صنعاء نيوز - أدت ندرة المعلومات وعدم توثيقها حول أعمال روادنا الفنانين‏,‏ إلي انقسام الآراء حولها‏,‏

الجمعة, 23-ديسمبر-2011
صنعاء نيوز -
أدت ندرة المعلومات وعدم توثيقها حول أعمال روادنا الفنانين‏,‏ إلي انقسام الآراء حولها‏,‏ وجري تصنيف آراء النقاد بين مؤيد لأعمال الرواد وآخر يتهمهم باقتباس الأفكار العالمية وتنفيذها والتوقيع عليها‏..‏
وأهم هذه الانقسامات اندلعت مؤخرا حول تمثالي الرخاء ونهضة الفنون المعروضين بساحة دار الأوبرا المصرية ويحملان توقيع الفنان الرائد محمد حسن(1892-1961), وتكشف المصادفة أنهما منقولان من أعمال ايطالية..
اقتباس الأعمال
من المعلومات المتداولة حولهما أنهما صنعا من البرونز سنة1950 بغرض عرضهما أمام دار الأوبرا الملكية القديمة التي أنشئت في عهد الخديوي إسماعيل سنة1869, واستعان وقتها بفنانين إيطاليين لتزيينها وتجميلها, وبعد حريق الأوبرا عام1971 نقلا التمثالين إلي حديقة مسرح الطليعة بميدان العتبة, ليستقرا في مكانهما الحالي بعد بناء الأوبرا الحديثة عام..1988 الصدفة وحدها هي التي كشفت كذب المعلومات التي يتناقلها النقاد وتدرس في الكليات المتخصصة حول هذين التمثالين..
يقول الفنان سامي رافع الأستاذ بكلية الفنون الجميلة: في عام1968 عدت من بعثة في فيينا كأول فنان تخصص في خشبة الأوبرا, مما أهلني للعمل بالأوبرا حتي حريقها سنة1971, أثناء الحريق تمكن الفنان عبد الله العيوطي من إنقاذ صندوق صغير يحتوي علي بعض شرائح النيجاتيف لصور خاصة بالأوبرا الملكية منذ افتتاحها, واحتفظت به طوال السنوات الماضية, و مؤخرا قمت بتصوير التمثالين الموجودين بساحة الأوبرا, ولفت نظري التوقيع المحفور عليهما,و راودتني فكرة طبع النيجاتيف لأكتشف أن التمثالين نسخة منقولة من تماثيل نفذها فنان ايطالي, كانت مثبتة علي يمين ويسار دار الأوبرا أثناء افتتاحها في القرن التاسع عشر اي قبل ميلاد الفنان محمد حسن بـ23سنة.. وبالتدقيق والفحص بين العملين اكتشفت فروقا بين التماثيل الأصلية والمقلدة, فعلي سبيل المثال تمثال الرخاء الأصلي تحمل الفتاة الجالسة في يديها عربة سكة حديد وربما يكون الخديوي طلب من الفنان وضع العربة باعتبار أن مصر ثاني دولة بعد انجلترا تستخدم السكة الحديد, كما يحمل رجل في يده شعار الطب والصيدلة لتفوق مصر في هذا المجال والرجل الثاني يحمل باقة من المزروعات وهو دليل علي الريادة في الزراعة وجميعهم يرتدون الزي الروماني الذي يحتوي علي زخارف وبرع الفنان الايطالي في تجسيد ملمس الأقمشة, أما التمثال المقلد الموجود حاليا فالفتاة تحمل في يدها ترسا وهو رمز الصناعة ولا يحمل اي زخارف وباقة المزروعات منفذه بصورة مختلفة كما إن الملمس العام للسطح لا يرتقي إلي التكوين البنائي للتمثال الكلاسيكي.
