صنعاء نيوز- متابعات -
رعب الإصابة
لم يستطع أهالي طفلة في الثامنة من عمرها إقناع إدارة مستشفى أهلي كبير ومشهور أن يستقبلها بعد اكتشاف إصابتها بفيروس إنفلونزا الخنازير المسمى علميا "إتش1 إن1". دفع الأهالي 100 ألف ريال، أي 500 دولار، ليقبل المستشفى إدخالها العناية المركزة لليلة واحدة، لكن دون جدوى، وظلت الأسرة 3 أيام بين مستشفيات رسمية وأهلية حتى حصولهم على موافقة مستشفى الثورة إدخالها غرفة العزل.
في داخل غرفة عزل في ذات المستشفى يصارع "فتحي" الفيروس وهو شاب في الـ27 من عمره وأب لطفل واحد.
تعرض "فتحي" قبل أسبوع لالتهابات رئوية حادة فعرض نفسه على طبيب في مدينة يريم التي يعمل فيها، فنصحه بالانتقال إلى مستشفى الدرن بصنعاء المتخصص بشكل رئيسي لعلاج أمراض الجهاز التنفسي.
يقول عمه "عبد الرحيم": "صادف وصولنا مستشفى الدرن إجازة عيد 14 أكتوبر، فنقلناه إلى مستشفى خاص بشارع تعز ومنه إلى مستشفى الثورة حيث تمت معاينة حالته وأحيل إلى المستشفى الجمهوري بسبب عدم وجود سرير في قسم العزل، إلا أن إدارة المستشفى الجمهوري رفضت استقبال الحالة، فتم تحويلنا إلى مستشفى الكويت، ولكن إدارته رفضت هي الأخرى". ويضيف: "حين وصلنا بالمريض إلى طوارئ مستشفى الكويت هرب الأطباء والممرضون والممرضات منه، وشعرت أن الكلب في أي دولة أخرى يحظى برعاية أفضل من رعاية المواطن اليمني".
يكمل عبد الرحيم قصة ابن أخيه وهو يعتصر ألما: "أعدناه إلى مستشفى الثورة بعد يومين وبتدخل مدير عام الترصد الوبائي، جاءت توجيهات مدير مستشفى الثورة الساعة الواحدة بعد منتصف الليل بإخراج أي حالة مرضية تحسنت في قسم العزل وإدخال فتحي بدلا منها كون حالته "سيئة".
لقد ساءت حالة فتحي النفسية، فانتفخ صدره وتورم وجهه ويدخل في غيبوبة بين الحين والآخر وهو الآن بداخل غرفة العزل التي يجمع أطباء أنها "غير مهيأة لاستقبال حاله مثل حالة فتحي".
"سليمان" القادم من جزيرة سقطرى وقع ضحية الفيروس، إلا أن مناعته ضعيفة بسبب مرض السكري المزمن الذي يعاني منه.
يبلغ "سليمان" من العمر 45 عاما وقد جاء إلى صنعاء قبل أربعة أشهر مع صديقه "علي" للعمل في بيع وشراء السيارات.
قبل 20 يوما أصيب "سليمان" بالفيروس ولم يفلح العلاج الذي كتبه له أحد الأطباء في ايقاف تطورات المرض الذي بدأ على شكل سعال وصداع وحمى. مكث 10 أيام مريضا على هذا النحو، وبعد تطور حالته أسعف إلى مستشفى الثورة الذي أكد فحص المختبر المركزي أنه مصاب بالفيروس.
يقول صديقه "علي": "كنا نأكل من صحن واحد حتى بعد تدهور حالته الصحية، وقد أحسست في أحد الأيام بحمى وزكام واستخدمت حبة الأسبرين وشفيت في اليوم التالي، إلا أن الفيروس تمكن من صديقي بسبب مرض السكر، وليس كما يهول لنا الإعلام".
الثلاثاء الماضي فقط انضم إلى غرفة العزل بمستشفى الثورة ثلاثة مصابين بالفيروس، أحدهم من محافظة الحديدة والآخر من منطقة عنس بمحافظة ذمار والثالث من منطقة رداع بمحافظة البيضاء.
بحسب أحد مندوبي البحث الجنائي في مستشفى الثورة فإنه خلال سبتمبر الماضي فقط توفي ثمانية من المرضى الذين كانوا يخضعون للعلاج، وأن أربع حالات توفيت خلال شهر رمضان.
أطباء مرضى
حسب إحصائية شبه رسمية فإن هناك ما يقارب 40 كادرا من كوادر مستشفى الثورة أصيبوا بفيروس إنفلونزا الخنازير، منهم 16 طبيبا بينهم أخصائي مخ وأعصاب.
هذا العدد الهائل في الإصابات أوساط الكادر الصحي جعل كثير منهم يرفض الدخول إلى غرف العزل، وهدد البعض منهم بالإضراب عن العمل.
في رمضان توفي "علي"، وهو عامل في المختبر المركزي (بنك الدم) بعد إصابته بفيروس إنفلونزا الخنازير نقله إليه طالب قادم من ماليزيا أثناء مأدبة إفطار حضرها 12 شخصا، أثبتت كل الفحوصات أنهم أصيبوا بالعدوى.
في رسالة وجهت لرئيس قسم الباطنية في مستشفى الثورة يقول أطباء: "من واجبنا الإنساني والأخلاقي أن نعالج أي مريض مهما كانت خطورة حالته، إلا أن على الدولة ممثلة بوزارة الصحة أن تتحمل واجباتها الأخلاقية والإنسانية تجاه الأطباء بتوفير كافة الضمانات لسلامة حياتهم".
ويشكو الأطباء أن وزارة الصحة لم تكفل لهم ضمانات. ويطالبون بتوفير كمامات طبية معدة لمنع انتشار هذا الفيروس، إلى جانب أدوات السلامة الأخرى، كواقيات العيون والآذان، حيث أن الفيروس يمكنه الدخول إلى الجهاز التنفسي من القناة الدمعية أو السمعية.
