صنعاء نيوز/ أحمد الحسني -
ننتظر الأسبوع القادم انطلاقة الحوار الوطني الذي يفترض أن يخرج منه اليمنيون بمصالحة وطنية ورؤية مشتركة للتعايش الآمن بينهم مستقبلاً يكفل الاستقرار في هذه البقعة الجغرافية، ويطمئن العالم على ما حولها من نفط وطرق ملاحة، وذلك مرهون بإنجاز الحلول لثلاث قضايا رئيسية تتصدر جدول أعمال المؤتمر هي: القضية الجنوبية، قضية صعدة لتحقيق المصالحة الوطنية وتجاوز الماضي، ودستور مدني يحدد شكل الدولة ونظامها السياسي ويحمي الحقوق والحريات العامة، ويكفل المساواة وتكافؤ الفرص لضمان التعايش الآمن. هناك متارس وفوهات مصوَّبة، وتخندقات مذهبية ومناطقية، وتجاذبات إقليمية ودولية، وانفلات أمني غير مسبوق، وفساد عام، واقتصاد منهار، وغياب شبه تام للدولة بكل قيمها ومحدداتها وأدائها، وأمام الحوار الوطني تحدٍّ يتجاوز كل ذلك.
الحوار الوطني هو الورقة الأخيرة التي ليس بعدها غير المعركة، فهل ما هو قائم يعكس الاستعداد الكافي لاستغلال هذه الفرصة والاستفادة من ورقة الحوار؟
هناك بيانات أممية تتضامن مع وحدة اليمن وأمنه واستقراره ووعود مانحين بتقديم بضعة مليارات لدعم الاقتصاد اليمني، بشروط أقلها إشراف السفير الأمريكي على وزارة الأوقاف، ومع هذا فالقليل وفى بالقليل من القليل الذي تعهد به، والقليل كالكثير لن يحقق شيئاً دون إرادة أطراف الحوار، بالأمس فشل لقاء دبي مع جنوبيي الخارج وغاب عنه الممثلون الحقيقيون للشارع الجنوبي في الداخل، وبالمجمل لم تتخذ أي خطوة تهيئ الجنوب للدخول في الحوار وأنفق الوقت والجهد على إقناع القادة التاريخيين في الخارج الذين لا أرضية لهم.
أما حراك الداخل صاحب القرار الحقيقي، فقد أوكلت مهمة التحاور معهم إلى رجل من أقصى المغرب نزل ليهدد عاطلين عن العمل بعقوبات اقتصادية من مجلس الأمن، لم يتم شيء من النقاط العشرين ولم تفعل لجنة معالجة قضايا المبعدين والمتقاعدين والأراضي، ولم يطلق المعتقلون من أبناء الجنوب، لم يتول أحد مداواة جرحاهم ولا رعاية أسر قتلاهم وعلى العكس من ذلك اعتقل آخرون ونزلت مليشيا الإصلاح للتعاون مع المحافظ على قتل جنوبيين جدد وجرح جدد.
فهل ستحل القضية الجنوبية بالحوار مع وحيد رشيد وإنصاف مايو، وهل في رفع صورة الشيخ عبدالله حسين الأحمر رأب الصدع وترسيخ الوحدة الوطنية؟!
الشيء الذي نجح فيه بن عمر في لقاء دبي مع قادة الجنوب السابقين هو تدويل القضية الجنوبية، وتجاهل أصحابها الجنوبيين، كما أن رفع أعلام الوحدة على جثث 15 قتيلاً ومائة جريح قد أضاف المترددين من أبناء الجنوب، وحتى الوحدويين إلى صف الانفصال.
انعقاد الحوار في عدن لن يحافظ على الوحدة ما لم يكن ممثلو الشارع الجنوبي الحقيقيون حاضرين فيه، ولن يحضروا إلا بعد تقديم بوادر حسن نوايا ومعالجات حقيقية لقضايا المواطنين الجنوبيين وفق الإمكانات المتاحة.
المطلوب هو الصدق في التعاطي مع المشكلة، وليس الالتفاف عليها.
إنه وطن نخسره.. وإذا فشل الحوار في هذا فلن ينجح إلا في رفع شارة البدء بالمعركة.