الأحد, 15-يناير-2012
صنعاء نيوز - دارت الفصول دورتها لتعانق النقطة الشتوية نفسها من جديد، النقطة التي انطلقت منها عاصفة التغيير باتجاه ربيع دائم أرادته براءة الحلم الشبابي في اليمن، عام صنعاء نيوز /علي ربيع -


> دارت الفصول دورتها لتعانق النقطة الشتوية نفسها من جديد، النقطة التي انطلقت منها عاصفة التغيير باتجاه ربيع دائم أرادته براءة الحلم الشبابي في اليمن، عام عاصف بكل المقاييس، ارتبكت العقول، واشتعلت العواطف، سالت الدماء وانهمرت الدموع، تعطلت لغات الداخل، واستسلم الساسة لطغيان غيبوبة صغرى زجت بهم إلى معترك الاخوة الأعداء، لم تيقظهم سوى ضربات العصي المسلولة من جراب سفارات الأشقاء والأصدقاء. كان بالإمكان أن تكون خسائرنا أقل ومصابنا أخف، لكن كان الذي كان.
> عام أول انتهى ومخاضات الحلم التغييري متواصلة، راسمو المشهد يترقبون، والقابلة الأممية المستوردة تتوجس في حقيبة بن عمر، ولا ندري هل تعنيها عافية المولود بقدر ما تعنيها سلامة الولادة، المؤشرات تقول أننا على مشارف الصرخة الأولى لجنين يتربص به المبغضون وتتزاحم على تلقفه أيادي كثر تتنازع أبوته وشرعية الوصاية عليه مدة حولين كاملين.
> راسمو المشهد اختاروا نائب الرئيس، والآباء الكثر كما يبدو ظاهراُ فقد سلموا أمرهم، بيد أنهم على قدم وساق يعدون العدة لمعترك له صولاته وجولاته طيلة عامي الرضاعة اللذين اختط أرضيتهما الراسمون ذاتهم، رغم عدم تيقنهم الكامل من تداعيات ما ستسفر عنه نتائج اللعبة بين آباء متشاكسين قد لا يتورعون عن انتهاك القواعد.
> الهرج والمرج يتعالى، لم يبق في المدرجات سوى جماهير المتعصبين، غادرها الشعب مبكراً باتجاه الهم اليومي الذي يتقافز إلى جيوبهم كالجراد الجائع: شمعة ناحلة، عبوة حليب صغيرة، دبة غاز، قسط مدرسي، وركام مهول من وجع الدائنين، يقابل كل ذلك ويعضده خوف لا نهائي على مولود مستقبلي يتمنون أن يبتسم لهم في صباح نوراني قد يكون هو ليلة قدرهم المرجوة منذ نصف قرن يمني، إخفاق القابلة وارد، وتنازع الآباء المدعين مدمر، كما قد تعصف غوغاء المدرجات بكل شيء.
> عام ينفض شتاءه من جديد، أهدابنا معلقة باتجاه اللاشيء، ننتظر أن يعود رئيس الوفاق الحكومي بالنجدة، قرع الأبواب مؤلم، لكن الجوع أكثر إيلاماً، تتناوب زوايا الرؤية علينا بكثافة، المشهد بوضوحه مخيف، لكننا تآلفنا معه كأحسن صديقين، أصبحنا نرى كل شيء، القنوات الفضائية والصحف في الحقيقة لا تأتي بجديد بالنسبة لنا، لأننا نحن المشهد ونحن عناصره وقلوبنا هي مسرح أحداثه.
> أعتقد أن التفاؤل إن لم يصدق فهو باختصار جريمة تضليلية كاملة الأركان، لذا أجدني أحياناً مشدوداً إلى خانة متشائمة، المعطيات كلها تقول اليمن الآن تعيش في لحظة اللادولة، فهل ستتفاقم جراحات اللحظة أم ستلتئم، هل ستتنفس الدولة من جديد، المخاضات مخيفة إن دققنا فيها، أخطر ما فيها هو الشيطان الطائفي والجهوي، بما ينفثه من خطابات غاسلة للوعي بفكرة المواطنة وما يحرض عليه من حروب ودماء باسم الله لا يرضاها الله ولا تقرها العقول.
> سننتظر إذاً، إما حكمة اليمنيين، وإما المغيب في جعبة الراسمين، بإمكاننا أن نفوت الفرصة على الماضي ونودعه إلى رف متحفي في ذاكرة التاريخ، وبإمكاننا أن نسترسل في انشدادنا إليه وإشعال الحروب باسمه ومن أجله، فالتغيير ليس حقاً شخصياُ لأحد شخصاً كان أو حزباً أو منطقة أو مذهباً، التغيير فعل اجتماعي ثوري يجب أن تكون غايته الإنسان وكرامته، التغيير ليس شعاراً لتدجين البشر في حظيرة سلطوية جديدة تطنب في مديحها نشرات التاسعة، ولا التأصيل لاستنشاق نشوة لحظية كل عام طرباً بإقصاء سلطة غابرة، التغيير بناء إنسان ودولة ومساواة اجتماعية، التغيير هو الإذعان لقوة العقد الاجتماعي بعدالته وسموه، هكذا يجب أن نفهمه وهذا ما ينبغي أن نسعى إليه إن أردنا أن ننتصر للحياة وللمستقبل، ونخيب ظن القابلة المستوردة.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 07:14 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-12373.htm