صنعاء نيوز/بقلم فؤاد الخفش كاتب وباحث مختص في شؤون الأسرى الفلسطينيين -
الأسير المحكوم بالمؤبد سبع مرات أحد فرسان فلسطين المحتلة ابن بلدة سلواد التي قدّمت لفلسطين الكثير الكثير مؤيد شاكر حماد نوع خاص من الرجال وحكاية مميزة من حكايا الأسر تختلف عن باقي الحكايات والقصص المنسوجة بدمع وحزن وألم وفراق .
مؤيد أبو حمزة قلب أسد بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، وصف عمله البطولي وهو إطلاق النار من نقطة الصفر مع مجموعته على أحد حواجز رام الله (عين يبرود) بالعمل الأقوى على الإطلاق والأكثر جرأة ، لا يستطيع أن يقوم به سوى رجل حوى بين جنبيه قلب أسد ...
ما أريد الحديث عنه ليس عمل أبي حمزة البطولي والذي أدى إلى أسره وحكمه بالمؤبدات وبقائه بالسجن منذ ما يزيد عن التسعة أعوام يتنقل من سجن لآخر وتحرم زوجته المجاهدة الصابرة من زيارته ورفض الأفراج عنه في صفقة الوفاء للأحرار .
ما أريد الحديث عنه علاقة مؤيد بأسرته وعائلته والطريقة التي يتواصل بها هذا الرجل مع أطفاله الثلاثة ( حمزه ، وتوحيد، وصغيره بلال) الذي أنجبته أمه ووالده في الأسر.. ليس هذا وحسب بل أنجبته صبيحة هدم الاحتلال لمنزل والده ليولد الطفل بلال بلا أب يؤذن في أذنيه ويضمه لصدره وبلا منزل يؤويه ويبيت فيه فكان صدر الأم الصابرة لبلال والذي يخفي داخله ناراً تشتعل لغياب الزوج والحبيب ولعش الزوجية الذي أصبح ركاماً وأثراً بعد عين ...
ما أصعبها من لحظات !! وما أقساها من أيام تلك التي تسرق الزوج من بين أطفاله !! ليس هذا وحسب بل يهدم البيت ... والبيت في عرفنا نحن أهل فلسطين يعني الكثير ، يعيش الفلسطيني دهراً حتى يستطيع أن يضع الحجارة على الحجارة لتكوين منزل يضم داخله حباً وأحلاماً ومستقبلاً وأمناً وأماناً وأطفالاً .. فيأتي الاحتلال لهدم هذا المنزل وهدم كل الأحلام معه وتبقى الذكرى ...
مؤيد حماد أبو حمزة حاضر مع أطفاله بكل صغيرة وكبيرة ، حباه الله بموهبة الرسم فمع كل مناسبة ومن مواد بسيطة يقوم برسم بطاقات معايدة لأطفاله يبارك لهم نجاحهم في مدارسهم .
تراه في لحظة يرسم لابنه حمزه صورة أسد يربض على باب منزل خلفه ورود وشمس ويكتب له( حمزة أسد ضرغام يحمي بيته وأمه وإخوانه ) بصورة إبداعية جميلة وتحمل في طياتها معاني كثيرة .
وفي صورة أخرى لحبيبته توحيد ابنته يرسم لها وردة وحديقة خضراء ويكتب لها عن جمال الخلق والعفة والطهر وكلمات بها معاني وقيم أخلاقية عالية .
ورسمه أخرى لطفله بلال الذي لم يضمه إلى صدره حتى الآن رسمه بها وعود بمستقبل واعد وبضرورة أن يكون مميزاً بدراسته وخلقه وعين ساهرة تحرس إخوانه .
رسم ورسائل كثيرة تتحدث عن الأخلاق والقيم بكلمات بسيطة وألوان زاهية طريقة من طرق التربية والتواصل عن بعد ابتدعها قلم مؤيد الإنسان مؤيد المحب لأسرته ليبقى على تواصل واتصال مع أسرته في كل المناسبات .
أعمال مؤيد الفنية وطريقة تواصله مع أسرته أتمنى أن ترى النور في يوم من الأيام لتكون رسالة ما بعدها رسالة للعالم توضح رقة الإنسان الفلسطيني وقلبه الكبير وحب لبيته وأمله بالعودة إلى هذا البيت وإن هدم بجرافات الاحتلال مرات ومرات فالحب لا يهدم ...
ما استوقفني مرات ومرات في منزل مؤيد تلك المرأة الفلسطينية العظيمة التي اسمها (أم حمزة) والتي عاش زوجها بالأسر بعيداً عنها أكثر مما عاش معها .. مؤمنة متوكلة على ربها صابرة محتسبة تنتظر مؤيد ما تبقى من عمر ..
قالت لنا أن الرضى بقضاء الله هو أصل الصبر ، وتحدثت عن الحمل الثقيل الذي تركه لها مؤيد أطفالها الصغار وعن مدى صعوبة التربية في ظل غياب الأب وتحدثت أنها ستنتظر مؤيد ما بقيت على قيد الحياة... لله درّها ما أروعها تلك الفلسطينية المؤمنة المتوكلة على ربها تنسج صورة ما أروعها عن زهراوات هذا العصر ..
لمؤيد الحبيب الأسير المقيد في زنزانته يحمل ريشته يخط وصاياه لأطفاله ويذكرهم بمكارم الأخلاق يرسم لهم شمساً وورداً وغصن زيتون وسنبلات شامخات ونخلاً باسقاً كل الحب والتقدير وأعلم أن الله حباك بأسرة مخلصة طيبة كريمة ، عجّل الله في فرجك ولمّ الله شملك وفك أسرك يا سيدنا .. |