الممرضات الأجنبيات فقط التزمن خلال الأسابيع الماضية بالتعامل مع مرضى إنفلونزا الخنازير، ويشكون من عدم توفر أدوات السلامة اللازمة، فقد أصيبت إحدى الممرضات الهنديات بالفيروس وتعافت.
تقول الممرضات إنه لا توجد سوى كمامة طبية واحدة تستخدم منذ شهرين، بينما لا تزيد فترة الاستخدام بحسب المعايير الطبية على أكثر من يومين، وأن بقية الممرضات يستخدمن كمامات عادية لا تتوفر فيها أدنى مقومات منع انتقال الفيروس، ويعمدن إلى استخدام 6 كمامات فوق بعضها البعض.
ومن بين أدوات السلامة غير المتوفرة تقول الممرضات: "هناك دجلات للأطباء خاصة يرتديها من يدخل غرف العزل ولا تستخدم مرة أخرى ثانية وليست متوفرة"، ويشكون من انعدام حتى المعقمات.
وبحسب احد الموظفين فإن وزارة الصحة كلفت لجنة لتسليم 20 كمامة طبية فقط لمستشفى الثورة قبل شهر مما اضطر إدارة المستشفى لشراء كمية أخرى، ويتساءل هذا الموظف عن مصير اثنين مليون دولار لمواجهة المرض.
ويتخوف المرضى والأطباء الذين أصيبوا بالفيروس هنا من ذكر أسمائهم بصراحة نتيجة لانعدام التوعية في أوساط لمجتمع والنظرة الخاطئة التي قد تلحقهم.
"إبراهيم" وهو مساعد طبيب وفني تخدير في عمليات القلب بمستشفى الثورة انتقل إليه الفيروس ومن ثم نقله إلى زوجته.
يقول: "تألمت شديدا وعانيت من صداع شديد وفقدان في الشهية وأجريت لنا الفحوصات وتبين أننا مصابون بالفيروس فتناولنا العلاج وعزلنا في غرفة بالبيت لمدة أسبوع ولم نختلط بأطفالنا، إلا أن زوجتي تعبت نفسيا نتيجة للعزل، لكنها تخطت الحالة بعد هزمت الخوف، ولذا أناشد وزارتي الصحة والإعلام أن تقدم للناس التوعية اللازمة لمواجهة المرض وكيف يتصرف المريض والالتزام بخطاب توعوي يوجه ولا يرعب، فالإنفلونزا عادية جدا، وهناك سبعة أشخاص في مجتمعي أصيبوا وتعافوا جميعا، وأعتقد أن هناك المئات من الناس مصابون دون علمهم بذلك، لأن من لديه مناعة لا يتأثر بسرعة ويبقى يقاوم".
الدكتور (م. ص) من مركز القلب بمستشفى الثورة أصيب بالفيروس وشفي خلال أسبوع، يقول: "تعرضت لنوبة سعال جاف وشعرت بألم في الحلق والصدر، وفي ذات اليوم شعر زميل لي بذات الأعراض فطلبنا مندوب الرصد الوبائي وأخذ منا عينات إلى جانب زميل ثالث لكن النتيجة أظهرت أنني الوحيد مصاب بالفيروس فقط".
يضيف: "نعمل في مركز القلب ونستلم في الطوارئ وهناك كم هائل من الأمراض المختلفة وشيء طبيعي أن يصاب الطبيب بالعدوى".
غرف عزل أم غرف عدوى؟
برفقة طبيب وفي مغامرة دخلنا غرف العزل في مستشفى الثورة، والتي يصفها الأطباء بأنها تفتقر لأدنى مواصفات العزل، بل يسمونها "غرف التعذيب".
يقول طبيب متخصص في أمراض الأطفال كان يتابع حالة طفلتين مصابتين بالفيروس: "نسبة تهيئة غرف العزل الحالية تحت الصفر وهي عبارة عن غرف لا تختلف عن أي غرفة في أي منزل إلا بوجود أجهزة التنفس الصناعي".
يضيف: "كل يوم أتابع حالة الطفلتين وتأثير الفيروس على الأشخاص المصابين بأمراض القلب والدماغ والجهاز التنفسي يكون بالغا وتكون فرص الشفاء ضئيلة إذا لم يتلق المريض العلاج في بداية ظهور أعراض فيروس إنفلونزا الخنازير".
وبرغم أن غرف العزل المجاورة لمركز القلب كتب عليها تحذيرا بالانجليزية إلا أن أهالي المرضى لا يأبهون حتى للتحذيرات الشفوية والمباشرة لهم، ويدخلون غرف العزل بشكل اعتيادي ولا يتم منعهم حتى مثل بقية الأقسام الأخرى، بل إن بعض الأسر ترافق مريضها وتجلس معه بدون كمامات.
صادف دخولنا إحدى غرف العزل تقاطر نساء لزيارة أحد المصابين بالفيروس، ولم يتلقين أية تحذيرات، إلا أن أحدى الممرضات تقول إن أهالي المرضى لا يأبهن لأية تحذيرات.
في إحدى الغرف وجدنا والدة إحدى الطفلات المصابة بالفيروس ترافق ابنتها وتجلس إلى جانبها منذ إصابتها.
يقول والد "فتحي" وهو مصاب بالفيروس: "لن أترك ابني وحيدا والله هو الحافظ"، ويكتفي بتكميم أنفه بـ"الشال" الخاص به، الذي يرى أنه أكثر مناعة من الكمامات وأن هناك مبالغة في انتقال العدوى.
مستشفى الثورة.. مصارع يتيم
رغم نداء وزارة الصحة للمستشفيات الرسمية والأهلية لاستقبال المصابين بفيروس إنفلونزا الخنازير وعزلهم، إلا أن مستشفى الثورة الوحيد في اليمن الذي استجاب للنداء ووفر غرف عزل للمرضى.
