الأحد, 27-يناير-2013
صنعاء نيوز - مجلس الأمن بصنعاء.. اللعب في اليمن خط أحمر صنعاء نيوز/مصطفى راجح -


من الحالات النادرة في التاريخ أن تتطابق مصالح جميع الأطراف الدولية مع المصلحة العامة لشعب من الشعوب، وحالة اليمن الآن نموذج استثنائي لتوافق المصلحتين الدولية والوطنية عند نقطة المصلحة الوطنية لليمن، وضرورة نجاح النموذج اليمني في نقل السلطة بما يحفظ لليمن وحدته وأمنه واستقراره.

أكثر من ذلك يمثّل نجاح المرحلة الانتقالية النموذج الناجع لكيفية الاستجابة الدولية لتطلُّعات الشعوب العربية للتغيير والدخول إلى نادي الدول الحرة وقيم العصر في الحرية والديمقراطية والتغيير، بدايةً بالتحرر من الديكتاتوريات التوريثية المؤبدة التي سدّت الآفاق أمام شعوبها وحار فيها المجتمع الدولي مثلما ضاقت بها الشعوب العربية.

يحمل اجتماع مجلس الأمن الدولي في صنعاء صباح هذا اليوم رسالة واضحة لأطراف عديدة، مفتتح هذه الرسائل هو الدعم اللا محدود للرئيس عبدربه منصور هادي وقراراته السابقة واللاحقة، وهو دعم مهم يكمل الدعم الشعبي اللا محدود للرئيس سواء بالخروج الكبير في 21 فبراير العام الماضي لانتخابه أم بالتأييد الواسع لقراراته في هيكلة الجيش والأمن وغيرها من القرارات.

ويأتي انتقال الإرادة الدولية إلى العاصمة اليمنية صنعاء في توقيت لا يخلو من الدلالة؛ أولاً لأنه يأتي عشية التحضير لمؤتمر الحوار الوطني المتوقّع الدعوة لانعقاده خلال الأيام القادمة بعد أن تستكمل الأطراف المعنية تسليم قوائم ممثليها في الفعالية الوطنية الكبرى، وثانياً لأنه يأتي والشعب اليمني بانتظار صدور قرارات التعيينات الجديدة في هيكل الجيش الجديد، وكذلك صدور قرارات الهيكلة للمؤسسة الأمنية، وكلاهما من المتوقع أن يصدرا خلال الأيام القادمة إن لم يكن خلال الساعات القليلة التالية للاجتماع الدولي في صنعاء.

من هنا يمكننا قراءة الرسالة الأقوى للمجتمع الدولي؛ أن اليمن خط أحمر، وأن المجتمع الدولي لن يسمح بأي لعب في اليمن، لا من قبل اللاعب الإقليمي الإيراني النشط هذه الأيام في اليمن لتعويض اهتزاز نفوذه في سوريا، ولا من قبل المعرقلين المحليين، سواء أكانوا أولئك الذين فقدوا هيمنتهم على السلطة أم الحراك الجنوني الذي اندفع في اتجاه استغلال المرحلة الانتقالية والذهاب بعيداً في التحالف مع اللاعب الإيراني الذي يلتقي معه في الهدف لتغيير الخارطة الجويوسياسية لليمن، وهو الهدف عينه الذي يتصادم مع مصلحة الشعب اليمني والإرادة الدولية، وكلاهما استوعبته المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة لنقل السلطة، وما اجتماع مجلس الأمن الدولي في صنعاء إلى تأكيد لهذا الإطار الذي استوعبته أيضاً قراراته الأممية الصادرة بشأن اليمن رقم 2014 والقرار 2051 الصادرة خلال عام الثورة 2011م.

مثلما تتلخّص مصلحة الشعب اليمني في نجاح نقل السلطة وهيكلة الجيش ونجاح مؤتمر الحوار الوطني بما يحفظ لليمن وحدته وأمنه واستقراره؛ جاء أيضاً مجلس الأمن ليعزز هذه المصلحة الوطنية والدولية، وهذه الرسالة تأتي في وقت حرج ولا مجال فيه لمزيد من المناورات والمخاتلة من قبل الأطراف المحلية التي تجدف ضد التيار الوطني والدولي، فإما أنها تستوعب الرسالة وتعيد النظر في اندفاعاتها الجنونية وتبحث عن مصلحتها في نقاط التقاطع مع الوطن والمجتمع الدولي، أو تواجه نتائج عبثها بالمصلحة العامة لليمنيين والمجتمع الدولي.

والواضح الآن هو أن مراكز قوى النظام القديم التي تواصل عرقلة اليمن في طريقها إلى النهاية، النهاية التي تفتح المجال لبناء الدولة الجديدة التي يُجمع عليها كل اليمنيين بقواهم السياسية وأحزابهم واتجاهاتهم والقوى المجتمعية والمدنية في عموم الساحة اليمنية.

ويمثّل مؤتمر الحوار الوطني فرصة تاريخية للخروج بقرارات إجماع وطني تنهي كل أسباب الأزمات التي عاشتها اليمن منذ الستينيات وحتى اليوم، وضمان عدم تكرارها.

إلى ذلك يعزّز الاجتماع الأممي في اليمن ضرورة صدور قانون العدالة الانتقالية الذي يتوافق مع قراري مجلس الأمن والمعايير الدولية للوصول إلى الحقيقة وجبر الضرر وإنصاف ضحايا الانتهاكات وإنهاء أسباب المظالم وعدم تكرار البيئة المنتجة للانتهاكات.

المجتمع الدولي يقول لكل اليمنيين ولكل الأطراف المعنية في الداخل واللاعبين في الخارج إنه مصمّم على مواصلة دعمه العملية السياسية لنقل السلطة حتى تحقيق كامل أهدافها؛ لأن ذلك يشكّل اختباراً لإرادة المجتمع الدولي كتجربة فريدة في العالم العربي، تجربة تلتقي فيها إرادة الشعب في التغيير والانعتاق من الديكتاتورية مع دور المجتمع الدولي ومصلحته، تجربة يمكن تعميمها في أكثر من مكان بعد استكمال المرحلة الانتقالية اليمنية
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 08:22 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.sanaanews.net/news-18914.htm