الإثنين, 30-يوليو-2012
صنعاء نيوز - رغم تلهف الكثيرين لإصدار القرار الجمهوري بإنشاء اللجنة الفنية للحوار الوطني وتطلع العديد لاحتواء اللجنة على أسماء وشخصيات جديدة تعكس الرغبة في التغيير والتعبير الحقيقي صنعاءنيوز/د. يحيى بن يحيى المتوكل - -
رغم تلهف الكثيرين لإصدار القرار الجمهوري بإنشاء اللجنة الفنية للحوار الوطني وتطلع العديد لاحتواء اللجنة على أسماء وشخصيات جديدة تعكس الرغبة في التغيير والتعبير الحقيقي والصادق لما يعاني منه المجتمع اليمني من أقصاه إلى أقصاه، فقد وقع القرار وقع الصدمة وخيبة الأمل التي ظهرت بادية على الأفراد وفي تصريحات العديد من الفئات والجماعات داخل الشعب اليمني التي رأت أنها لم تُشرك أو تمثل التمثيل المناسب أو أن غيرها حظي بدور أكبر مما يستحق، أو اختلط الأمر عليها فاعتقدت أن هذه اللجنة هي لجنة الحوار الأوسع التي ُيفترض أن تجلس حول طاولة الحوار لتتناول الشأن اليمني وتحدد ثوابت ومسارات اليمن المستقبلية. ونافلة القول أنه مهما كان شكل القرار أو تشكيلة اللجنة فإنه لا مناص من أصوات الاحتجاج هنا وهناك، فإرضاء الناس غاية لا تدرك.
وقبل تناول هذا القرار وحيثياته، فإن توقيته جدير بالوقوف عنده، خاصة وأن اللقاء المشترك والساحات أكدت في غير مرة أنها لن تشارك في الحوار الوطني إلا بعد هيكلة الجيش ولو المرحلة الأولى المتمثلة في إخضاعه لقيادة واحدة، وهو ما لم يتحقق حتى اليوم في ظل استمرار انقسامه بين الجانبين الثوري والحرس الجمهوري. فماذا حدث حتى تغير تلك الأطراف موقفها؟ الواضح أن العامل الخارجي وتحديداً رعاة المبادرة الخليجية وكذلك المبعوث الأممي جمال بن عمر يقومون بدور كبير للضغط على اللقاء المشترك من ناحية، في حين يلعب عامل الزمن دوراً معززاً في التأثير على المواقف السابقة والمعلنة وبشكل رئيسي على الشباب الذين يشعرون اليوم بالتفكك والإحباط الذي يخيفهم من خسارة كل شيء، وبالتالي بدأوا يفكرون في الحصول على «شيء أفضل من لا شيء»، وهذه هي السياسة بعينها بعد فقدان الثورة المستلبة وقودها.
أما بشأن القرار، فأعيب عليه بعده كل البعد عن الموضوعية في تحديد المعايير التي يتم اختيار الأعضاء استناداً إليها، وكذلك عدم الشفافية والتي كان يمكن أن تمثل مشاركة غير مباشرة تتيح للجميع الاطلاع ومعرفة خلفيات وأسس القرار وتضمن الحيادية وتحقيق الأهداف المعلنة، بل وقد تساعد على تصحيح وتفادي بعض الأخطاء التي يمكن أن تقع. ولا شك أن مسئولية هذا القرار تتحمله لجنة الاتصال والتواصل والتي عملت خلال الفترة الماضية بالأفكار والآليات المعتادة التي لا يمكن أن تنتج إلا المعطيات التي شهدناها في القرار، وكأن اليمن محكوم عليه بأنماط وأشكال تقليدية تشتكي هي نفسها من التقليد، ومحكومين أيضاً بأشخاص معدودين احتكروا السلطة سابقاً ولاحقاً. بل أذهب أبعد من ذلك لأنيط اللثام عن نفسٍ واحدٍ في صياغة المبادرة الخليجية وهذا القرار، وكأننا كيمنيين غير قادرين على بلورة القرارات والأبعاد المصيرية لنا ولأجيالنا القادمة. ولا أريد أن يُفهم من كلامي هذا انتقاص في حق شخصيات من تيارات مختلفة لها باع طويل في العمل السياسي، إذ يحق لها ما يحق لغيرها، إلا أن استيلائها على القرار في اللجان المختلفة بحكم ثقلها السياسي والتاريخي لا يخليها من المسئولية الوطنية والأخلاقية التي تدعوها لإفساح المجال لآخرين وخاصة الشباب «الذين خلقوا لزمان غير زمانكم»، كما ورد في الأثر. إن استمرار هذه السيطرة وذلك الاستحواذ ينم عن صورة من صور الشمولية وطبائع الديكتاتورية، ولا يختلف بأي حال عن سلوك النظام السابق وسلبياته التي أدت إلى الانتفاض عليه وإلى التضحيات الكبيرة التي قدمها الشهداء والمصابين في الساحات وكذلك المعاناة التي تحملها الشعب وما زال حتى يومنا هذا. فهل يُعقل أن تقودونا إلى اليمن الجديد بنفس المقود الذي نطالب بتغييره؟ الله المستعان عليكم.
المهم في الأمر، وإن كان قرار تشكيل اللجنة وتحديد مهامها قد أصبح أمراً واقعاً، أن لا تتكر الأخطاء عند تشكيل لجنة الحوار الوطني الموسعة، وخاصة في إبقاء أصوات الأحزاب الحاكمة (المؤتمر والإصلاح والاشتراكي) هي الأعلى، على حساب الأفكار والآراء الجديدة والمعبرة عن تطلعات غالبية الشعب اليمني غير المحزب وخاصة الشباب بيمن جديد تسوده الحرية والكرامة وسيادة القانون. فإذا استمر الحال على ما هو عليه الآن، فلن نجد من التغيير إلا إسمه ومن الحرية والكرامة والمواطنة المتساوية إلا رائحتها، وتذهب أرواح الشهداء وجراح المصابين وتضحيات الشعب مع الرياح، فهل تقبلوا لنا ذلك؟ إن أهم مهام اللجنة التحضيرية هو اقتراح أعضاء لجنة الحوار والتي نأمل أن يتم من خلالها تلافي القصور الموجود في اللجنة الفنية التحضيرية، وكذلك تحديد أجندة الحوار التي يجب أن تكون جامعة مانعة لكل المظالم التي عانى منها شعبنا اليمني بإجماله أو في بعض مناطقه وفئاته على امتداد نصف القرن الماضي حتى نمهد لمصالحة وطنية حقيقية وكاملة تعيد اللحمة وتبعد شبح الإنفصال وتهديدات الطائفية والمذهبية التي تغذيها جهات خارجية، وخاصة في هذه الفرصة التاريخية التي يمكن أن لا تتكرر. وثالثاً، على اللجنة أن تضع الآليات الواضحة التي تمكّن الجميع من التعبير عن قضاياهم بحرية كاملة واقتراح المعالجات التي يمكن أن تحقق توافقاً وطنياً دون إرباكها بمماحكات وخداع سياسي غلب على أعمالنا ومناشطنا خلال العقود الماضية. ولا مفر من أن يُختتم الحوار بالتوافق وليس بفرض الأمر الواقع الذي بات سياسة الدولة منذ أمدٍ غير قريب كمقاربة لمن يملك القوة ولا يمتلك الحق ولا الحجة، فلا يوجد أمامنا طريق سالك آخر غير الحوار الجاد والصريح الذي نتجاوز به كل الأخطار المحدقة بوطننا، والله الموفق والمستعان.

[email protected]
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 10:21 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-15904.htm