مدير المستشفى، احمد قاسم العنسي، يقول: "رغم الإمكانيات المتواضعة وازدحام المستشفى وفرنا غرف عزل من عشرة أسرة بحسب توجيهات وزارة الصحة، لكن بقية المستشفيات لم تقبل تلك التوجيهات وهذه معالجات تنذر بكارثة، فقد زادت حالات الإصابة بالمرض بين أوساط العاملين في المستشفى لتصل إلى 40 حالة فضلا عن انتقال العدوى بين أوساط المرضى الآخرين في أقسام المستشفى الأخرى".
ويحكي مدير مستشفى الثورة قصصا لكيفية انتقال العدوى بين المرضى والأطباء فيقول: "أصيب احد الأطباء بالفيروس من احد المرضى أثناء محاولة إنعاشه، فيما أصيب طبيب آخر أثناء عمله في الطوارئ، وقد طالبنا الوزارة بتوفير المستلزمات وتخصيص مستشفى أو مركز لاستقبال مثل هذه الحالات ".
ويضيف: "الفيروس يؤثر في الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة وعندنا أمراض مصابين أصلا بنقص في المناعة مثل مرضى السرطانات، كما أن هناك مرضى آخرين في المستشفى يستخدمون علاجات تهبط المناعة إلى الصفر، ولدينا مواليد خدج، كما أن هناك مرضى ذوي مفاصل صناعية، وآخرين زارعين للكلى، والمفروض أن يخصص مكان بعيد للعزل".
ويؤكد أن "العناية المركزية في مستشفى الثورة أغلقت لمدة ثلاثة أيام ثلاثة أيام بعد اكتشاف إحدى حالات الإصابة بإنفلونزا الخنازير داخلها، وتم تأجيل العمليات الجراحية وحصلت إرباكات للمستشفى شلت حركته".
ويقول أطباء آخرون إنه "أيام الوزير السابق تم تهيئة مستشفى متنه لمواجهة مثل هذه الأوبئة، ففي كل دول العالم تخصص مستشفيات خارج المدن فالمنطقة المفتوحة تساعد على منع انتشار الفيروسات وليس هناك ما يبرر توزيع المصابين على المستشفيات المزدحمة بالمرضى كمستشفى الثورة".
لكن الدكتور محمد الصعيدي من مستشفى الكويت الجامعي، يقول إن المستشفى يستقبل حالات مصابة بالفيروس رغم أنه لا تتوفر فيه أدنى الخدمات الطبية البسيطة.
ويؤكد الصعيدي وفاة حالتين بهذا المرض في المستشفى، ويقول: "المستشفى يستقبل الحالات في وقت يعجز عن توفير كمامات للكادر الطبي".
تقصير وانعدام تخطيط
يلخص أحد الأطباء ضعف التوعية الإعلامية لوزارة الصحة بشأن من يشتبه فيهم الإصابة بفيروس إنفلونزا الخنازير بالقول: "هناك قائمة تلفونات طوارئ في كل محافظة، إلا أن معظم العاملين في القطاع الصحي لا يعرفها فكيف سيعرفها الناس العاديين؟ للأسف الشديد هناك أطباء لا يعرف الخطوات التي يجب اتباعها حال تأكد إصابة المريض بالفيروس، وبعض الأطباء لا يزال منكرا أن يكون هناك فيروس اسمه إنفلونزا الخنازير".
لا توجد مراكز خاصة تابعة لوزارة الصحة مزودة بأطباء متخصصين لاستقبال الحالات المصابة أو المشتبه بإصابتها.
كل المواطنين يسمعون أن على المريض التوجه إلى أقرب مركز صحي لفحص حالته، وهو خطأ كما يراه بعض الأطباء وحجتهم أن الفيروس سريع العدوى وستكون كارثة في حال انتشار الفيروس في كل المراكز الصحية.
كما أنهم ينتقدون عدم وجود أجهزة لفحص المصابين بالفيروس، حيث لا يوجد سوى ثلاثة أشخاص يترصدون الوباء في أمانة العاصمة، وهم من يأخذ العينات من المواطنين وليس لهم مكان معين سوى التواصل معهم تلفونيا.
يقول أحد المصابين: "حاولت التواصل عشرات المرات ولم أفلح، فتلفوناتهم مشغولة باستمرار، لكن رسالة من جوالي جعلت أحدهم يتعاطف معي، فهواتفهم تستقبل الاتصالات من كل أنحاء الجمهورية ولا توجد غرفة عمليات ولا آلية متبعة للعمل".
تأخذ عينة الدم من المشتبه بإصابته بالمرض ويخضع للعزل ثم تنقل العينات إلى مركز الترصد الوبائي من خلال مندوب المركز ومن ثم إلى المختبر المركزي الذي يعيد النتائج لمركز الترصد ويتم إبلاغ أصحاب العينات بنتائج الفحص هاتفيا لمن تم عزله في البيت، وللمستشفى لمن هو حالته خطيرة وتم عزله فيه.
يشكو الأطباء والمرضى من تأخر نتائج فحص عينات الدم في المختبر المركزي، وقد تصل إلى أربعة أيام كحال "ابراهيم"، الممرض في مستشفى الثورة والذي أصيب بالفيروس.
فهناك جهاز وحيد للفحص في المختبر المركزي، ويستقبل عينات الدم من كل محافظات الجمهورية، وهذا التأخير يجعل المريض في حالة نفسية صعبة.
يقترح أحد الأطباء لتجنيب اليمن كارثة هذه الجائحة أن "تقسم وزارة الصحة المحافظات إلى عدة مناطق وتعمل مراكز لاستقبال المصابين وفحص الحالات، فمثلا تقسم العاصمة صنعاء إلى أربع مناطق، فالشخص المريض الموجود في جنوبها سيتوجه إلى المنطقة الأقرب بدلا من التنقل من شارع إلى شارع والمجيء إلى مستشفى الثورة أو الكويت ويشق صنعاء عرضا وطولا وهو يذر الفيروس كالرماد".
