صنعاءنيوز/حميد الحظاء -
لا شك بأن المتابع لطبيعة العلاقة بين تكتل اللقاء المشترك الذي يضم خليطا من الأحزاب غير المتجانسة في رؤاها وتوجهاتها يدرك بأن عقد تلك العلاقة قد أنفرط فعليا، فلم يعد هناك ما يجمعها لا سيما بعد انقضاء المصلحة التي جمعت تلك الأحزاب في تكتل واحد وهي العداء للرئيس السابق علي عبدالله صالح والطمع في السيطرة على السلطة.. فبعد تسليمه السلطة لم يعد هناك شيء يجمعها ، خصوصاً وأن تجمع الإصلاح "الإخوان المسلمين" لن يقبل بأن ينازعه أحد في السلطة.
لذلك فإن هوه الخلافات فيما بينها في اتساع يوماً بعد آخر ، وما تصريحات قيادات الأحزاب المنضوية ضمن هذا التكتل بعدم وجود خلافات داخلية، إلا ذر للرماد على العيون، فبالرغم من المحاولات الفاشلة لقيادات في تجمع الإصلاح تصوير الوضع داخل المشترك بأنه "سمن على عسل" وأن هذا التحالف سيستمر نحو عشر سنوات قادمة إلا أن قيادات بارزة في الأحزاب الشريكة له خرجت مؤخراً عن صمتها، ووجهت انتقادات لاذعة لتجمع الإصلاح متهمة إياه بممارسة الإقصاء ضد الشركاء وسعيه للسيطرة الكاملة على السلطة معتمداً على قاعدة القبلية والعسكرية والدينية الكبيرة.. الخ
وعلى ما يبدو فإن حالة المواربه السياسية في الخطاب التي انتهجها حزب الإصلاح منذ تشكيل اللقاء المشترك قد انتهت إلى حالة من الهجوم دشنها عبر وسائل إعلامه ضد الحزب الاشتراكي بالتزامن مع تصاعد أعمال العنف في الجنوب والاتهامات الموجهة للإصلاح بتأجيجها والوقوف في وجه "الحراك الجنوبي" كخصم.
حيث أخذت مؤخراً تصريحات الجانبين "الاشتراكي والإصلاح" منحى تصاعدي في وسائل إعلام الجانبين، سبقتها حالة من الامتعاض في "إعلام الإصلاح" فيما يبدو رداً على افتتاحية صحيفة "الثوري" الناطقة باسم الحزب الاشتراكي الذي حمل عنوان" قسمة ضيزى"
والتي رد عليها الإصلاح من جانبه من خلال نشر موقع "الصحوة نت" تقريراً عما سماه "الاشتراكي وفقدان البوصلة" أعده مركز أبعاد القريب من الإصلاح والذي اتهم أعضاء اللجنة المركزية للاشتراكي بدعم موقف الأمانة العامة للحزب علناً، فيما غالبية أعضائها يتجنبون أي انتقاد لأخطاء الحراك الجنوبي بما فيه الحراك المسلح شعوراً منهم أن الجنوب سيذهب للإنفصال، وان ذلك سيساعدهم في حجز مكان في النظام الجنوبي القادم.
وأفصح تقرير "أبعاد" عن الغرض من وراء مهاجمة الحزب الاشتراكي على هذه الشاكلة حين قال: أن البعض من أعضاء مركزية الاشتراكي يستغل الأحداث لتشويه الشريك الحالي والخصم المتوقع حزب الإصلاح وأعضاءه في المؤسسات الحكومية بالذات في المحافظات الجنوبية دفعاً لإقالتهم والإحلال بدلهم لدعم "المشروع الانفصالي"
كما هاجم التقرير أيضاً القطاع الطلابي للاشتراكي وقال: أن غالبية قيادات فروع الحزب الاشتراكي تدعم الخيار الانفصالي ميدانياً وتورط البعض منهم في دعم العنف المسلح، معتبراً ان القطاع الطلابي لم يعد للحزب سيطرة عليه.
