صنعاء نيوز - حين تهتز العاصمة لوقع أقدام أنصار الرئيس ولا تهتز شعرة لمنابر اعلام حزب الرئيس، فإن أفئدة الملايين هي من سيهزها السؤال خوفاً:

الجمعة, 06-يناير-2012
صنعاء نيوز -
الأربعاء, 28-ديسمبر-2011 - 19:21:13

حين تهتز العاصمة لوقع أقدام أنصار الرئيس ولا تهتز شعرة لمنابر اعلام حزب الرئيس، فإن أفئدة الملايين هي من سيهزها السؤال خوفاً: لمن سيتركنا الرئيس..؟ وهل يرجى ممن لا يشتد حماساً وبأساً لهتاف الجماهير أن يستفزه أنينها غداً..!؟


صباح الاثنين تسابقت المواقع الاخبارية "المعارضة" على بث صور ومقاطع فيديو لعشرات المتظاهرين من منتسبي التوجيه المعنوي، إلاّ أن مئات آلاف المتظاهرين من أنصار الرئيس في نفس الساعة لم يجدوا موقعاً "مؤتمرياً" يبث لمسيرتهم صورة واحدة، ولا قيادياً "مؤتمرياً" واحداً يتابع ردود الأفعال الاعلامية ويسأل عن السر وراء التعتيم..!!


فرغم أن الرئيس صالح تحدث مراراً بأن "الحرب الاعلامية" المناوئة هي أهم وسائل صناعة الازمة السياسية اليمنية الراهنة، إلاّ أن حزبه "المؤتمر الشعبي" ظل يخوض "الحرب" بتقارير وهمية وفواتير مليونية.. فهو حتى اليوم لا يمتلك "مركز غعلامي"، ولا "مطبخ اخباري" أو "غرفة عمليات"، ولا "دائرة اعلامية" تبني الخطط وتوجه العمل، أو تدير دفة الحرب النفسية..!! فصوت "المقاومة الاعلامية" الذي يخوض "الحرب" هو صوت انصار الرئيس وليس كوادر المؤتمر..!!


خلال ثلاثة عقود من عمره، ما زال المؤتمر لا يمتلك صحيفة واحدة تحضى بشعبية مقبولة.. وحين قرر المؤتمر الانفتاح الواسع على الاعلام الالكتروني أبان حرب صعدة السادسة انشأ عدداً كبيراً من المواقع لكنه أناط إدارتها إما بمن لم يتصفح الانترنت من قبل، أو لم يسبق له العمل بالصحافة، أو مبتديء.. لذلك صارت جل وسائله الاعلامية تستنسخ بعضها البعض، والمواقع الناطقة بلسانه تحولت نسخاً طبق أصل وكالة سبأ الرسمية، من غير اكتراث للفرق بين الاعلام الحكومي والحزبي..


كما أنفق المؤتمر الملايين في إنشاء مركز اعلامي مجهز بتقنيات حديثة، وعين له طاقماً خاصاً، وميزانية مستقلة لكن المركز لم يكن سوى "باب رزق"، وبعد بضعة اشهر اختفت تجهيزاته واغلق أبوابه، وظلت موازنته المالية الشيء الوحيد المفتوح.. وهذا هو شان عشرات الصحف، وعشرات منظمات المجتمع المدني التي لا تجد في قيادة المؤتمر من يسأل عن اثرها على أرض الواقع ، طالما هناك من يحسن كتابة تقارير تتحدث عن معجزات خارقة تضاهي انجاز الحزب الديمقراطي الأمريكي..!!


لم يكن الرئيس صالح يفتقر للقاعدة الشعبية إطلاقاً، بل أن سعة قاعدة انصاره هي من جعلت مصيره مختلفاً عن الزعماء الذين دحرجت عاصفة الربيع العربي كراسيهم.. وربما ظل كثيرون يعتقدون أن من يتجمهرون بميدان السبعين أو غيره بالمحافظات يحشدهم المؤتمر الشعبي العام، بينما في الحقيقة أن الغالبية العظمى كانوا يشاركون طوعياً أما محبة للرئيس صالح، أو خوفاً من البديل المحتمل، أو لأنهم ضحايا فاسدين كبار انتقلوا الى ساحات المعارضة، أو لاحساس عفوي كامن يرفض التغيير خوفاً من المجهول..!!


