قوّته الطبيعية والبشرية.
ولا يمكن تجاهل أن الذاكرة السياسية في المنطقة والعالم ما تزال تستحضر موقف اليمن التاريخي خلال حرب أكتوبر 1973م، عندما أغلق مضيق باب المندب دعمًا لمصر، وهو موقف كان له أثره البالغ في مسار تلك الحرب، ولم يغب عن ذاكرة إسرائيل حتى اليوم.
وفي السياق ذاته، كشفت صورٌ التقطتها الأقمار الصناعية، ونشرتها وكالات أنباء دولية، عن مؤشرات مقلقة لقيام قوى أجنبية بخطوات متقدمة لإنشاء قواعد عسكرية في جزر يمنية ذات أهمية استراتيجية بالغة، تشمل جزيرة عبدالكوري في أرخبيل سقطرى على المحيط الهندي، وجزيرتي ميون وزقر في البحر الأحمر، وهي ثلاث جزر تُعدّ من أهم مفاتيح السيطرة على خطوط الملاحة الدولية وممرات التجارة العالمية.
|