صنعاء نيوز - الخور والهور: مصطلحان عراقيان من المفردات السومرية العريقة, الأول يعني: منخفض مائي في عرض البحر, والثاني: يعني منخفض مائي في المستنقعات الرطبة,

الإثنين, 24-ديسمبر-2012
صنعاء نيوز/كاظم فنجان الحمامي -

الخور والهور والأرض البور


 


 


جريدة المستقبل العراقي


 


 




 


الخور والهور: مصطلحان عراقيان من المفردات السومرية العريقة, الأول يعني: منخفض مائي في عرض البحر, والثاني: يعني منخفض مائي في المستنقعات الرطبة, وشاءت التقلبات السياسية العنيفة وما رافقها من أطماع حدودية, وزحوفات جيولوجية, وظروف إقليمية ومحلية أن تتعرض أخوار العراق وأهواره إلى سلسلة متلاحقة من الأضرار الطبيعية والبشرية المباشرة, أسفرت عن تقليص رقعة المسطحات المائية العراقية في كل من الخور والهور, وتحولت الأرض المحصورة بينهما من الخصب إلى الجدب, فصار البوار امتدادا طبيعيا لظاهرة التصحر. .



لقد جاء قرار مجلس الأمن رقم (833) بصيغته التعسفية الظالمة ليمنح الكويت النصف الأعمق والأوسع من خور عبد الله, ثم زحفت الحقول النفطية البحرية لدول الجوار (الكويت وإيران) باتجاه خور الخفقة, مستغلة غياب فنار شط العرب الذي كان يرسم الحدود الخارجية لمياهنا الإقليمية شمال الخليج العرب, وادعت إيران في أكثر من مناسبة بعائدية خور (العمية) لتعزز جبهتها الحدودية الزاحفة نحو غرب شط العرب, فتقهقرت المياه البحرية العراقية, وتراجعت تدريجيا, لتنكمش وتتقلص وتتقزم, حتى تقوقعت في منطقة ضحلة, ليس لها إطلالة على البحر سوى نافذة بحرية ضيقة لا يزيد عرضها على (22) كيلومتر, تحددت في المسافة المحصورة بين العوامة الملاحية رقم (7) في شط العرب, والعوامة الملاحية رقم (7) في خور عبد الله, وربما ستتعرض إلى المزيد من الاختزال والانكماش في السنوات القادمة, وذلك في ظل الإهمال والتقصير والانشغال بالنزاعات الداخلية العقيمة. .



 



ولا تختلف الأوضاع الجغرافية والجيولوجية والسياسية في أهوار جنوب العراق, عن عوامل التجريف والتعرية والتزحيف والتجفيف, التي مرت بها الأخوار والممرات الملاحية المرتبطة ببحار الله الواسعة, وربما يطول بنا المقام لسرد مأساتها من الألف إلى الياء, لكننا أردنا أن نسلط الأضواء على السدة الترابية التي فكرت بها وزارة الموارد المائية العراقية, والتي ستقصم ظهر هور الحويزة, وتفصله إلى نصفين متناقضين, النصف الإيراني يرتوي من روافده الأحوازية, والنصف العراقي انقطعت صلته بالروافد الأحوازية, على أمل أن يرتوي من جداول نهر دجلة, ما يعني تنازل العراق عن حقوق هذا المستنقع المائي بالتزود من مصادرة الإروائية الطبيعية المنحدرة من الجبال الإيرانية (سلسلة جبال زاكروس), في الوقت الذي أقدمت فيه إيران على قطع روافد انهار الكرخة والكارون عن هور الحويزة, بينما فتحت بعض الثغرات في سدتها لتسمح بتدفق الملوثات النفطية ومياه الفضلات باتجاه الأهوار العراقية, وصادف أن انخفضت مناسيب المياه في الأنهار العراقية المغذية للهور, مثل نهر (المشرَّح), ونهر (الكحلاء), بسبب السداد والنواظم العملاقة, التي أقامتها تركيا في هضبة الأناضول, فحرمت العراق من حصته المائية التي أقرتها الأعراف والمواثيق الدولية. .



لقد تاجرت بعض الأطراف السياسية كثيرا بقضية أهوار جنوب العراق, وتظاهرت في المحافل الدولية والمحلية بالدفاع عن حقوق سكان الأهوار, فاستغلت أوضاعهم البيئية والمعيشية البائسة, واتخذتها قنطرة مؤقتة عبرت فوقها إلى ضفاف التكسب السياسي والإعلامي من دون أن تفكر في يوم من الأيام بتوفير ابسط مستلزمات الدعم والرعاية لسكان الأهوار, حتى صارت قضية الأهوار هي القضية المثارة دائما في مواسم الانتخابات, وهي القضية المثبتة على رأس أولويات الأجندات السياسية للأحزاب التي تتظاهر دائما بالتعاطف معهم, لكنها سرعان ما تختفي من أجندتها بعد انتهاء موسم الانتخابات, ثم تقفز لتعود للظهور مرة أخرى, فتحتل صدارة الأولويات في الانتخابات القادمة لتختفي من جديد, وهكذا دواليك, في الوقت الذي تتعرض فيه الأهوار لأبشع مظاهر التجفيف والتجريف بسبب جفاف منابعها وانقطاع مصادرها وموت جداولها, وستتحول في السنوات القليلة القادمة إلى منخفض عملاق يوازي منخفض حفر الباطن في الاتجاه, ويناظره في الظروف التكتونية والعوامل الجيمورفولوجية. .

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 02:26 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-18272.htm