لكن المؤتمر لم يستثمر المشاعر العفوية لليمنيين في إطار انشطة نوعية منظمة ومستمرة، ليراهن عليها في تعبئة ساحة الرأي العام ومواجهة الحرب الاعلامية المضادة، أو لتصعيد الضغط على المجتمع الدولي.. بل ترك الحشود تنساب تدريجياً دون ان تكون لديه آليات تنظيمية تستطيع غعادتها للساحات.. وبلا شك أن ذلك ما كان ليحدث لولا انفصال قيادات المؤتمر عن الشارع وتواريها من الواجهات الاجتماعية والثقافية والمدنية التي كانت تجعل منه قطباً للالتفاف الشعبي والتلاحم بينها البين.. وهو الفراغ الذي استغلته المعارضة بذكاء، وشغلته بعمل منظم وموجه..


كما أن إعلام المؤتمر ظل مشلولاً، متخبطاً بجهله بمهارات الحرب الاعلامية.. فلم يوثق حملات التخريب المنظم للبنى التحتية للدولة.. ولم يقدم للرأي العام ملفاً مصوراً واحداً لتخريب المؤسسات التعليمية، وشبكات الكهرباء والماء، والمعسكرات والمراكز الأمنية وغيرها من منشآت الخدمات الأساسية المتصلة بالحياة اليومية للمواطنين..


وربما كان بمقدور إعلام المؤتمر قلب الطاولة على معارضيه فقط لو احسن استثمار معاناة عشرات آلاف العوائل المشردة التي تم احتلال حاراتها وقطع أرزاقها، وتحولت إلى عوائل متسولة؛؛ فليس في العالم ما يؤثر بالرأي العام أكثر من المعاناة الانسانية- وهذه حقيقة فهمتها المعارضة مبكراً وتجاهلها المؤتمر إلى اليوم..


ونتيجة لتشبث صناع القرار بالأدوات الفاسدة، و"الخيول" الخاسرة، اضاع المؤتمر فرصاً ذهبية لقلب طاولة الصراع السياسي.. فقد تعامل مع حادث تفجير جامع النهدين كما أي جريمة عادية أخرى رغم أنها استهدفت أرواح رئيس جمهورية، ورؤساء وزراء، وشورى، وبرلمان، وكبار الرموز الوطنية.. بينما براعة الاعلام اللبناني حول قضية اغتيال رئيس الوزراء "رفيق الحريري" الى قضية دولية هزت الرأي العام العالمي.


ولم تكن تلك الحادثة هي الفرصة الوحيدة التي اضاعها المؤتمر، فهناك ملف مجزرة 18 مارس الذي كشفت النيابة تورط أطراف بالمعارضة فيها، لكن فجأة تم التعتيم عليه.. وهناك ملفات القاعدة، ونهب اسلحة المعسكرات، وتفجير انابيب النفط ومحطات الكهرباء، وغيرها من القضايا التي لم تجد من يوثقها، ويحللها، ويستثمرها في إثارة الرأي العام الداخلي والخارجي..


كم يبدو غريباً أن حزباً عمره ثلاثون عاماً ظل طوال أحد عشر شهراً يواجه أخطر أزمة للإطاحة به من كرسي الحكم بدون "غرفة عمليات" أو "مطبخ إعلامي".. وأن قيادته العليا لا تسأل: أيــن ثمار الأموال الطائلة التي تطلبونها يا سادة إن كان المؤتمر لا يمتلك منبراً إعلامياً واحداً يستحق التقدير، ولا حتى منظمة مجتمع مدني واحدة مسجلة لدى الهيئات الدولية، وإذا كانت جميع صفحات "الفيس بوك" الموالية هي نتاج مبادرات ذاتية فردية من أنصار الرئيس أو أعضاء مخلصين في المؤتمر!!


هذه الحقائق هي وجهة نظر خاصة، راينا أن نصارح بها قيادة المؤتمر بعد أن بلغنا العلم أن الرئيس علي عبد الله صالح بصدد تبني خطة إعادة هيكلة لحزبه خلال إجتماع قريب سيعقده قبيل مغادرته للولايات المتحدة الأمريكية.. إذ أن واقع "التغيير" في الحياة السياسية اليمنية للفترة القادمة يستوجب مراجعة شاملة للأخطاء، فالمؤتمر الذي رفع قواعد الديمقراطية والتنمية اليمنية هو ضرورة ستبقى قائمة لتوازن القوى في الساحة السياسية اليمنية.. فالسباق قادم، ولا رهان لمن يدخله بخيــول خاســرة!!

نبانيوز
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 22-ديسمبر-2024 الساعة: 02:24 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-12170.htm