وتواصلاً لمسلسل التراشقات الإعلامية بين الطرفين أصدرت الأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني بيانا يوم أمس الأول بشأن أحداث العنف في مدينة عدن وبعض محافظات الجنوب حمل في طياته هجوم عنيف- كموقف رسمي- موجه لحزب الإصلاح وفي المقدمة محافظ عدن الإصلاحي، وذلك بعد أربعة أيام من هجوم افتتاحية الثوري ، التي خصت المحافظ بالاسم- بخلاف البيان –في هجومها العنيف عليه، معتبره أن محافظ عدن وحيد رشيد لم يتورع في خطابه الرسمي الأخير وبدا «وكأنه قد خلع حلته الرسمية ولبس حلة المحارب ليخاطب "المهزومين" والمقهورين والمطاردين بتلك اللغة المغمسة بقبح السنين الطويلة من القمع والقهر والفساد..الخ
حقيقة واقع الخلاف الكبير بين الإصلاح والاشتراكي الذي لم يعد مؤشراً اليوم بقدر ما أصبح حقيقة يعكسها مطالبة الاشتراكي بإقالة محافظ عدن الإصلاحي والقيادات الإدارية والأمنية والعسكرية وأيضا مطالبته بـ" إعلان موقف وطني شامل من العنف وأطرافه والمتسببين فيه والداعيين إليه . وتحويل من تسببوا في هذه الجرائم إلى القضاء" يكشف عن حقيقة تذمر الاشتراكي من الإصلاح وهو ما يبعث عن تساؤلات مشروعه عن المستقبل المجهول لتكتل المشترك واحتمالية انفراط عقدة
وترافق ظهور بيان أمانة عامة الاشتراكي مع تصريحات إعلامية بين قياديين بارزين في كلا الطرفين تطرق كلاً منها إلى مواقف صريحة تضمنت انتقاداً لاذعاً للطرف الآخر ومن ذلك تصريحات عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني "علي الصراري" التي حمل فيها "الإصلاح" ما حدث من أعمال عنف في الجنوب يوم 21 فبراير وطالب من خلالها بإقالة محافظ عدن الإصلاحي وحيد رشيد، والتي رد عليه في المقابل محمد عشال عضو مجلس الشورى المحسوب على حزب الإصلاح وقال بأنها تحمل بصمات الفصيل الانتهازي الذي رقص على جراحات الجنوب في العقود الماضية، مضيفاً فتاح يعيد نفسه في مثل هذه الأشكال الانتهازية.
إلا أن أعنف تلك التراشقات الإعلامية مقال رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي د. عيدروس النقيب الموسوم بـ" هل يضحي الإصلاح باللقاء المشترك" والذي شن من خلاله هجوماً عنيفاً على التجمع اليمني للإصلاح وعلى محافظ عدن محملاً إياه أحداث العنف الأخيرة في عدن حيث قال بأن المحافظ قد وضع نفسه ليس فقط في مواجهة مع الحراك السلمي بل ومع الجميع بدءا باللجنة الأمنية وأحزاب المشترك وانتهاء بكل مواطني عدن الذين اعتبروا احتفال المحافظ في 21 فبراير تزويرا لإرادتهم واستفزازا لمشاعرهم
وأضاف النقيب في مقاله بالقول: الحملة الموتورة التي دشنتها المواقع الإعلامية والالكترونية والمقروءة التابعة للتجمع اليمني للإصلاح ضد بعض أحزاب المشترك التي أدانت عملية القتل في عدن، وإصرار بعض قادة الإصلاح على أن الشهداء هم المذنبون وإن السيد المحافظ ليس سوى ضحية، وتصوير القتلى على إنهم شياطين رجماء، وأن القتلة ملائكة تعرضوا للعدوان يضع التجمع اليمني للإصلاح في موقع التساؤل: ما الفرق بين ما يفعله صاحبكم وبين ما كان يفعله وكلاء النظام الذي تقولون أنكم شاركتم في الثورة ضده؟
وقال: لا يمكن للتجمع اليمني للإصلاح أن يعيد ترميم صورته لدى أغلبية المواطنين الجنوبيين في ظل استمرار قياداته في الاحتفاظ بمنهوبات وغنائم حرب 1994م، والتصرف بها على إنها ثواب
واختتم النقيب مقالة متسائلاً بالقول: هل سيحتفظ التجمع اليمني للإصلاح باللقاء المشترك ويقر بفشله في اختيار محافظ عدن ويستبدله بمحافظ أكثر كفاءة وقبولا لدى أبناء عدن وأقل صدامية مع الناس أم أنه سيضحي باللقاء المشترك من أجل محافظ فشل في كل شيء حتى في توفير الماء والكهرباء في مدينة هي أول مدينة تعرف هاتين الخدمتين في جزيرة العرب؟
ورغم كشف النقيب عن سياسة المحاصصة في التعيينات ووقوف الإصلاح وراء اختيار محافظ عدن وقدرته على إقالة وفرض أي شخص متى شاء دون أي اعتبار لرئيس الجمهوري-ة.. إلا أن ذلك كشف عن واقع حدة الخلاف بين أحزاب التكتل.