ويقول الدكتور أشرف رضا الأستاذ بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة:من خلال دراستنا في كلية الفنون عرفنا أن هذين التمثالين هما من إبداع الفنان محمد حسن خريج الدفعة الأولي للرعيل الأول للكلية ويذهلني أن أري الوثائق التاريخية تثبت أنها منقولة من أعمال فنان ايطالي وتم تحريفهم, ولهذا يجب أن ندقق في التحري عن اي عمل فني, أدعو كل نقادي الفن التشكيلي المصريين بمراجعة وثائقهم ومعلوماتهم التي تتوارثها أجيال الفن في مصر.
نقاد يصفونه بأنه تكليف
يقول الناقد والفنان عز الدين نجيب: أعتقد في اغلب الظن انه ربما تكون التماثيل الأصلية نقلت إلي احد القصور الملكية وكلف محمد حسن بعمل نسخ منها لملء الفراغ لأنه درس الفنون التقليدية في انجلترا ومنها سبك المعادن ومن المعروف انه لم يكن متخصصا في النحت وليس له أعمال ذات قيمة في هذا المجال سوي هذين التمثالين فدراسته كانت في التصوير وأعماله النحتية نادرة, وهذه التماثيل كانت محل تساؤل لكونها تحمل الطابع الروماني وليس المصري والسؤال هو لماذا وقع محمد حسن باسمه علي التماثيل, وكان من الممكن أن يكتب إنها من تنفيذه.
ويقول الفنان والنحات عبد القادر مختار الذي عاصر جزءا من هذا الوقت: أتذكر في الفترة التي سبقت سنة1950 كان لا يوجد اي تماثيل أمام الأوبرا الملكية وحدث اهتمام بضرورة تجميل ميدان ودار الأوبرا وإحيائها كما كانت وأخذ محمد حسن علي عاتقه هذه المهمة بصفته في اعلي سلطة فنية في المملكة المصرية, و اي نحات إذا كان عنده المواصفات والصور والقوالب الخاصة بعمل ليس من ابتكاره فمن الممكن تنفيذه ويستطيع أن يوقع عليه بشرط أن يذكر انه ليس من تصميمه وربما تكون المستندات الخاصة بهذين العملين حرقت مع الأوبرا, وعموما فإننا في مصر نعاني من نقص شديد في تأريخ الحركة الفنية والكتب الفنية التي تمثل تاريخ مصر المعاصر, سواء عن الرواد او المعاصرين
ويشير الفنان أمين ريان وهو احد الفنانين الذين اشتركوا في ترميم القصور الملكية: من المعروف أن محمد بك حسن تولي منصب ناظر مدرسة الفنون والزخارف ومدرسة الفنون التطبيقية ومديرا لمدرسة الفنون الجميلة, وكان فنانا عبقريا له إبداع من نوع خاص وأنا أتذكر وقت عمل هذه التماثيل وانه كان مخصصا لها ميزانية كبيرة, وحدث اعتراض من بعض الفنانين واعتبروها إهدارا للمال العام وكان معروفا أنها علي نسق تماثيل أوبرا باريس,ومن المستحيل أن يكون أقدم علي ذلك بدون تكليف فهو كان رجلا صادق وصريحا, كما انه يوجد في الفن ما يسمي نقلا عن...., وعلي سبيل المثال توجد لوحة شهيرة للفنان كامل مصطفي منقولة عن مايكل أنجلو وموجودة من ضمن أثارنا ويضيف أمين ريان: إذا قمنا بعمل جرد من الممكن أن نجد التماثيل الأصلية مخزنة في احد القصور الملكية.
الفنان محمد حسن تولي الإشراف علي الأوبرا الملكية في فترة من حياته, فما السبب الذي دفعه لعمل هذه النسخ, و أين ذهبت التماثيل الأصلية ؟ ولماذا لم يذكر ذلك احد من النقاد ؟!! ربما تستطيع الأيام أن ترد علي هذه التساؤلات, وعموما سواء كان عمل التماثيل بتكليف رسمي او بدافع شخصي, فهذا لا ينقص من قدر فنان عظيم أثري الحياة الفنية التشكيلية و أفني حياته لخدمة الفنون الجميلة في مصر.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:35 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-11945.htm