طبيب كبير في أحد المستشفيات الحكومية المشهورة يقول: "وزارة الصحة تتخبط ولم تتضح خططها لمواجهة إنفلونزا الخنازير ولعجزها فإنها ترمي بالمسؤولية على الآخرين".
ويضيف: "لولا لطف الله بهذا الشعب لحلت الكوارث من هذه الأمراض الوبائية الخطيرة فالجهات المعنية في وزارة الصحة ليس لديها آلية لمواجهة الأوبئة، وأداؤها متدنٍّ يقتصر على الإعلان في الوسائل الإعلامية عن الفيروس ولم تقم بأي عمل ملموس حتى الآن، وإذا ما تحركت فإن اليمن ستدخل في كارثة بسبب إنفلونزا الخنازير خاصة في فصل الشتاء".
الصحة: هناك تهرب من تحمل المسؤولية
وزارة الصحة، وعلى لسان الدكتور عبد الحكيم الكحلاني، مدير عام مركز الترصد الوبائي، أكدت صحة عدم قبول كثير من المستشفيات للمصابين بفيروس إنفلونزا الخنازير.
ويقول الكحلاني: "هناك صعوبة كبيرة في إقناع المستشفيات بقبول مصابين بالفيروس رغم توجيه وزير الصحة للمستشفيات برفع الجاهزية والاستعداد لاستقبال حالات مصابة. فمدراء المستشفيات وجميع الأطباء ملزمون بمعالجة المرضى وإدخال من إصابته شديدة، وأي مستشفى لديه جهاز تنفس صناعي وغرفة عناية مركزة لا يجوز أن يرفض استقبال المرضى".
ويشير إلى أن وزير الصحة وجه بشراء ثلاثة أجهزة إضافية لفحص المصابين، لكن لم تصل بعد.
ويضيف: "حتى الآن الإخوة في المختبر المركزي قادرون على التعامل مع ضغط العينات، حتى إن حصل تأخير لبعض النتائج، فإن الأهم أننا نبدأ بالعلاج فور أخذ العينة دون انتظار النتائج فأخذ العلاج مبكرا مهم جدا لإنقاذ حياة المريض إذا كان مصاب فعلا بـ"إتش1 إن1"، وإن لم يكن مصاب فالعلاج لن يضره بل ينفع حتى للإنفلونزا الموسمية".
أما عن توفير مستلزمات الوقاية فيقول: "الوزارة والمركز يوفران للمستشفيات الكمامات الطبية من النوع "إن 95" وأدوية الإنفلونزا ومسحات "إتش1 إن1" ولكن المسألة ليست في الكمامات وإنما في الهروب من تحمل المسؤولية برعب مبالغ فيه وبصورة غير إنسانية من بعض الأطباء أو الممرضين بالرغم من أن كثيرا من مدراء المستشفيات متفهمون ومتعاونون".
وعن المعقمات في المستشفيات يقول: "هذه مسؤولية كل مستشفى ويجب أن يوفرها طوال السنة حتى ولم يكن هناك فيروس "إتش1 إن1"".
وحول اعتبار نسبة تجهيز غرف العزل في مستشفى الثورة بأنها تصل إلى الصفر، يقول الكحلاني: " بساطة ودون تهويل من المستشفيات، المطلوب عدة غرف وأسرة وتخفيف المخالطة وليس فيروس "إتش1 إن1" أول مرض مُعدٍ في العالم".
ويضيف: "من أهم مسؤوليات كل مستشفى منذ أن بدا الطب في العالم أن يهتم بمكافحة العدوى وأن يخصص بعض الغرف لعزل أي مريض معدي ويوفر جهاز تنفس صناعي ونحن في الترصد نعالج ونعزل 95 بالمائة وهي الحالات الخفيفة والمتوسطة والباقي فقط 5 في المائة من الحالات تحتاج لرعاية المستشفى وعليهم تحمل مسؤولياتهم".
وينفي الكحلاني أن يكون هناك 40 كادرا في مستشفى الثورة أصيبوا بالفيروس، ويقول: "12 فقط أصيبوا، ونحن في الترصد الوبائي قمنا بتقديم واجب الخدمة لهم إلى منازلهم وصرف الأدوية والكمامات لهم ولأسرهم وهذا واجبنا نحوهم وليس فضلا منا، وجميعنا معرضون للإصابة ونحن نخالط 95 بالمائة من الحالات وقد أصيب بعضنا فعلا لكن لا نتهرب".
ويؤكد أن المركز يأخذ العينات من المرضى وينقلها إلى المختبر ثم يعود إلى منازل المرضى لمعالجة مخالطيهم.
قلق من الانتشار
على غير العادة بدأ العام الدراسي الجديد مع مخاوف صحية طغت على مخاوف الهم المادي التي تتكرر كل عام.
ففيروس إنفلونزا الخنازير هو رعب بالنسبة لكثير من الأسر، فيما لا يزال عبارة عن "مؤامرة على المسلمين من قبل الغرب واليهود" عند البعض.
من المقرر أن يلحق طلاب التعليم الأساسي بطلاب الثانوية في الانتظام إلى مقاعد الدراسة هذا الأسبوع بعد شهر تقريبا من التأجيل للقيام بإجراءات احترازية بين وزارتي التربية والصحة في مواجهة فيروس إنفلونزا لخنازير.
8 حالات مصابة بالفيروس اكتشفت بين طالبات مدرسة أروى الثانوية للبنات.
ابتسام العاضي، وهي أخصائية صحية بالمدرسة التي ظهرت فيها الحالات، تقول: "ما هو متاح ومتوفر لدينا هو توعية الطالبات بتكثيف النظافة من خلال مسح الطاولة والكرسي الذي تجلس عليه وفتح النوافذ واستخدام المناديل بعد الأكل والشرب ووضعها في أكياس خاصة، وعدم التجمع وتجنب التقبيل ولبس القفازات أثناء المصافحة".
