صنعاء نيوز علي ربيع - المبادرة.. وتاج القيصر!
{.. الجميع يفكر في تغيير العالم ولكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه، هذه المقولة ذائعة الصيت عن أديب روسيا العظيم (تولستوي) تصدق إلى حد كبير على حال القوى السياسية داخل اليمن، الكل يتحدث باسم اليمن وحب اليمن والخوwف على اليمن من أجل تغيير اليمن، ومع ذلك تظل كل تلك الجمل المنمقة في حب اليمن غطاءً إعلامياً لتحسين الذات، بينما تظل الأفعال والنوايا كما هي، العقليات نفسها وطرق التفكير ذاتها، ينطبق ذلك على الأحزاب والقوى المتنفذة وحتى تلك الشخصيات المزمنة في اعتلاء منصة الفعل السياسي.
< اليمن في منعطف تاريخي حقيقي قد يوصله إلى الهاوية إذا أصر صناع القرار فيه على اجترار ذات الأداء في التعامل مع الأزمات وابتكار الحفر والمطبات لتسجيل نقاط ضد الخصوم السياسيين دون إدراك التداعيات التي يمكن أن تحل بالإنسان اليمني على صعيد تكوينه وثقافته وقناعاته تجاه المستقبل الملغوم حتى الآن بالخوف والتوجس، نظراً للمعطيات البائسة التي تعتمل على الأرض وتنذر بمخاطر لا يمكن حصرها ولا التنبؤ بالآثار التدميرية التي يمكن أن تخلفها على النسيج الوطني الاجتماعي.
< المعطى الوحيد الآمن بين أيدي اليمنيين والمعتمد من صناع السياسة العالمية وبمباركة الجوار الإقليمي هي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، هي طوق نجاة مفترض ، وعدم فاعليتها لا يعني خطأها بل سوء استخدامها، صحيح أن العقبات أمامها ليست سهلة لكن إذا صلحت النوايا يمكن التغلب عليها، وتفويت الفرصة على الحلول العنيفة التي يراهن عليها البعض لإثبات مسمى الثورة في اليمن أو نفيه.
< شخصياً أدرك أن المرحلة أكثر حرجاً ومسؤولية على السياسيين الذين يتعاطون مع الأدوات الناعمة ويؤمنون بها لإدارة الصراع والتوصل إلى نقاط الالتقاء مع فرقاء السياسة، وهو ما يضعهم وجهاً لوجه مع إرادات القوى الثأرية العنيفة، فإما أن يكبحوا تهورها حرصاً على الدم اليمني وعلى ما بقي من بنية الدولة، وإما أن ينقادوا لها لتقرر هي صياغة واقع الصراع لتعيد إنتاج نفسها على قمة الهرم السياسي والاجتماعي، وهي النتيجة التي لا تنسجم مع الفرضيات الجميلة التي وضعتها دعوات التغيير الشبابية مطلع هذه الأزمة، وحلمت بها نخب المدنية الحداثية ابتداءَ من ثلاثينيات القرن الماضي.
< نائب رئيس الجمهورية الفريق عبدربه منصور هادي، في وضع لا يحسد عليه، خاصة وأنه حجر الزاوية في الخطة الآمنة التي وقع عليها رئيس الجمهورية وقيادات المؤتمر وحلفائه، وقيادات المعارضة بمختلف أطيافها، ولعله من العقل أن يتم التعامل مع نائب الرئيس بقدر من الثقة وعدم اعتباره طرفاً في الخصومة بما يمكنه من إنجاح مسار التهدئة وتحقيق غايات الاتفاق السياسي ، وهذا يتطلب أولاً التخلي عن قناعة الجيش الموالي والجيش المعادي ، ثم تجريم الأنشطة المسلحة للمليشيات القبلية والحزبية باعتبارها مكونات تبحث عن ذاتها بالطريقة العنيفة لضمان بقاء المتحكمين بها داخل لعبة السياسة.
< صحيح إن تاج القيصر لا يمكن أن يحميه من الصداع كما يقول المثل، و صحيح بالمثل أن آلية المبادرة الخليجية لا يمكن أن تحمي اليمن من التصدع وسفك الدم من تلقاء نفسها، المسألة رهن بإرادة كل القوى لتقتنع أن محاولة ركوب حصانين في مضمار السباق هي عملية مستحيلة، هناك مسار واحد فقط يعصم الدم اليمني تم الاتفاق عليه، وحكومة الوفاق الوطني يجب أن تعلن وتبدأ مهامها، واللجنة الأمنية يجب أن تشكل وتكون مبرأة من ولاءات الأطراف الحزبية والعسكرية، فدم اليمنيين قد سال بما فيه الكفاية. |