صنعاء نيوز/عمر دغوغي -
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي مدير مكتب صنعاء نيوز بالمملكة المغربية
[email protected]
https://web.facebook.com/dghoughiomar1
لا يولد الخوف من الفشل مع الإنسان، بل يُزرع فيه تدريجيًا عبر التربية، الخطاب الاجتماعي، ونظرة المحيط إلى الخطأ والنجاح.
وفي واقع كثير من المجتمعات، أصبح الفشل شبحًا يطارد الشباب لا بسبب التجربة نفسها، بل بسبب الخوف من حكم المجتمع قبل حكم الذات
ثقافة لا ترحم الخطأ
في مجتمعات كثيرة، يُنظر إلى الفشل على أنه عيب أو نقص، لا تجربة إنسانية طبيعية
الشاب الذي يُخفق مرة يُوسَم بالفاشل، وتُختزل هويته في تعثره، بدل النظر إلى مساره الكامل
هذه النظرة القاسية تجعل الشباب يتجنبون المحاولة من الأصل، لأن الخطأ مكلف اجتماعيًا أكثر مما هو عمليًا
الأسرة والخوف المبكر
تلعب الأسرة دورًا محوريًا في تشكيل هذا الخوف
عندما يُربّى الطفل على أن الخطأ مرفوض، وأن الفشل خيبة أمل، يكبر وهو يربط قيمته برضا الآخرين
بدل تشجيع التجربة، يُزرع فيه الحذر المفرط، فينشأ شابًا يخشى السقوط أكثر مما يطمح للنجاح
المدرسة ونظام التقييم
المنظومة التعليمية، في كثير من الأحيان، تعمّق هذا الإحساس، حين تركّز على النتيجة لا على التعلم
الرسوب يُقدَّم كعقوبة، لا كفرصة مراجعة، فيتشكل وعيٌ يرى الفشل نهاية الطريق، لا محطة فيه
وهكذا يتعلم الشاب أن الخطأ يُعاقَب عليه، لا يُستفاد منه
وسائل التواصل وتزييف النجاح
زادت وسائل التواصل الاجتماعي من حدّة هذا الخوف، حين قدّمت النجاح في صورة سريعة، مثالية، بلا معاناة
الشباب يقارنون بداياتهم بقمم غيرهم، ويغفلون أن وراء كل إنجاز سلسلة طويلة من المحاولات غير المرئية
هذه المقارنات المستمرة تولّد شعورًا بالعجز والخوف من الفشل أمام أعين الآخرين
سوق العمل والخوف من المجازفة
في ظل البطالة وصعوبة الفرص، يصبح الخطأ مخاطرة كبيرة في نظر الشباب
المجتمع لا يمنح مساحة للتجربة، ولا يحتضن الفشل المؤقت، فيختار كثيرون الجمود بدل المخاطرة
وهنا يتحول الخوف من الفشل إلى أسلوب حياة، لا مجرد شعور عابر
نتائج خطيرة على الفرد والمجتمع
عندما يخاف الشباب من الفشل
يضعف الإبداع
تقل المبادرة
ينتشر الاتكال والانتظار
وتتجمد الطاقات
مجتمع يخيف أبناءه من الخطأ، يحرم نفسه من التطور
نحو ثقافة تحتضن المحاولة
التحرر من هذا الواقع يتطلب تغييرًا جماعيًا
تقبل الخطأ كجزء من التعلم
تشجيع المحاولة لا السخرية منها
إعادة تعريف النجاح كمسار لا نتيجة
حين يشعر الشاب أن المجتمع لن يُدينه عند السقوط، سيقف مرة أخرى بثقة أكبر
المجتمع شريك أساسي في صناعة خوف الشباب من الفشل، لكنه أيضًا قادر على أن يكون مفتاح التحرر منه
فإما أن نُربي أجيالًا تخاف التجربة، أو نُنشئ شبابًا يؤمنون بأن السقوط خطوة نحو النهوض
والتاريخ لم يصنعه من لم يخطئ،
بل من تعلّم من أخطائه وواصل الطريق