تضيف: "هناك من اتبع التعليمات وهناك من استهتر بها، ونحاول قدر الإمكان وضع طالبتين فقط على الطاولة خاصة خلال هذه الفترة التي لم يكتمل فيها عدد الطالبات رغم أن ذلك سيكون أمرا صعبا، لأن عدد الطالبات كبير ويصل في بعض الفصول إلى 80 طالبة".
وتؤكد العاضي أن المدرسة قامت بترتيب غرفة ترصد يتم فيها فحص أولي للطالبات التي فيهن أعراض الإنفلونزا الموسمية، بعد ذلك يتم التواصل مع الدكتور الخاص بالدائرة التي تقع فيها المدرسة وشرح الحالة ومتابعتها إلى أن تظهر النتيجة.
مدرسة الكيمياء، نادية دبا، تطوعت لفحص الحالات التي قد تكون مصابة بالفيروس، وتقول إنها قامت بهذا العمل كونه "عملا إنسانيا"، خاصة وأن جميع المدرسات رفضن القيام به خوفا على صحتها.
تشير هنا إلى أن الخوف والهلع بين المدرسات والطالبات ازداد مع "ظهور بعض الإصابات"، وتقول إن "التسمية كان لها دور كبير في إثارة الرعب بين الطالبات".
وتطرقت إلى غياب الوعي الصحي لدى الأسر. وتحكي قصة طالبة اشتبه بإصابتها بالفيروس وطلب منها العودة إلى البيت، وتقول: "في اليوم الثاني جاءت أمها وعلامات السخط والغضب بادية على وجهها لتؤكد أن ابنتها ليس فيها أعراض المرض وأنها تعرضت لصدمة برد عادية والمحزن المضحك في آن واحد أن هذه الأم موظفة في وزارة الصحة!".
وعلى العكس من تلك الأم، فوالد الطالبة (ن. ع) الذي وجدته في ساحة المدرسة، أكد لي أن ابنته التي تدرس في الثالث الثانوي - قسم علمي في إجازة بسبب إصابتها بإنفلونزا عادية.
يضيف: "تم إجراء الفحوصات اللازمة لها ولم يظهر إصابتها بفيروس إنفلونزا الخنازير، لكننا متفهمون لإجراءات المدرسة حرصا على سلامة البقية". ويقول إن ابنته كانت متأزمة نفسيا قبل ظهور الفحوصات رغم تأكيد الطبيب لها أن العلاج سهل وسريع في حالة التحقق من إصابتها.
ازدحام وقلة نظافة
الخوف من هذا الفيروس تضاعف لدى الآباء والأمهات بالذات من لديهم أطفال في مستويات التمهيدي والأساسي، وهناك عدد من الأسر قامت بتأجيل تدريس أبنائها هذا العام، ومنهم أسرة محمد الحليلي.
يقول محمد: "سأؤجل تدريس ابنتي روان إلى العام القادم حتى نعرف أكثر عن لقاح ضد هذا الفيروس الذي ينتقل بسرعة بين الأطفال بسبب عدم استيعابهم لمخاطره والعجز عن تقييد حركتهم أو إلزامهم بالإرشادات التي يمكن إلزام الكبار بها".
"عبد الوهاب" هو الآخر زار عددا من المدارس لمعرفة مدى اهتمامها بالنظافة حتى يتسنى له تسجيل ابنته.
يقول: "فاجأتني أوضاع دورات المياه في المدارس فهي إما معطلة أو بدون مياه".
وفي المدارس الخاصة يقول: "تشبه دورات المياه المنزلية كون كثير من المدارس مستأجرة في مبان صممت على أن تكون شقق سكنية وليست مدارس".
ويعتبر النظافة معيارا أساسيا للوقاية من الأمراض أو المساعدة في انتشارها خاصة في المدارس. ويضيف: "لذلك فقد حصلت على نسخة من المقرر الدراسي لابنتي وسأدرسها في المنزل تحت إشرافي أنا وزوجتي".
هناك مدارس تشهد ازدحاما كبيرا، فثانوية الكويت مثلا تحتضن أربعة آلاف طالب موزعين على 51 شعبة في الفترة الصباحية، ويتجاوز عدد الطلاب في بعض الفصول المائة طالب، وهو ما يجعل خطر الإصابة بفيروس إنفلونزا الخنازير كارثة.
يقول مدير ثانوية الكويت أحمد الحبابي: "عملنا إجراءات وقائية مثل المحاضرات، وبقاء الأبواب والنوافذ مفتوحة أثناء الدراسة، وصلاحية الحمامات للاستخدام، وكل ما هو في إطار قدراتنا المتاحة، ونحن نبلغ من يعاني من أعراض الإنفلونزا بعدم الحضور والحافظ هو الله".
وحول إجراءات وزارتي الصحة والتربية يقول: "زارنا وزير الصحة مع نائب وزير التربية مطلع الأسبوع الماضي وطلب من إدارة المدرسة تخفيف الازدحام، ويعني ذلك أن نفتح فترة مسائية وبالتالي على الوزارة توفير مدرسين حتى يتسنى للمدرسة ان تدرس ألفي طالب صباحا ومثل هذا العدد في المساء".
والوضع هو ذاته في مدرستي 7 يوليو للبنات ومدرسة الشهيد الزبيري للبنين، فكلتا المدرستين يتجاوز عدد الطلاب فيها الألفين.
يقول مدير مدرسة الزبيري، عبد الرقيب محمد، إن مدرسته اتبعت الإجراءات الخاصة بالإرشادات ولا يوجد أي اشتباه في أي حالة داخل المدرسة.
