صنعاء نيوز - 
الحنين جولة في أسفارِ تاريخ مُسَطَّرٍ فوق أوراق ذاكرةٍ بغير حروف لأي لغة كانت  ، يَطرقُ محاسن مخلَّفاتها عقل رجلٍ لمباركة قرارات محمودة

الإثنين, 17-نوفمبر-2025
صنعاء نيوز/ القصر الكبير : مصطفى مُنِيغْ -



الحنين جولة في أسفارِ تاريخ مُسَطَّرٍ فوق أوراق ذاكرةٍ بغير حروف لأي لغة كانت ، يَطرقُ محاسن مخلَّفاتها عقل رجلٍ لمباركة قرارات محمودة اتَّخذها ذات توقيت ، إتباعاً لسنن حياةٍ تتطلَّب التعبير العملي عما يخطر على البال ويقضي ترجمته واقعاً عن مسؤولية يتحملها من تلك اللحظة / الحدث إلى يوم النشور ، فيتراءى له الناتج مدعاة للصواب الصائب ، والتفكير النقي لما تحقَّق مصاحب ، والافتخار المُغلَّف بنعمة السرور ، الباعث حماس شباب لاتباع نموذج إن تعمَّم فُرِضَ على الدولة مقياسا ، لخدمتها مصالح الشعب وليس طموحات قِلة ، رافضة اقتسام خيرات الوطن مكتفية بالهيمنة اللامشروعة على تسعين في المائة لنفسها ، وما بقى تَخُصُّ به صاحب الشأن في الأول والأخير الشعب لإسكاته بالقشور . الحنين يزحف اليه مَن يود امتحان ماضيه وإن كان محقاً في اخلاصه مناضلاً ، ذهب به عشقه لمدينةٍ علَّمته معنى الرجولة وقيمة التضحية من أجل تأييد مطالبها ، لتظل في شموخ َّ واقفة كحاضنة لمن فضلوا التمسك بالشرف ، وما نصح به السلف ، وصيانة العرض الغير قابل للتلف ، فكان مهما تقاذفته الأيام بين بعض دول المغرب العربي أو الشرق الأوسط أو اوربا أو أمريكا أو أستراليا ، حمل بين وجدانه ثلاثة ، الله جلَّ جلاله ، ولحدٍ ما تلك المدينة و المستحقة التقدير المرحومة زوجته كما تضمَّن ذلك كتابه المنشور .

... تقبَّلت مدينة القصر الكبير الأمر الواقع على مضض، مُعتبرة إياه مرحلة وستذهب لحال سبيلها عن رضاها أو كُرْههاً ، ما دام محصول الحاصل ، تكوين الذين في حاجة إلى تكوين من شباب المدينة ، مهما كان المجال القائمة عليه المصلحة العامة ، والتدريب العام لعموم العامة المباشر ، للتعاطي مع ثقافة تحترم توابث الغير ، وتزكِّي الوعي لدى هذا الغير ، بما يَحْدُث بعْدَ الضفَّة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط ، مِن انسجامٍ مع متطلبات العصر ، الفارض على نُظُمِ الحُكم الاهتمام الايجابي بحاجيات الشعوب ، وقيادَتِها للعيش كما يحلو لها ، تحت قوانين تنظيمية تعطي لفاقد الحق حقه ، في تلاحم مع طموحات جماعية ، تسعى لتوفير ما يساعد الأجيال المتلاحقة عبر الزمن ، عما يجعلها قادرة على الالتصاق بحب الوطن ، ما دام هذا الوطن متحمِّلاً عبر مؤسساته المختارة ديمقراطياً ، مسؤولية حمايتها والدفاع عن كرامتها وإنسانيتها ، مهما بلغت التحديات المعاندة مِن حدَّة . ولقد فطن المحتل الإسباني أثناء حكمه لشمال المغرب ، بذكاء القصريين وبكونهم ليسوا بالمادة الخام اللينة التي يسهل طيها تحت إرادته ، فعمد لوضعهم محل التعامل بندية ، أسفرت عن تأسيس توافق ساهم بالخروج والجميع شاعر بارتياح مبدئي بقرار ، أن مدينة القصر الكبير يجب أن تكون مانحة الدليل عن تعايش أنساني بين المحليين والمتقاطرين عليهم من مواطني اسبانيا أكانوا نساء كاشفات وجوههن أو رجالا مصاحبين عاداتهم . ولأول مرة يشهد الشارع المكوِّن لنواة المدينة ، مناظر شكَّلت تحوُّلاً متقدما لتعايش أنساني فاق كل التصورات ، بتجوُّل نساء إسبانيات مصبوغة بشرتهن بمزيج الأبيض مع الأرجواني ، لابسات ما يُعطي لجنسهن اللطيف أنوثة ترافقها الرِّقة ، وتظللها الأناقة ، وتتقدمها اللَّباقة ، ولا أحد يضايقهن لا من قريب أو بعيد ، ولم تمر فترة حتى تعوَّدت المدينة على سماع خبر عقد قران أحد القصريين باسبانية من الجزيرة الخضراء ، وتلك بداية لتعلق المحتل في اشخاصٍ منه ، في الذوبان ببيئة عثروا فيها على الهدوء الروحي والعيش معه ، طبيعة الحياة البعيدة عن صخب عُبَّاد المادة .

