الأحد, 19-أغسطس-2012
صنعاء نيوز - صنعاء نيوز صنعاء نيوز/علي ربيع - -


عيد ليس ككل الأعياد، بمذاق الخوف ونكهة الترقب، ليس فيه إجازة ترفيهية في حديقة الحصبة، ولا على شاطئ عدني ساحر، عيد احترقت قبله أبين وتململت تعز، وفجعت بين يديه عدن بخمسة عشر أو يزيدون من أبنائها، ولا تزال صنعاء تترقب أسوأ مخاوفها، عيد الجارة الجوف، والشقيقة صعدة، وإن طال الأمد إلى عيد جديد فمن يدري كم ستصبح الأشلاء وكم ستتعدد الجروح النازفة ما لم تصدق ضمائر الساسة اليمنيين.
< لسنا في مناحة بالتأكيد، لكنها سطوة اللحظة، الناس يتوقعون منا ككتاب أن نكون على بصيرة لنقول لهم ما يودون سماعه أو يحلمون به، للأسف صرنا معهم على حصيرة الحيرة الواحدة، ونراهن فقط على أفضل ما يمكن أن تخطه أقلام الأقدار الإلهية، فجميع من ينتمي للجنس البشري في لحظة كهذه لا يملك سوى أن يقول يا الله.
< الرهان على الوقت يكاد يستنفد الرمق الأخير في بطارية الحيرة والمراوحة، وأخشى أن ينفد نهائياً لتواجه الحكومة المتوافقة بطرفيها غضبة الجياع وخوفهم وجنونهم الصامت حتى الآن، لسنا في بلجيكا ولا في أوروبا الاسكندنافية، نحن في اليمن، مؤسساتنا هشة مع فساد يتمادى، وموارد لا تكاد تذكر وفاتورة احتياجات بشرية باهظة.
< لسنا ليبيا التي تسبح على بحيرة من النفط الفاخر، وسيتهافت العالم الرأسمالي وغير الرأسمالي لمداواة جروحها، وإن غلظت الفاتورة سيدفع الليبيون حتى آخر دولار خسره النيتو وحلفاؤه، ولسنا نحن ليبيا الثروة والسكان، لذلك نؤكد أننا في مأزق حرج ربما يتعامى عنه السياسيون وأمراء الحروب وأرباب التنفذ والهيمنة، وإن طال تعاميهم أكثر نخشى أن يتسع الخرق على الراقع وربما يتلاشى القميص برمته ولا يبقى لأحد منه ما يستر سوأته..
< مكرهاً أخاك لا بطل، تنحى مبارك وامتطى بن علي بساط الإيرباص، وقتل القذافي بهمجية ، وغادر الرئيس صالح الحكم، ولا ندري ما سيؤول إليه حال بشار؟! وربما بعد عقود ستدرك الجمهوريات العربية أنها هي مع فارق التوقيت فقط، مصارعة الحياة من أجل البقاء، لن تصبح مصر انجلترا ولا ليبيا إيطاليا ولا سوريا إسرائيل ولا اليمن ألمانيا، لأنها بكل بساطة بحاجة إلى ثورة على الثقافة التي تحكمها قبل أن تثور على حكامها.
< ليس لنوعية نظام الحكم علاقة بالرفاه المعيشي والتقدم الحضاري، ملكي، جمهوري، برلماني، الحزب الواحد، المسألة لها علاقة بالعلم والمعرفة والإرادة والنمط الثقافي المهيمن على الوعي، لن يتقدم العرب ما لم يتم الاعتراف بالإنسان الفرد محوراً للتنمية باعتبار عقله هو الثورة والثروة معاً، وما يستدعيه ذلك من متلازمات العدل والمساواة والقانون وإتاحة الفرص.
< فشل العرب منذ ما سمي بالنهضة العربية في تحقيق أي شيء من النهضة، اعتقلتهم طوباوية الثقافة الاجتماعية، ففشلوا جميعاً يساريين وقوميين ورأسماليين وانتهازيين، الجديد فقط أن الناقة أصبحت (تويوتا) والحمار(مرسيدس)، واستمرت القبائل في هيئة دول تتآمر على بعضها وتكدس الأسلحة ضد بعضها وشعوبها، في ظل إيمان وحيد بالثروة الريعية لتحقيق الرفاه الاستهلاكي، وفهم الإنتاج بأنه ليس سوى حاصل عدد براميل النفط.
< لقد نجت حتى الآن ملكيات ما بعد الاستعمار من طوفان الصراع على السلطة بفضل فائض الثروة ، ووقعت فيه الجمهوريات ليس بسبب فائض الفقر وحسب، بل بسبب تصادم المفهوم مع المتجذر من الثقافة، بمعنى أن الوعي الفردي والجمعي للثقافة كان ولا يزال تتنازعه سلطة الملك والإمام والشيخ والأب في لباس جمهوري.
< لذلك أعتقد أن التغير الحضاري حتمية ثقافية بالمقام الأول، بدليل أن عراق ما بعد صدام حسين ومع فائض الثروة لم يكشف حتى الآن سوى عن الأسوأ، ومن المؤشرات الأولية يبدو أيضاً أن التعويل على نسخ (أردوغانية) في مصر وسوريا واليمن في الآتي من السنوات ليس سوى حلم باهت أخشى أن يتبخر بفعل نار الثقافة الاجتماعية التي لا تزال في حمى دائرة القوى التقليدية في اليمن، وما يعادلها في التسمية والأداء في البلدان العربية الأخرى.
< عيداً سعيداً أتمناه للجميع وكل عام واليمن بخير.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:01 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-16287.htm