يضيف: "كل ما حصلنا عليه هو مجموعة من البروشورات التي تحمل تعليمات خاصة بالوقاية من المرض وإلى الآن مازال عدد الطلاب قليل ونحن نعمل وفق الإمكانات المتاحة للمدرسة ونحاول عبر المجلس المحلي إدخال مراوح الشفط الهوائي، وحمامات المدرسة الجديدة صالحة للاستخدام ونقوم الآن بترميم الحمامات القديمة، ولكن المنطقة التي تقع فيها المدرسة مياهها قليلة والمدرسة بدون ماء منذ أسبوع".
وبدورها تقول وكيلة مدرسة 7 يوليو، إلهام المرتضى، إنه تم تعليق لوح حائطية تضم عددا من الإرشادات الوقائية بالمرض لتوعية الطالبات، وأنه تم تحذير الجميع بعدم الحضور في حالة تعرض أحد لأي أعراض زكام أو برد.
أما بالنسبة للإجراءات التي تم تنسيقها بين المدرسة ووزارتي الصحة والتربية تضيف "تم جمع مدراء ووكلاء المدارس إلى مدرسة واحده وتم تعريفهم بالإرشادات الوقائية وتم توزيع كتيب إرشادي للوقاية".
تنسيق بدون كمامات
مدير إدارة الصحة بمكتب التربية والتعليم في أمانة العاصمة، كمال الورد، من جهته، يقول إنه "تم تشكيل غرفة عمليات على مستوى أمانة العاصمة وتم تدريب مشرف صحي على مستوى كل مدرسة لمواجهة الحالات وكيفية اكتشافها وكيفية التعامل معها كما قمنا بحملات توعية وتوضيح الإرشادات الهامة التي يجب على الطلاب إتباعها".
ويضيف: "بدأنا بتدريب مدراء عموم المديريات ومدراء المناطق التعليمية ومدراء مكاتب الصحة بالمديريات وأمانة العاصمة".
مدير عام مكافحة الأمراض والترصد الوبائي بوزارة الصحة، الدكتور عبد الحكيم الكحلاني، يقول: "تم توزيع دليل إرشادي مبسط، فيه معلومات سهلة لمكافحة المرض ووقايته وكيفية اكتشاف الحالة والتعامل معها وتم اختيار مدرسين من المدارس وتدريبهم بكيفية اكتشاف الحالة والتعامل معها وما عليهم إلا قراءة الدليل وإن وجد طالب يعاني من الإنفلونزا العادية يعطى إجازة".
وعن بقية الإجراءات كالكمامات مثلا يؤكد أن وزارة الصحة ليس من مهامها توزيع كمامات لملايين الطلبة، وأن ذلك يعود لمدى اهتمام الطالب بوقاية نفسه.
منافذ بدون رقيب
مثلهم مثل كل المعتمرين اليمنيين دخل 30 صحفيا من منفذ حرض الحدودي عائدين من المملكة العربية السعودية دون مرورهم بأجهزة أو فحوصات للاطلاع على من أصيب منهم بفيروس إنفلونزا الخنازير ومن لم يصب.
الجميع اقتنع أن منافذ اليمن الجوية والبحرية والبرية "سائبة" وأن الفيروس يدخل مع القادمين بدون رقابة أو حتى إزعاج.
يقول الصحفي أمين الصفا وهو يعتصر ألما: "ماذا يمكننا أن نقول عن تصريحات القائمين على الصحة ليل نهار عبر وسائل الإعلام ولم نلمسها هنا في أكبر منفذ حدودي".
ومما يزيد من حسرة أمين، كما يقول، أن "الأشقاء في المملكة العربية السعودية بمنفذ الطوال الذي لم يبعد عن منفذ حرض سوى بضع أمتار حريصين على مواطنيهم، فهم يتعاملون بجدية ومستوى إجراءاتهم الاحترازية والوقائية عالية المستوى".
يضيف: "يشارك هناك أفراد الكشافة الطلابية في عملية استقبال وترشيد الوافدين من المعتمرين والزوار عبر منفذ الطوال، ويظهرون حسن استقبال وحفاوة، فيما ترك للشرطة المسؤولية الأمنية".
الإجراءات مصدر القلق وليس الإنفلونزا
اليمنيون لا يخشون الإصابة بالإنفلونزا، بقدر ما يخشون عدم تمكنهم من الحج في الأعوام المقبلة. وهنا يؤكد مندوب فرع وكالة "البراق" للسفريات والسياحة بمكة المكرمة، ضيف الله الصباحي، عدم تأثر موسم العمرة لدى الوكالة من حيث تعداد المعتمرين اليمنيين هذا العام.
يضيف: "استقبلنا هذا الموسم قرابة 600 معتمر يمني بنسبة تزيد عن 75 بالمائة عنه في العام الماضي، وقد وفقوا جميعاً بعون الله في تأدية العمرة، ووفقنا بتوفير وسائل النقل السليمة والسكن الصحي والمهيأ بصورة جيدة راعت فيه النظافة التامة وعدم الازدحام وحرصاً وحفاظا على سلامة المعتمرين".
ويؤكد الصباحي أنه لم يصَبْ أي معتمر بالفيروس، معتبرا أن ذلك "سيكسر حاجز الخوف والقلق لدى اليمنيين في موسم الحج هذا العام".
المعتمر محمد أبو سعيد يقول هو الآخر إن قلقه من جائحة إنفلونزا الخنازير، لم يكن بقدر قلقه من تعقيد إجراءات أداء الحج والعمرة.
مسؤول الأنشطة في الاتحاد العام للسياحة والسفر ناصر الكاهلي، هو الأخر يؤكد أن الجائحة لم تؤثر على نشاط الحج والعمرة.
ويشير إلى أن نسبة نجاح موسم العمرة تصل 99 في المائة، ويقول: "بلغ عدد المعتمرين لهذا العام 22 ألف معتمر، بينما تقدم 23 ألف معتمر، بنقص بسيط عن العام الماضي الذي وصل فيه عدد المعتمرين 28 ألف معتمر.