... مسألة العمود الفقري لكل تنمية فكرية ، بالنسبة للناشئة الممثَّل في التعليم ، تَحمَّلَ مسؤولية توفيره أهالي المدينة ، في تضامن وَفَّرَ ما يكفي لوضع لبناته الأولى بشقه العصري ، كمدرسة مختصَّة بتدريس المواد الدينية جنبا لدنب مع مواد أخرى ، كاللغة العربية والجغرافية والتاريخ ، ببرامج تلقِّن الأطفال ما يترعرعون معه وهم مدركون المعنى النبيل لحب الوطن ، والتفكير المتصاعد في تقوية آفاقه ، بما يجعله بين الأوطان طليعة الطليعة ، مُصان الجانب مسموع الكلمة مستقل في اتخاذ ما يناسبه من مواقف وقرارات ، وقبل تلك الخصال الحميدة من تربية محمودة ، التمكُّن من جعله دوماً مستقلاً غير خاضع لأية قيود أجنبية ، تنسيه ماضيه الحافل بالأمجاد النيِّرة ، فكانت المدرسة الأهلية الحسنيَّة الكائنة متصلة بالجامع الكبير ، في زقاق وحيد المنفذ مُحتَرَم ممَّن يلجه للزيارة ، كمعلمة تضفي لما وصل اليه القصريون من عناية لتعليم ابنائهم ما يؤهلهم مواكبة متطلبات المستقبل ، من عقول مشحونة بعلم نافع ، يدير ما يأتي به المستقبل مِن وسائل تحتاج مَن يحركها ، وينتج من ورائها مغانم الرقي والازدهار ، فكانت المدرسة المذكورة أول خطوة صوب افراز جيل عرفته مدينة القصر الكبير كواجهة عرفان ، ساد كل الميادين مستمرة في اشعاع مدخرات كنوزها المتحركة مع تعاقب الأعوام كعقولٍ لرجال ونساء ، محافظة على خصوصيات القصر الكبير وهويتها المميَّزة الدائمة الحضور ليوم النشور . والمدرسة تعني هؤلاء المدرسين الأجلاء ، الذين قبلوا للإشتغال بالقليل لينعموا بالكثير من حب الناس وتقديرهم ، وفي ذلك ثروة تفوق قيمتها قيمة المال مهما بلغ ، وعلى رأسهم الفقيه "المتْني" والفقيه "الهاشمي" والأستاذ عبد المالك السفياني الموظف آنذاك ببلدية القصر الكبير إبان الاحتلال الاسباني .

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي

مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في سيدني – أستراليا

[email protected]

212770222634


تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 17-نوفمبر-2025 الساعة: 08:29 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://sanaanews.net/news-105628.htm