صنعاء نيوز/عمر دغوغي -



بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية
[email protected]
https://web.facebook.com/dghoughiomar1

في السنوات الأخيرة، بدأ سؤال يتكرر كثيرًا في المجتمعات العربية
هل ما زال الزواج علاقة إنسانية وروحية، أم أصبح استثمارًا ماديًا تحكمه الأرقام أكثر من المشاعر؟
هذا السؤال لم يأتِ من فراغ، بل من واقع يعيشه الشباب يوميًا، حيث تحوّل الزواج عند البعض من مشروع أسري إلى مشروع اقتصادي تُحسب فيه التكاليف أكثر مما تُحسب القلوب
. تغير أولويات المجتمع
لم يعد الزواج يعتمد فقط على التوافق النفسي والأخلاقي، بل أصبح مرتبطًا بقدرة الشاب على توفير تفاصيل مالية دقيقة
مهر مرتفع
حفلات مكلفة
تجهيزات تتطلب ميزانيات كبيرة
شروط مادية مرهقة
توقعات اجتماعية مبالغ فيها
هذا الضغط جعل البعض ينظر للزواج كـ"مشروع" يحتاج إلى رأس مال ضخم، وليس كبناء أسرة متفاهمة
. الزواج بين القيمة والمعاملة التجارية
الخطير في الأمر هو تحول بعض مظاهر الزواج إلى معاملة تجارية لا تختلف كثيرًا عن أي صفقة
كم سيقدّم العريس؟
ماذا ستقوم العائلة بتجهيزه؟
من سيدفع أكثر؟
ماذا سيحصل أهل العروس؟
هذه النظرة تفقد الزواج روحه الأصلية: الاحترام، الرحمة، الشراكة، وبناء حياة مشتركة
وعندما يُعامل الزواج كصفقة يصبح الانفصال أيضًا سهلًا، لأن الروابط لم تُبْنَ على القيم، بل على الأرقام
هل المشكلة في المال أم في العقلية؟
المال ضروري لكن المشكلة ليست في طلب مقومات الحياة الكريمة
المشكلة في المبالغة ورفع المستوى أكثر من قدرة الشباب الحقيقية
العقلية المادية حولت الزواج من استقرار وبناء إلى
سباق اجتماعي
استعراض أمام الآخرين
محاولة إثبات مستوى معين
ضغط نفسي على الطرفين
والنتيجة؟
الكثير من الشباب يؤجلون الزواج أو يرفضونه، لأنهم لا يريدون دخول مشروع مكلف قد يسقطهم في الديون.
. سبب مهم: الخوف من المستقبل
في ظل البطالة، وغلاء المعيشة، وعدم الاستقرار الاقتصادي، أصبح الزواج قرارًا حساسًا
الشباب لم يعودوا يفكرون في الزواج كخطوة طبيعية، بل كالتزام مالي قد يدوم عقودًا
وهنا يظهر السؤال الحقيقي
هل المشكلة في الزواج؟ أم في الوضع الاقتصادي؟
الحقيقة أن الاثنين يسهمان في خلق هذا التصور المادي
. كيف نعيد للزواج قيمته الحقيقية؟
لا يمكن تغيير الواقع الاقتصادي بسهولة، لكن يمكن تغيير طريقة التفكير

تخفيف متطلبات الزواج
تشجيع البساطة بدل التباهي
التركيز على التوافق والاحترام
تعليم الأبناء أن قيمتهم ليست في التكلفة، بل في الأخلاق
النظر للزواج كشراكة وليس كحمل مالي
فالعلاقة التي تبدأ بالبساطة تُبنى على الثقة، والعلاقة التي تبدأ بالاستعراض تُبنى على الهشاشة
. الحقيقة التي يجب أن نواجهها
نعم، أصبح الزواج عند البعض استثمارًا ماديًا
لكن عند الحكماء، يبقى الزواج أجمل مشروع إنساني يمكن للإنسان أن يبنيه… إذا كان مبنيًا على الوعي، والاحترام، والتفاهم، والرحمة
الزواج ليس قيمة مالية، بل قيمة حياتية
وكلما اقتربت المجتمعات من الروح، ابتعدت عن التعقيد، وعادت إلى الأصل
سكنًا ومودة ورحمة