يضيف: "تواصلنا مع وزارة الصحة، وأكدت لنا عدم إصابة أي معتمر يمني بالفيروس باستثناء حالة واحدة قادمة من جدة وليس مكة المكرمة".
ويؤكد الكاهلي أن نسبة اليمن لهذا العام في الحج تصل إلى 23 ألف حاج وهي نسبة العام الماضي نفسها، وأن عدد المتقدمين حتى منتصف شهر شوال تقارب 18 ألفا وهو عدد كبير إذا ما قارنا بالشروط والاحتياطات الاحترازية التي اتخذت للحد والوقاية من الإصابة بالجائحة كتوزيع النسب والحصص على محافظات الجمهورية وعدم قبول من يزيد عمره عن 65 سنة.
ضحايا بين المتاح والإهمال
آخر إعلان لوزارة الصحة العامة والسكان على لسان الوزير الدكتور عبد الكريم راصع هو ارتفاع الإصابات بإنفلونزا الخنازير المعروف علمياً بفيروس "إتش1 إن 1" في اليمن إلى 921 حالة، شفيت منها 843 حالة والبقية تحت العلاج و13 حالة وفاة.
الحكومة خصصت مليارا و400 مليون ريال لمواجهة هذه الجائحة، واتخذت عددا من الإجراءات أبرزها قرار وزارة الأوقاف والإرشاد بمنع كبار السن والنساء والحوامل والأطفال من أداء مناسك الحج والعمرة هذا العام بهدف حمايتهم من عدوى الإصابة بعد أن أكد الأطباء أن هذه الفئات أكثر عرضة من غيرها بالإصابة نظرا لقلة المناعة لديهم.
أرقام غير دقيقة
رئيس نقابة الأطباء والصيادلة، الدكتور عبد القوي الشميري، يشكك في صحة الأرقام المعلنة من قبل وزارة الصحة العامة والسكان.
ويقول: "أشك أن يكون هناك تشخيص سليم عبر أجهزة معتمدة فوسائل التشخيص محدودة فقط في وزارة الصحة وبالتالي لا نعرف من أين جاء هذا الرقم بالذات أن نسبة الوفيات من المصابين بهذا الوباء طبيا تكون 2 في كل ألف حالة إصابة بالوباء!"
يضيف: "خلال فترة قصيرة ارتفع عدد المصابين عشرات الأضعاف"، محملا وزارة الصحة المسؤولية.
ويشير إلى دراسة حديثة نشرتها منظمة الصحة العالمية مؤخرا تؤكد أن الوضوء يخفف نسبة الإصابة بهذا الفيروس بنسبة 40 في المائة.
وينصح هنا المواطنين بعدم الخوف، خصوصا وأن الفيروس لم ينتشر كما تصوره الشركات ومنظمة الصحة العالمية، ويقول: "هذا الفيروس أقل انتشارا ومضاعفة من الإنفلونزا العادية".
قصور الإجراءات
وزير الصحة السابق، النائب البرلماني الدكتور نجيب غانم، يرى أن المرض ما يزال تحت السيطرة حيث لم يتشكل بعد الفيروس القاتل ولهذا لا يشكل قلقا.
ويستدرك غانم وهو رئيس لجنة الصحة والسكان بمجلس النواب: "الخوف من انتشاره في الأماكن المزدحمة حينها ستكون هناك مؤشرات خطرة كون الأماكن المزدحمة بؤر لانتشاره".
ويدعو هنا الجهات المختصة إلى توعية الناس باعتبار أن أفضل وسيلة للعلاج هي الوقاية سواء لهذا المرض أم لأمراض أخرى خاصة في ظل عدم وجود دواء خاص ومخصص له.
ويطالب غانم وزارة الصحة بتوسيع دائرة الرصد وفصل الحالات المصابة والقيام بمعالجتها بعد التأكد من إصابتها من خلال التشخيص السليم.
ويقول: "لا بد من تكثيف الإجراءات الوقائية وما قامت به الجهات المختصة حتى الآن لا يكفي، إذ إن هناك كثيرا من المواطنين مازالوا يتساءلون عن هذا الفيروس وماهيته وطرق الحماية".
ويعتبر "انتشار الوباء وارتفاع عدد الوفيات والإصابات بموجب الإحصائيات الرسمية دلالة على أن إجراءات الوزارة الصحة مازالت قاصرة".
وقد سبق لرئيس لجنة الصحة والسكان في البرلمان أن دعا مجلس النواب إلى اتخاذ قرار ملزم لوزارتي الصحة والمالية "بتوفير الإمكانات اللازمة لمركز الترصد الوبائي، وإيلاء موضوع الوباء اهتماما كبيرا وإلزام الجهات المعنية لاتخاذ التدابير اللازمة لمكافحته والحد من انتشاره".
جهود بقدر الإمكانات
الدكتور عبد الحكيم الكحلاني، مدير عام الترصد الوبائي والناطق الرسمي باسم اللجنة العليا لمواجهة إنفلونزا الخنازير، أكد صحة الأرقام المعلنة وأنها بناء على تشخيص سليم.
ويضيف: "عندما نعلن يقال إنها أرقام مبالغة وعندما نخفي سينتقدون ويتساءلون عن سر ذلك".
ويرجع الكحلاني ارتفاع الحالات إلى طبيعة الفيروس وسرعة انتشاره و دليل على القصور، ويقول "هناك دولة غنية ومتقدمة تعلن عن اكتشافات متواصلة وبأرقام مرتفعة، ونحن نعمل بقدر إمكانياتنا لمواجهة هذا الوباء".
علاج وشائعات
تؤكد المصادر الطبية المتعددة أن هناك أدوية مضادة للفيروسات ولمكافحة الإنفلونزا الموسمية، وأن العديد منها متوفر في بعض البلدان العربية، وأن تلك الأدوية قادرة على الوقاية من مرض إنفلونزا الخنازير وعلاجه بفعالية.
