صنعاء نيوز /غمدان اليوسفي -
الأستاذ عبده الجندي.. ارفع أصابعك عن آذانك كي تسمعنا الآن، فقد سمعناك كثيراً بينما ظللت أنت لاتسمع سوى صداك.
ضحكنا عليك ومنك وعلينا في أحاديثك، وبكينا علينا لأنك لم تعرف يوماً البكاء على وطن دمرته قذائفهم ولسانك.
ملأنا صفحات الصحف عنك ومنك لأنك احترفت النفي كما قالت صحفية لبنانية عنك في 2006 : “سأسأله وأنا أعرف أنه سينفي”، وفعلاً سألت وأنت نفيت لينفجر الصحفيون بالضحك.. ألا يوحي لك هذا الانطباع بشيء؟
كنت أقرأ ماكتبته عني في «أضواء الجمهورية»، وأنا في الحافلة إلى جوار طفلين لايتجاوزان الثامنة من العمر، كانا يحملان في يديهما أكياساً لغسل القات، ويذهبان لبيعها في شارع هائل، وكنت أتوقف عند الفقرة التي قلت فيها أنني لا أستطيع أن أنكر أنا وحزبي- بالمناسبة لست أدري أي حزب تقصد- أن علي عبدالله صالح حكم كل البلاد والأحزاب 33 عاماً.
تساءلت حينها هل هذان الطفلان وآلاف مثلهما من ضمن من حكمهم علي عبدالله صالح؟
لابأس يا أستاذ عبده، لم أقل عنك كلاماً نابياً كما ادعيت وأتحدى أن تأتي بمفردة نابية واحدة، ولم ألغ حقك في التعبير والكتابة ولو كنت مكان سمير اليوسفي لفعلت مثل مايفعل، ولو كنت مكان شخص مثلك لما فتحت باب المن على سمير اليوسفي أن الرئيس وعبدالرحمن الأكوع دافعا عنه، وهي ليست منحة بقدر ماكان واجباً، كون اليوسفي -الذي تربطني به علاقة قرابة من بعيد- أحد مواطني هذا البلد ومن حقه أن يحصل على حماية كإنسان أولاً.. فلغة المن تلك لاتصدر من قامة سياسية مثلك.
أما الوعد والوعيد فليس لإنسان مثلي أن يفعله لأن الوعد والوعيد يأتي من صاحب سلطة وأنا لست كذلك.
أستاذ عبده، دعني أقول لك إني حزنت عليك ذات يوم من قلبي فعلاً، ودارت في ذاكرتي أسئلة من قبيل “ماذا لو كان هذا الرجل أبي؟”.
في ذاك اليوم كانت هناك ندوة عن السلامة المهنية للصحفيين نظمتها نقابة الصحفيين في خيمة فندق تاج سبأ بصنعاء، وكنت أنت في مؤتمرك كالعادة، وحين فرغت أتيت إلى الخيمة المكتظة بالصحفيين، دخلت القاعة وكنت تبحث عن كرسي شاغر، ولسوء الحظ كنت أنا في الجانب الآخر من القاعة وإلا كنت سأقوم لك من باب أنك أكبر سناً، ولحسن أو سوء الحظ لم يكن هناك سوى كرسي شاغر جوار الباب.
كنت أتأمل في وجهك وهو يتلون من هذا الموقف، وكان الصحفيون أقسى من أن يلتفت إليك أحد منهم، كنت أشعر بالخجل من الموقف، وكنت آمل أن يرحب أحد بك، لكن لاجدوى مع صحفيين ركبوا رؤوسهم وعاملوك بهذه الطريقة، هل لأنك تستحق، أو لأنهم قساة ولايجيدون حتى المجاملة!؟.
جلست لدقائق تتأمل حديث جمال أنعم في المنصة، ثم انسحبت بتلك الطريقة وتذمرت وتساءلت في بهو الفندق بصوت عالٍ وغاضب أيضاً: “حتى كلمة ترحيب استكثروها عليّ؟”
أحزن عليك لأنك وصلت إلى هذه المرحلة.. وأرى أنك أنت من وضع نفسك هنا وليس نحن.
ألا ترى أنك أصبحت تبالغ في السخرية من الناس، ألم تحوِّل علي عبدالله صالح لموظف دعاية لعبدربه منصور حين قلت إنه سيدير الحملة الانتخابية لانتخابات أشبه باستفتاء محسوم!؟.
هل تريد من هذا الزعيم أن يقود سيارة وينزل بها إلى الشوارع وهي محملة بصور عبدربه.
سيدي الجندي، إلى جانب هذا الشباب الحر في اليمن ساهمت أنت بأن تكون حصان طروادة لإسقاط النظام أنت والثلاثي المدمر (الصوفي، البركاني، اليماني).
أنتم زينتم للنظام سوء عمله فرآه حسناً، فأتمنى أن لا يكون مكانكم الطبيعي جوار الباب ياسيدي كما حدث في تلك الندوة، ليس، نحن من سنضعكم بقدر ما أنكم أنتم وضعتم أنفسكم.
لم أكن أتمنى هذا، لكنك بالتأكيد ترى نفسك الآن، وسترى أن علي عبدالله صالح سيذهب وأنت ستبقى هنا وحيداً، وتعرف أن أصدقاءك لم يعودوا كما كانوا، فرحم الله عبدالعزيز عبدالغني، أما من بقوا فعبده وبورجي غادر ولم يعلم أحد أين هو بجنسيته الكندية، وصادق أمين لم تواصل الدولة، التي تتحدث عنها دفع تكاليف علاجه ويعيش على المساعدات من تجار كما أكدت مصادر قريبة منه، ورشاد العليمي لم ينته من لملمة عظام رجله المحطمة، ويحيى الراعي سينتخبون بديلاً عنه عما قريب، وأحمد الصوفي ربما يبحث له الآن عن مكان مع عبده ربه ليكون سكرتيراً صحفياً بعد أن أنهى مهمته في ترحيل صالح، والبيض كما قال محمد صالح قباطي.
أستاذ عبده الجندي، هذا ليس تشفياً ياعزيزي أو وعيداً، بقدر ماهو «واقع مزعج» كما قال عمر المختار لسجانه عن القيود، إنه واقع يؤكد دوران الحياة.. اليوم لك وغداً عليك، أعتقد الآن أن اليوم هو يوم الشعب وليس يوم الأشخاص.
أديت وظيفتك بشكل جيد وخدمت اتجاهك بالطريقة التي رأيتها مناسبة، فلتختم حياتك بشيء يعيد الطمأنينة لقلب (أبو عبيدة)، وأنت الذي تحدثت عن حسن الخاتمة، فلتنتبه لخطواتك سيدي.. قل خيراً ياعزيزي أو أصمت.. وشكراً لسعة صدرك فهي أجمل شيء فيك ربما.