ويعد الدواء السويسري المسمى "تاميفلو" فعالا ضد فيروس الإنفلونزا الموسمية، واعتمدته منظمة الصحة العالمية مؤخرا كمضاد للفيروس المسبب لإنفلونزا "إتش1 إن1" وكذا فيروس إنفلونزا الطيور، ويتم إنتاجه من قبل العديد من شركات الأدوية على مستوى الوطن العربي والعالم.
في اليمن، أعلنت شركة "يدكو" للأدوية والمستلزمات الطبية عن تطوير هذا الدواء بعد أخذ ترخيص من شركة "هيثرو" المرخص لها من الشركة الأم "روتش" السويسرية.
يقول الدكتور محمد الغيلي، نائب المدير العام للشؤون الفنية في الشركة: "إن تطوير هذا الدواء جاء بدافع المسؤولية وليس الربح المادي خصوصا بعد تفشي الفيروس في البلاد".
ويؤكد ضرورة التفريق بين مسألة اكتشاف الدواء وتصنيعه. ويقول: "الشركة صنعت الدواء على غرار ما هو موجود في الشركة الأم، وأن الحالات التي تناولت الدواء شفيت تماما".
وعن الآثار الجانبية يقول: "يفترض أنها سابقة وقد أجريت على الصنف الأصلي، وأي صنف دوائي جديد يتم إجراء أبحاث عليه في الشركة الأم، ومن ثم يتم تصنيعه في أكثر من شركة وفق تلك الدراسات والأبحاث العالمية".
ويشير الغيلي إلى أن الدواء لم ينزل السوق بعد، وأنه يخضع للاختبارات والفحوصات اللازمة، ويتم تسجيله في الهيئة العليا للأدوية ويأخذ موافقة وزارة الصحة.
الجهة الرسمية تقلل من أهمية الشائعات
يتواجد الدواء على شكل كبسولات، وشراب معلب، فالجرعة الواحدة هي عشر كبسولات يتم تناولها على مدى خمسة أيام –كبسولتين كل يوم– ولا يتم صرفها إلا بنظر الطبيب. ونفس تركيبة هذا الدواء هو ما تصرفه وزارة الصحة مجانا للمرضى في حالة خطيرة.
وبحسب مدير الترصد الوبائي في وزارة الصحة، فإن "اوسليتا ميلفير" (75 ملجم) لا يعطى إلا للمرضى في حالة خطيرة.
أما عن اللقاح الواقي ضد المرض فيقول: "مازالت وزارة الصحة تنتظر وصول كمية منه نهاية نوفمبر المقبل، بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية مؤخرا عن توفيره لعدد من البلدان النامية، ومنها اليمن".
وإلى جانب الإرشادات والإجراءات الوقائية التي تؤكدها الجهات الصحية الرسمية، يبدو أن اللقاح الذي أعلنت عن توفيره منظمة الصحة العالمية خلال الأيام المقبلة، هو السبيل الوحيد لمواجهة انتشار الوباء.
لكن المشكلة أن هذا اللقاح تطارده شائعات كثيرة ترددت على مدى الأشهر الماضية، وتتلخص في كون المواد الداخلة في تركيبته تؤدي إلى تدمير الجهاز المناعي لجسم الإنسان.
وهو ما نفته مصادر طبية في عدة بلدان عربية، ومنها بلادنا، فقد قلل مدير الترصد الوبائي في وزارة الصحة من أهمية هذه الشائعات.
ويؤكد أن اللقاح خالي تماما من أي ضرر وانه شيء مهم، لكنه لم ينف حدوث بعض المضاعفات الجانبية مثل أي لقاح سابق.
مدير التسويق في الشركة الدوائية الحديثة، الدكتور فهيم الخليدي، يقول إن الشركة تفكر في تصنيع الدواء السويسري"تاميفلو" بعد التواصل مع الجهات المعنية.
ويضيف: "الدواء مضاد فيروسي فعال يستخدم لجميع العدوى الفيروسية، و التخوفات والشائعات حول المرض غير مبررة وليس لها أي أساس علمي وان العلاجات ربما تكون لها آثار وسلبيات كأي علاج آخر".
تشير منظمة الصحة العالمية أن معظم حالات إنفلونزا الخنازير شُفيت تماماً من المرض دون أيّة رعاية طبية، ودون أدوية مضادة للفيروسات، ولكن قد يحتاج عدد من المصابين إلى العلاج بالمضاد الفيروسي وذلك لتفادي المضاعفات.
يتوفر نوعان من مضادات الفيروسات تستخدم ضد فيروس الإنفلونزا، وتقلل من حدة المرض والمضاعفات الناتجة عنه.
احتمال صعب
يفجر هنا الدكتور احمد قاسم العنسي مدير مستشفى الثورة توقعات وراء انتشار فيروس إنفلونزا الخنازير لم يتم التحقق منها من قبل أي جهة حتى الآن.
يقول العنسي: "هناك لعبة قذرة وراء انتشار أمراض جديدة مثل جنون البقر وإنفلونزا الطيور وسارس وغيرها وكلها انتهت من العالم".
ويؤكد أن تلك الفيروسات جاءت في إطار "حرب بيولوجية تقوم بها شركات أدوية كبيرة حتى يتسنى لها بيع العلاج".
ويضيف: "للأسف هناك دول كبرى تحكم العالم داخلة في إطار هذه اللعبة القذرة ولا يهمها البشر وقد صنعت القنابل الذرية التي تدمر مئات الملايين في لحظة فلا يستبعد أنها وراء فيروس "إتش1 إن1" المعروف بفيروس إنفلونزا الخنازير.
إعداد إدارة التحقيقات الصحفية- فائز المخرفي - سوسن الجوفي - حمزة الحضرمي - شاكر أحمد خالد - أسامة غالب نصر
السياسية |